ضمن منشوراتها، أصدرت الهيئة العربية للمسرح كتاباً جديداً ضمن سلسة ترجمة بعنوان "فاطمة قالير- خمس مسرحيات"، و هو كتاب يقع في مائتين وخمس وسبعين صفحة، ضم بين دفتيه ترجمة لخمس مسرحيات للكاتبة الجزائرية عن أصل النصوص المكتوبة بالفرنسية. ومن ضمن النصوص التي ترجمة للكاتبة "فاطمة قالير و التي جاءت ضمن هذه السلسلة نذكر نص "الأميرات" الذي قامت بترجمته الدكتورة جميلة مصطفى الزقاي، ويعد هذا النص سيرة ذاتية لكل امرأة مغاربية آثرت الهجرة بذاتها إلى الضفة الأخرى مناشدة منها الاحتفاء بهذه الأنا المتمردة على أوجاعها وأناتها، بطلة هذا النص استحقت هذه المرتبة البورجوازية "الأميرة" على إثر صمودها وتحديها ومقاومتها للآخر الذي أضحى ابن جلدتها، وأصبح يراها تارة عميلة للغالب وخادمة له وتارة هادمة للأعراف وناكرة للدين والعقيدة، أما النص الثاني الذي تضمنته هذه السلسلة هو"الحلقة الذكورية" ترجمته أعدتها الدكتورة أنوال طامر من جامعة وهران، نص يعالج قضية "الختان" الذي كان من ضمن التهم التي حوكمت لأجله بطلة النص لأنها اقترنت بأجنبي فلم تهده للإسلام، آثرت تناول هذا الموضوع وكأن هذا النص استمرار للوتيرة السردية الحكائية التي أصرت الكاتبة على أن تناقش إشكاليتها بجرأة فائقة إلى تفاصيل العمل المنجز، بلغة جريئة وطرح قوي، كما تضمنت السلسلة نص "الضرائر" الذي قامت بترجمته الدكتورة جميلة الزقاي هذه المسرحية هي عبارة عن كوميديا تناولت قصة رجل أراد أن يعيد الزواج مرة ثانية بسبب عقم زوجته الأولى، فيصبح بعد ذلك أبا لسبع بنات فيريد أن يعيد الزواج مرة ثالثة لعله يرزق بوريث ذكر، لكن النساء كن بالمرصاد لهذا القدر القاسي الذي جعلهن لا يبتعدن عن الدواب، لم يكن لهن غير العمل الشاق في النسيج ورعاية الزوج والإنجاب وطاعة الحماة بجسارتها وسيطرتها وتدخلها في كل صغيرة وكبيرة. وعالجت الكاتبة فاطمة قالير في نصها ريم الغزالة الذي ترجمته الاستاذة جازية فرقاني موضوع الجنازة في الأعراف الجزائرية، فكانت عينها رقيبة على أدق التفاصيل التي تسهم في إعداد جنازة تكون أهلا لعراقة الأسرة وفي مقام الفقيدة التي كانت "أمّاً" متفردة الحضور ذات هيبة ووقار بين قومها وهذا ما أدى بخادماتها وكل عشيرتها يشق عليهم فراقها. ولم يكن السارد غير صوت الكاتبة وأناها وهي ترافق أمها إلى مثواها الأخير، لتعود إلى فرنسا بضمير مرتاح بعدما بكت الأم والوطن، فلم تعد –بحسبها-مدينةً لهما بأي شيء. "وتبدو أشجار الخرنوب من بعيد" هو أخر نص جاء ضمن هذه السلسلة وترجم من طرف الأستاذة حفيظة قاسمي يختلف عن باقي النصوص لأنه تنصل من "أنا" الكاتبة ولم تكن طرفا بارزا به مثلما كانت بباقي النصوص، وإن كان هذا التنصل نسبيا لأن الكاتبة تورطت في إدانة ثلة من القضايا التي ترهق بيئة المرأة الجزائرية، يتعايش فيه التركيب اللغوي بما يحويه من نحويات وبلاغيات مخضبة بجرأة أنثى تعي ما تقول وتعشق البوح الممنوع. الجدير بالذكر، الدكتورة فاطمة قالير ابنة مدينة الجسور المعلقة، هي (دراماتورج) كاتبة نصوص مسرحية، جزائرية فرنسية خريجة جامعة الجزائر العاصمة متحصلة على ليسانس في الأدب الفرنسي، وفي السينما عن جامعة فانسون الفرنسية، كتبت ما يزيد عن عشرين نصاً مسرحياً تمت ترجمتها إلى لغات كثيرة. فازت بجائزة أرليتي سنة 1990، وجائزة كاتب ياسين ومالك حداد عن مركز نور الدين عبة سنة 1993 وجائزة أميك من الأكاديمية الفرنسية سنة 1994 عن مجموع أعمالها المسرحية. هذا علاوة عن الكثير من جوائز التقدير التي نالتها عن أعمالها الإبداعية وهي أحد أعضاء الأكاديمية الدولية للكتاب الدراميين لشاتيون.. كما تحصلت على منحة من بومارشي ومنحة أخرى عن المركز الوطني للكتاب سنة 2005.