بعد أن كانت الأمور في الأيام الماضية أخوية للغاية بين لاعبي تونسوالجزائر إلى درجة أنهم تناولوا وجبة العشاء على طاولة واحدة سهرة الأحد الماضي، عادت الجدية وأجواء التركيز 24 ساعة قبل اللقاء الذي جرى أمس من خلال عدم التقاء لاعبي الفريقين مطلقا حيث تم الفصل بينهم على الأقل من أجل ضمان تركيز اللاعبين على هدفهم ومن أجل خلق الحماس الكافي الذي تخوّف البعض من أن يُقتل من خلال تواجد الكل جنبا إلى جنب.... لاعبو “الخضر” صعدوا إلى غرفهم بعد العشاء وكان لاعبو “الخضر” قد عادوا من آخر حصة تدريبية لهم في ملعب الخرطوم في حدود الساعة السابعة ونصف بينما كانت عناصر منتخب تونس في قاعة استقبال الفندق بصدد متابعة القنوات الإخبارية ومستجدات الوضع في ليبيا، وصعد رفقاء دلهوم إلى غرفهم وأخذوا حماماهم قبل أن يتوجهوا إلى الجناح الخاص بهم في المطعم ويتناولوا وجبة العشاء وبداية من الساعة الثامنة ونصف كان الجميع في غرفهم. لاعبو تونس تناولوا العشاء بعدهم وفي مكان آخر وتناول لاعبو تونس وجبة العشاء متأخرين نوعا ما في مكان آخر غير جناح “الخضر” وكان ذلك في حدود الثامنة مساء، قبل أن يتوجهوا إلى قاعة “البيار” وتنس الطاولة بينما بقي بعضهم في الاستقبال، وبالتالي لم يلتقوا مطلقا بلاعبي “الخضر” الذين يقيمون في الطابقين الثالث والسادس فيما يقيم التونسيون في الطابقين الرابع والتاسع. رفقاء البلبولي سهروا حتى الساعة الحادية عشر ليلا وفي الوقت الذي تواجد المدرب الطرابلسي في غرفته مبكرا فإن مساعده نزار خنفير وبعض المرافقين للمنتخب بقوا ساهرين، وهو الشأن نفسه بالنسبة لمجموعة من اللاعبين التوانسة على غرار أيمن عبد النور والحارس الثاني بن مصطفى إضافة إلى الحارس والقائد البلبولي وكل هؤلاء رفقة مجموعة أخرى كانت في قاعة التسلية ولم تصعد إلى غرفها إلا في الحادية عشر ليلا. بن شيخة بقي مع بعض الصحفيين التوانسة وبعدما صعد كل لاعبي “الخضر” إلى غرفهم فضّل المدرب بن شيخة رفقة مساعده شعيب البقاء في قاعة الاستقبال لمتابعة برامج قناة “الجزيرة” وجديد الوضع في ليبيا، حيث تألم مثل الجميع لما وقع للأبرياء في بنغازي وكان الحديث عن المدربين الجزائريين الذين يعملون هناك متمنيا أن يكونوا خير، حصل كل هذا بتواجد صحفيي القناة الوطنية التونسية (تونس 7 سابقا) الذين يعرفون بن شيخة منذ إشرافه على تدريب النادي الإفريقي. فاجأ صحفيا تونسيا لما قال له “مبروك عليكم” وسأل صحفي قناة تونس الوطنية عبد الخالق السعداوي (مناصر للإفريقي) بن شيخة عن تكهنه بشأن نتيجة مباراة أمس فرد عليه بالقول “مبروك عليكم”، وهو ما أضحك الصحفي وذكّره بلغة الخطاب الذكية التي كان يعتمد عليها بن شيخة في تنويم لمنافسيه قبل المباريات في البطولة التونسية ولاسيما “الداربيات“ هوو ما مكّنه من تحقيق نتائج كبيرة، حيث رد عليه الصحفي التونسي: “أعرفك جيدا وحديثك بهذه الطريقة سيجعلني أحسب ألف حساب”. اللاعبون لم يلتقوا إلا أمس والسبب الرغبة في خلق التحفيز للجميع ولم يلتق لاعبو المنتخبين حتى منتصف نهار أمس أين التقت بعض العناصر في الوقت الذي كان الكل في عزلة ليلة اللقاء على الأقل من أجل التركيز بما فيه كفاية وللتأكيد على قيمة هذه المباراة، لأن