عادت مناسبة عيد العمال، أمس، على الطبقة الشغيلة بالجزائر ولم تحمل معها أي جديد بالنسبة للعامل الجزائري الذي يسبح عكس التيار، ويتخبط في أمواج غلاء المعيشة، وانهيار القدرة الشرائية، وسط غياب لافت للسلطات المعنية التي أوكل لها مهمة التحكم، وإجراء موازنة بين الأجر الذي يتقاضاه والقدرة الشرائية والمعيشة اليومية. لم تستطع الزيادات الشكلية لأجور العمال التي أقرتها الثلاثية في فك لغز المعيشة، التي تتجه تدريجيا للتعقيد، بل قابلها العمال البسطاء باستهزاء، باعتبارها أنها "لا تسمن ولا تغني من جوع"، وأن رفع الأجر القاعدي إلى 15000 دينار لن يخفف عن معاناة العامل والموظف، بسبب ارتفاع تكاليف المعيشة، بالإضافة إلى أن الزيادات امتصها التهاب أسعار الخضر والمواد الواسعة الاستهلاك، بالإضافة إلى بعض المواد الأخرى، كمواد البناء مثلا، الأمر الذي يطرح التساؤل عن جدوى إقرار زيادات غير مدروسة، مادامت لم تفلح في إنقاذ المسار التنازلي للقدرة الشرائية، ولا تغطي الارتفاع المتزايد للمعيشة؟. إن وضعية العامل الجزائري عموما، والموظف خصوصا، لا تبعث بالارتياح اليوم، وهذا بشهادة خبراء اقتصاديين، وإن إصلاح أوضاعه المهنية والاجتماعية بات رهانا يؤرق الحكومة، وانشغالا يقلق السلطات والعمال في آن واحد، وما الارتفاع غير المسبوق للاحتجاجات والإضرابات لأكبر دليل على ذلك، حيث لا يكاد يمر يوم دون أن تسجل الساحة الوطنية انتفاضا للعمال بسبب تدني أوضاعهم المهنية والاجتماعية، وتأخر صدور قوانينهم الأساسية، حتى أضحت الاحتجاجات شبه مألوفة. كما زاد قرار الحكومة في إلغاء القروض الاستهلاكية من تعقيد المتاعب اليومية للمواطن والعامل، بغض النظر عن أهداف الحكومة الايجابية في مضمونها. إن الحكومة اليوم، مطالبة بالتحرك لإيجاد صيغة بديلة للتكفل بانشغالات العمال، وتحسين المعيشة اليومية، لإطفاء فتيل الاحتجاجات، التي أصبح يعول عليها المواطن، ويعتمدها كوسيلة ضغط لتحقيق مطالبه.