تساهم الجزائر، باعتبارها ترأس حاليا المجلس التنفيذي للمجلس الوزاري العربي للمياه، بشكل فاعل في تجسيد الاستراتيجية العربية للأمن المائي. وقد تناولت اجتماعات اللجنة التقنية الاستشارية للمجلس -التي عقدت شهر نوفمبر 2021- العديد من المواضيع أهمها متابعة مدى تنفيذ الخطة التنفيذية لاستراتيجية الأمن المائي في المنطقة العربية لمواجهة التحديات والمتطلبات المستقبلية للتنمية المستدامة ومناقشة خطة التنمية المستدامة 2030 فيما يخص المياه. وتعتمد الاستراتيجية العربية للأمن المائي على التنسيق الوطني والتنسيق بين القطاعات للتكفل الأمثل بمشكل التبذير في نظم الري التقليدية الكثيرة الاستهلاك لهاته المادة، حيث يتطلب ذلك إلزام المزارعين بنظم الري الحديثة، مع التمويل اللازم لإنشاء مثل هذه الشبكات و اللجوء إلى معالجة المياه المستخدمة، سواء في الزراعة (التي تستهلك 80 بالمائة من المياه) أو الصناعة بشكل خاص. ومن بين محاور هذه الخطة ادخال الحلول المبتكرة على غرار اكتساب التكنولوجيات الجديدة و استخدام الطاقة الشمسية في تشغيل محطات تحلية مياه البحر والتي تعد كأحد الحلول الهامة في مواجهة شح المياه، وهي مستخدمة إلى حد ما في دول الخليج. وينتج الوطن العربي قرابة 50 % من المياه المحلاة في العالم، حيث تعد السعودية أكبر منتج بنسبة تفوق 22 بالمئة. وعلى العموم، تتطلب المشاريع الرامية الى تغطية الطلب المتزايد على المياه في المنطقة العربية خلال الفترة 2015-2025، نحو 200 مليار دولار كتمويلات تحتاجها البنية التحتية. وتنفق حكومات المنطقة العربية على قطاع المياه بين 7ر1 بالمائة و 6ر3 بالمائة من ناتجها المحلي الإجمالي. ..تجسيد نظرة موحدة في المنطقة العربية لمواجهة شح المياه تواصل الدول العربية سعيها لضمان أمنها المائي من خلال العمل على تبني نظرة موحدة قوامها التعاون في حماية الموارد الموجودة والاستثمار في الحلول المبتكرة وتحسين تمويل مشاريع حشد وتسيير المياه. ولا يزال نقص وندرة المياه في المنطقة العربية يشكل تحديا كبيرا للتنمية ككل، إذ يؤثر مباشرة على الأمن المائي ما ينعكس بدوره سلبا على الأمن الغذائي وأمن الطاقة والتنمية الاقتصادية والصحة بل يرتبط ارتباطا مباشرا بالأمن الوطني والإقليمي. فحسب التقرير العربي الموحد لعام 2020، تقدر كميات المياه المتاحة في المنطقة العربية بحوالي 274 مليار م3 كمياه سطحية (أنهار داخلية، أو انهار مشتركة تنبع من خارج المنطقة). كما تبلغ المياه المتاحة من المصادر الجوفية ومن تحلية مياه البحر نحو 62 مليار متر مكعب، بينما تبلغ نسبة استغلال المياه المتجددة سنويا داخل المنطقة العربية 77 بالمائة. لكن، لا يزال 37 مليون شخص في أرياف الدول العربية يفتقرون إلى خدمات مياه الشرب الأساسية مقارنة ب 13 مليون شخص في المدن، وهو واقع مرده بالأساس التزايد السكاني المتسارع و النمو العمراني غير المدروس ناهيك عن تزايد استهلاك القطاعات الزراعية والصناعية والخدمات. وتعرف الأممالمتحدة الأمن المائي بأنه "ضمان إمداد السكان المستدام بكميات كافية من المياه ذات الجودة المقبولة لاستدامة سبل المعيشة ورفاه الإنسان والتنمية الاجتماعية والاقتصادية ولضمان الحماية من التلوث عن طريق المياه والكوارث المتعلقة بالمياه والحفاظ على النظم الإيكولوجية في مناخ من السلام والاستقرار السياسي". فوفقا للأمم المتحدة، توجد 17 دولة من أصل 22 دولة عربية تعيش على خط الفقر المائي، بينها 12 دولة تحت هذا الخط، و16 دولة عربية مهددة بالجفاف بحلول سنة 2040 من أصل 33 دولة حول العالم هي الأكثر فقرا من حيث هذا المورد الحيوي الذي سيزيد الطلب عليه بحلول 2040 ب50 بالمئة، في حين سيزيد الطلب على الطاقة بنحو 25 بالمئة فقط. وأمام هذا الوضع، أطلقت الدول العربية سنة 2010 "الاستراتيجية العربية للأمن المائي في أفق 2030" وهي تمثل نظرة موحدة هدفها الوصول الى الاستخدام الأمثل للموارد المائية المتاحة بجميع أنواعها وتوفير المياه الصالحة للشرب بما يتماشى وأهداف الألفية للتنمية وحماية الموارد المائية من التلوث والاستنزاف، وحماية الحقوق المائية العربية في المياه المشتركة مع الدول غير العربية.