كان قسم الترجمة بكلية اللغات والآداب بجامعة الجزائر، أول أمس، على موعد مع مناقشة رسالة دكتوراه في الترجمة بعنوان «إشكالية الخلفية الثقافية والاجتماعية في ترجمة النص الأدبي: دراسة تحليلية مقارنة لثلاث ترجمات لرواية ''نجمة'' لكاتب ياسين». الرسالة قدمتها الباحثة حضرية يوسفي وتحصلت على الشهادة بتقدير مشرف جدا مع تهنئة خاصة من اللجنة التي أشرفت على المناقشة والتي تألفت من أسماء لها حضور في مجال الترجمة بالجزائر يتقدمهم الأستاذ سليم بابا اعمر من جامعة الجزائر والأستاذ رابح دوب من جامعة قسنطينة والأستاذة جازية فرقاني من جامعة وهران والأستاذة فريال فيلالي من جامعة الجزائر والأستاذة باني عميري من جامعة الجزائر أيضا. الرسالة التي طرحت موضوعا جديدا ومتميزا عالجت أهمية الاقتراب من بيئة مؤلف النص الأصلي والإحاطة بانتمائه الثقافي والاجتماعي كشرط رئيس لتقديم ترجمة لا تطمس هوية النص الأصلي وخصوصياته من خلال الحفاظ على ما يصنع تفرده ممثلا في الألفاظ الثقافية والاجتماعية. وتمثلت مدونة البحث في الترجمات التي وقعتها أقلام مثل السورية ملكة أبيض العيسى، والتونسي محمد قوبعة، والجزائري السعيد بوطاجين، وثلاثتهم يشتركون في الانتماء العربي ويتباعدون من حيث الخصوصيات المحلية الثقافية والاجتماعية واللهجية. من هذا المنظور، ركز البحث الأكاديمي على تساؤلات هامة مثل: هل استمع المترجمون لصوت الهوية الصادح في رواية «نجمة»؟ وهل احترموا رمزية الألفاظ والشواهد الثقافية والاجتماعية التي صنعت بصمتها المحلية؟ وإلى أي مدى كانت انتماءاتهم الثقافية والاجتماعية عاملا مساعدا في استيعاب الرمزية الطاغية في هذه الرواية؟ وهل استطاعوا هز القارئ العربي كما هز كاتب ياسين قارئ اللغة الفرنسية من أجل إبراز هاجس الهوية الذي سكن الرواية شكلا ومضمونا؟ وتكمن أهمية هذا البحث في إبراز البعد الثقافي الذي ازداد حضورا في الترجمة، وبالخصوص ابتداء من تسعينيات القرن الماضي، فأعطى الأصوات التي طالما كبتتها نزعة التعصب الغربي في الترجمة حقها في التعبير عن الذات. كما تكمن في أن «نجمة»، الرواية التي أسست لعهد جديد في تاريخ الرواية الجزائرية المكتوبة باللغة الفرنسية واختارت التمرد على أساليب الكتابة الكولونيالية هي رواية هوية بامتياز، كتبت وصيغت باللغة الفرنسية لكنها تبقى نصا عربيا إلى حد النخاع يستحيل الحكم عليها بأمانة إذا فصلناها عن الخلفية التي تنتمي إليها باعتراف ناشرها الفرنسي نفسه. هذا النص الإبداعي استعار حروف اللغة الفرنسية ونفخ فيها روحا جزائرية، ومنه كان لزاما على مترجمها انتهاج استراتيجية الاسترجاع التي لا بديل عنها كما ذهب إليه المرحوم عمار بلحسن باعتبارها السبيل الوحيد في العودة بالنص إلى حاضنته الأولى. للإشارة، فإن الدكتورة حضرية يوسفي إطار دولة حاليا، صحفية متمرسة، لها أكثر من 22 سنة خبرة في مجال الصحافة والإعلام، قضت جزء هاما منها بعميدة الصحف الوطنية جريدة «الشعب»، ترجمت إلى حد الآن خمسة (05) كتب معظمها في مجال التاريخ.