* عندما يقرر الفنان الاعتزال فهو بذلك سيعلن عن وفاته ارتبط اسمه بالحصة الفكاهية "أعصاب وأوتار" التي رافقت شهر رمضان على مدار ربع قرن، التحق بالعمل في التلفزيون الجزائري سنة 1970 كمساعد مخرج، أول عمل كوميدي له كان سنة 1971 تحت عنوان "رمضان والناس"، ثم "مغامرات جحا". وفي سنة 1972 أنتج أول فيلم مطول بعنوان "السخاب" الذي مثل الجزائر في مهرجان براغ عام 1975، لتنفتح الأبواب أمامه لتقديم أعمال متنوعة منها "القطار"، "الشهادة "، "الألم" وهو ثاني فيلم مطول له حول الثورة التحريرية وحوادث ماي 1945، ثم فيلم "حيزية "الذي يروي القصة التراثية الشهيرة، له مسلسل تلفيزيوني "البذرة"، هو المخرج محمد حازورلي الذي كشف ل "الحياة العربية" في حواره معها عن تفصيل مشواره الفني وعن الواقع الذي تشهده السينما الجزائرية اليوم. حاورته: نسرين أحمد زواوي عدت إلى السينما بعد ما اعتزلت لمدة طويلة بفلمين "حلم النسور" و"الدخلاء" الذي لقي انتقادات عديدة من الوسط السينمائي والصحافة؟ فعلا، اعتزلت الساحة السينمائية لأكثر من خمسة سنوات، وقرار اعتزالي جاء بعد الصدمات التي وجهتها في مسيراتي الفنية وأكثر ما آلمني هو التجاهل الذي قبلت به رغم نجاح معظم الأعمال التي قدمتها سينمائيا وتلفزيونيا، ففي بلدنا بقاءك في الساحة مرتبط بموازين أخرى لا علاقة لها بالمهنية والفن وليس كما هو متفق عليه بالكفاءة والخبرة والمصداقية، وعندما يقرر الفنان الاعتزال فهو بذلك سيعلن عن وفاته، وما أعادني للسينما هو حب الجمهور وسؤالهم الدائم عن أعمالي، وعمليا أعادني الأمير عبد القادر الذي كان مضمون فيلم "حلم النسور" فحلمي كان انجاز عملا سينمائيا لهذه الشخصية. وماذا عن فيلم "الدخلاء" والانتقادات التي وجهت له؟ هناك أشخاص يرفضون فكرة النجاح، النقد اللاذع الذي وجه للدخلاء لم يكن موجه للفيلم بل كان موجه لشخصي رغبة منهم في كسر رغبة الإبداع عندي، ودليل على ذلك أن معظم ما قيل عن الفيلم سواء في الصحافة أومن أصحاب المجال لم يتناول الجانب التقني والفني، بقدر ما هاجمت لشخصي، فهناك أشخاص ساهموا في انجاز هذا العمل حاولوا أن يتدخلوا في الإخراج وعندما فشلوا في تحقيق مرادهم، فعلقوا ذلك على الفيلم مستغلين بذلك الصحافة، الفيلم جاء بصناعة جزائرية مائة بالمائة، 60 بالمائة من طاقمه كان من الشباب منهم من يشارك لأول مرة في عمل سينمائي، تركيز واهتمامي في هذا العمل الذي لم تتجاوز ميزانيته 12 مليار كان هو تكوين الشباب وصقل مواهبهم. لكن هناك انتقادات وجهت لموضوع الفيلم الذي أعطى صورة ثانية للسينما الثورية؟ لا اعتقد ذلك، لأن الفيلم كغيره من الأفلام التاريخية التي جسدت الثورة التحريرية، فمستحيل انه يمر دون أن يتعرض لهجوم ممن يعتبرون أنفسهم صناع الثورة. هل السينما الثورية قدمت ما عليها اتجاه الثورة الجزائرية؟ رغم ما أنتج من أعمال إلى غاية الآن فإن الثورة الجزائرية لم تنل حظها بعد، وذلك بالنظر إلى كثرة الأحداث التي شهدتها الثورة التحريرية، والتي ميزها الكفاح المسلح وبطولات الشهداء والمجاهدين، لكن علينا أن نعترف ببعض التجارب الذي قدمها ممن ساهموا في التعريف بالقضية الجزائرية والثورة التحريرية على غرار روني فوتييه ووبيار وكلودين شولي وجمال شاندرلي الذين استغلوا السينما من أجل التعريف بالقضية الجزائرية. .. كيف تنظر إلى الساحة السينمائية في الجزائر؟ الرداءة طغت على الساحة السينمائية، طبعا لا اقلل من مستوى بعض الأعمال التي حققت نجاحا داخل وخارج الوطن، لكن هناك أعمال أرى أنها تافهة في مضمونها، لأن المتفرج لا ينتظر منا تقديم دروسا في الأخلاق، بل يطلب منا تقديم وجهة نظر ناقدة للأوضاع الاجتماعية التي يعيشها، يجب علينا الارتقاء بذوق المتفرج الجزائري الذي يملك اليوم خيارات متعددة، علينا أن نستلهم من واقعه، ومن همومه وأفراحه يجب أن يكون ما يقدم مستمدّا من عمق المجتمع الجزائري وموروثه الثقافي وبمسؤولية في الكتابة، كما أن المركزية التي يفرضها التلفزيوني وقرارات الإنتاج ساهمت في تدني مستوى الأعمال التي أصبحت حكرا على أسماء معينة. ما هي الحلول التي تقترحها للخروج من لباس الرداءة؟ أولا يجب عدم استصغار الجمهور الجزائري، وعدم استسهال المواضيع التي يجب تناولها لان الجمهور الجزائري ذواق للسينما ويعرف ماذا يريد، فلا بدا علينا أن نعود وأن نتكلم مع جمهورنا باللغة والصورة التي يفهمها، ولا بدا أن يكون طرحنا مستلهما من واقعنا في كل الأعمال المقدمة سواء كانت تلفزيونية أوسينمائية، كما يجب الابتعاد عن الجهوية والمركزية في اتخاذ القرارات والإنتاج، كما يجب علينا أن نستغل كل قدراتنا ونمنح الفرصة للأحسن والأجدر، وسأستغل فرصة لقاءكم لدعوة المسؤولين لإنشاء مدينة للإنتاج من شأنها أن تسهل ظروف العمل التي يواجهها المخرجين والمنتجين، وحتى نزيد من احترافية العمل السينمائي لأننا نعمل بصعوبة خاصة فيما يتعلق بالأعمال التاريخية التي تتطلب العودة إلى الماضي. هناك من يقترح بفتح المجال أمام الإنتاج المشترك، إلى أي مدى يمكن أن يدعم ذلك السينما الجزائرية؟ إنتاج مشترك يعني فتح المجال لتجارب جديدة من العالم العربي أو الغربي، يعني مد جسور التواصل في التعاون وفي تبادل الخبرات، واعتقد لو نستلهم هذه الفكرة في الأفلام التاريخية أعتقد أننا سنحقق نجاحا باهرا، لأنه سيجمع الكفاءات من كل البلدان، فهناك بلدان مختصة في الديكور، وهناك من هي مختصة في الصورة، والتقنيات وغيرها فبجمع هذه الكفاءات يمكن أن نقدم عملا فنيا محترفا. .. كلمتك الأخيرة؟ أريد أن أوجه احترامي للجمهور الجزائري، الذي كان وسيبقى أخر اهتمامي، لان رضاه هو سر نجاحي وبقائي في الساحة الفنية، أتمنى أن أقدر مواصلة الدرب لتقديم له كل ما هو أفضل، وللسينما الجزائرية التي تستحق منا العمل للارتقاء بها عالميا وليس عربيا فقط.