* بعض مؤسسات الدولة لم تكن تحترم القرارات القضائية وهذا "غير معقول" أكد رئيس الجمهورية، رئيس المجلس الأعلى للقضاء السيد عبد المجيد تبون، الأحد بالجزائر العاصمة، حرصه على إعطاء السلطة القضائية "المكانة المميزة التي تستحقها". وقال السيد تبون في كلمة له خلال إشرافه على افتتاح السنة القضائية 2021-2022 بمقر المحكمة العليا، أن إشرافه على هذه المراسم هو "إعادة إحياء سنة حميدة تكرست في تقاليد الدولة وعرف المؤسسة القضائية"، مشيرا إلى أن هذه المناسبة هي "فرصة لأؤكد حرصي على إعطاء السلطة القضائية المكانة المميزة التي تستحقها". وأضاف أن هذه المناسبة هي فرصة أيضا للوقوف على "الأشواط والإنجازات التي حققها قطاع العدالة والتذكير بالأهداف المنشودة ورسم المعالم المستقبلية التي نسعى لتحقيقها واستكمال بناء دولة الحق والقانون وتكريس دعائم سلطة قضائية قوية، مستقلة وناجعة، تعزز ثقة المواطن بالدولة وتولد الشعور لديه بالأمان والطمأنينة". وتابع رئيس الجمهورية بالقول: "تعهدت أمام الله وأمام الشعب الجزائري كله، غداة منحي ثقته في الانتخابات الرئاسية، بتحقيق مطالبه وطموحاته المشروعة، من أجل إحداث تغيير شامل وحقيقي يسمح بتقويم وطني وإعطاء انطلاقة جديدة لبلادنا ويتيح له العيش في جزائر ديمقراطية مزدهرة وفية لقيم ثورة الفاتح من نوفمبر 1954 ورسالة الشهداء الأبرار". وأوضح أن هذا المسعى "استوجب إحداث تغيير شامل وحقيقي يسمح بتقويم البناء الوطني"، مضيفا أنه لأجل إنجاح هذا المسار "توجب علينا احترام المراحل والسير بخطى ثابتة"، بدأت ب"التعديل الدستوري الذي زكاه الشعب"، ثم الشروع بعدها في "بناء الصرح المؤسساتي الجديد، ابتداء بتنظيم انتخابات تشريعية لاختيار الشعب ممثليه في المجلس الشعبي الوطني". وشدد بهذا الصدد، على أن الدولة حرصت خلال الانتخابات التشريعية "كل الحرص، على إبعاد أصحاب المال الفاسد من التغلغل فيه (المجلس الشعبي الوطني) من خلال إعادة النظر في النظام الانتخابي، بهدف أخلقة الحياة السياسية وإبعاد تأثيرالمال الفاسد على المسار الانتخابي وفسح المجال للشباب وتقديم كل الدعم لهم للمشاركة في صناعة القرار". وفي سياق متصل، أكد الرئيس تبون على ضرورة "احترام أحكام القضاء والسهر على تنفيذها من قبل الجميع، مهما كانت مكانتهم في هرم الدولة، ودون استثناء"، مشددا على أن تنفيذ الأحكام هو "شرط أساسي وجوهري نابع من سيادة الشعب، على اعتبار أن الأحكام القضائية تصدر باسم الشعب الجزائري وهي تجسد عمليا روح القانون ومقاصد المشرع من خلال القوانين التي صوت عليها ممثلو الشعب". وفي هذا الإطار، تساءل رئيس الجمهورية عن "فائدة سن النصوص القانونية وإصدار الأحكام القضائية، إذا لم تنفذ بأسرع وقت ممكن، ليسترجع كل ذي حق حقه وينتفع به"، وأكد أن هذه "الظاهرة كانت في بعض مؤسسات الدولة، سواء كانت اقتصادية أو إدارية، حيث لم يكن يحترم قرار القاضي"، معتبرا أن هذا الأمر "غير معقول"، واستطرد بالقول: "لا يمكن بناء دولة قانون، إذا صدر قرار لفائدة المواطن ولم يأخذ حقه، فأين هي إذن دولة الحق والقانون". وإلى ذلك، أشار السيد تبون إلى أن الإصلاحات التي شهدها قطاع العدالة "سمحت بمنح جميع صلاحيات تسيير شؤون القضاة للمجلس الأعلى للقضاء الذي أصبح يتشكل في أغلبه من قضاة منتخبين من قبل زملائهم، كما حظي التمثيل النقابي للقضاة بالتمثيل في هذا المجلس"، لافتا إلى أن هذه "سابقة تعبر عن حرصنا على توفير الحماية للقاضي وتعبد الطريق لاستقلالية السلطة التي ينتمي إليها". وقال رئيس الجمهورية أن كل هاته "الضمانات ستتجسد بصدور القانون العضوي المتضمن القانون الأساسي للقضاء والقانون العضوي المتعلق بالمجلس الأعلى للقضاء"، وأمر الحكومة ب"الإسراع في دراسة هذين القانونين في القريب العاجل قصد عرضهما على البرلمان". للإشارة، قام رئيس الجمهورية عقب الإعلان الرسمي عن افتتاح السنة القضائية، بأخذ صورة تذكارية مع أعضاء المجلس الأعلى للقضاء، رفقة كل من وزير العدل حافظ الأختام عبد الرشيد طبي ورئيس المحكمة العليا الطاهر ماموني. وكانت مراسم الافتتاح جرت بحضور رئيس مجلس الأمة، صالح قوجيل، رئيس المجلس الشعبي الوطني، إبراهيم بوغالي، الوزير الأول، وزير المالية أيمن بن عبد الرحمان، رئيس المجلس الدستوري، كمال فنيش، رئيس أركان الجيش الوطني الشعبي الفريق السعيد شنقريحة، ووزير العدل حافظ الأختام عبد الرشيد طبي، إلى جانب عدد من أعضاء الحكومة ومستشاري رئيس الجمهورية والمسؤولين السامين وإطارات قطاع العدالة. ويواجه قطاع العدالة عديد الرهانات والتحديات التي رسم أطرها العامة التعديل الدستوري لسنة 2020 الذي بادر به رئيس الجمهورية، السيد عبد المجيد تبون، والرامية إلى تعزيز وتعميق استقلالية السلطة القضائية وإرساء قواعد أكثر متانة لعملها وطرق تسييرها. ويعمل القطاع حاليا من أجل تكييف النصوص القانونية مع الدستور، على غرار مراجعة القانونين العضويين المتعلقين بالقانون الأساسي للقضاء والمجلس الأعلى للقضاء، بالإضافة إلى مراجعة مدونة أخلاقيات مهنة القاضي ووظيفة التفتيش القضائي، مع إنشاء الأقطاب المتخصصة في القضايا الاقتصادية والمالية ومحاربة الجرائم السيبرانية. وتعمل الوزارة على القيام بإصلاح شامل للعدالة وتحديثها بواسطة تعميم الرقمنة ومراجعة أساليب العمل، بهدف إضفاء مزيد من الشفافية في تسيير المرافق القضائية قصد إرساء عدالة عصرية تقوم على أساس معايير النوعية والفعالية لصون الحقوق والحريات وضمان سلامة الأشخاص والممتلكات.