بقاء اللاعبين جنبا إلى جنب مع بعضهم من شأنه أن يقلل من أهمية المباراة أو يفقد اللاعبين (من المنتخبين) التحفيز الذي حاول مسؤولو المنتخبين خلقه بالنظر لأن المباراة نصف نهائية مؤدية إلى النهائي وعلى قيمة كبيرة في دورة يريدها التونسيون لأجل ثورتهم والجزائريون لأجل ثورة لاعبي البطولة الوطنية. ------- بن شيخة يتألم لأحداث ليبيا تسمر الناخب الوطني عبد الحق بن شيخة سهرة أمس، أمام الشاشة الكبرى لبهو فندق كورال لمشاهدة قناة الجزيرة الإخبارية، مبديا حسرته على الصور الحزينة والأخبار الأليمة التي تنقلها القناة القطرية عن الوضع في بلد عمر المختار، وتمنى أن تزول الغمة عن هذا الشعب الشقيق الذي يعرف... الكثير من الأصدقاء هناك. على غرار ابن القذافي الأكبر محمد الذي أشاد بن شيخة بأخلاقه وأكد أنه يختلف تماما عن بقية أشقائه، وأضاف أنه كان دائما في استقبال بعثات الخضر ولم يتردد في تحيتهم وتهنئتهم بالتأهل لهذه البطولة على حساب منتخب بلاده في طرابلس شهر أفريل من العام الماضي. ... ويتذكر الساعدي القذافي في زيارته ل 20 أوت وفي حديثه مع “الهداف“ سهرة المباراة وفي معرض الحديث عن ليبيا وأبناء القذافي، تذكر المدرب عبد الحق بن شيخة الابن الآخر ل “الزعيم” الليبي الساعدي، الذي زار الجزائر كلاعب في نادي الأهلي الليبي لمواجهة شباب بلوزداد الذي كان بن شيخة مدربا له برسم الدور الأول من رابطة أبطال إفريقيا، وكان محاطا برجال الأمن والحرس الخاص به الذي منع كل محاولة للاقتراب منه في ملعب 20 أوت، بعد مباراة عرفت فوزا بلوزداديا صريحا بثائية من توقيع باجي وطاليس قبل أسبوعين من مباراة العودة، والتي انتهت بتعادل إيجابي مع هدف أكثر من رائع برأسية علي موسى. يتساءل رفقة شعيب عن أحوال المدربين الجزائريين هناك وجر الحديث عن ليبيا وثورتها بن شيخة ومساعده محمد شعيب للتساؤل عن أحوال المدربين الجزائريين الذين يعملون هناك، وذكر شعيب صديقه بلعرج الذي كان يتصل به في الأيام الأولى من البطولة، فيما ذكر بن شيخة المدرب السابق لتلمسان فؤاد بوعلي وتمنى أن يكون بخير. كما تساءل شعيب عن أحوال اللاعب السابق لنصر حسين داي مزجري، الذي قال إنه صار ليبيا أكثر منه جزائريا مادام مستقرا هناك منذ ثلاثين سنة على الأقل. مصباح ويبدة اتصلا ببن شيخة وشجعاه في مواجهة تونس وبعيدا عن أحداث ليبيا، تلقى المدرب بن شيخة العديد من الاتصالات من لاعبي المنتخب الوطني الأول، وذكر بن شيخة لاعب ليتشي مصباح ولاعب نابولي يبدة اللذان تمنيا له حظا موفقا في مواجهة تونس. وعبر بن شيخة في حديثنا معه على ارتياحه بخصوص العودة القوية للعناصر الدولية، خاصة بعد توفق مصباح في التهديف أمام جوفنتوس وجبور مع ناديه أولمبياكوس وتألق يبدة مع نابولي وغيرهم من اللاعبين، وأعتبر ذلك مؤشرا جيدا يضاف لما يحققه المحليون هنا في السودان. بن شيخة لم ينس وقفة العنانبة معه لما كان في الإفريقي بعدها تطرقنا رفقة المدرب الوطني للحديث عن مباراة المغرب في عنابة، حيث كشف بن شيخة أنه يعول كثيرا على الجمهور العنابي في هذه المباراة، وهو الذي لم ينس مساندتهم له لما كان مدربا للإفريقي حيث قال: “لن أنسى وقفة العنابيين معي الذين كانوا يتنقلون كل يوم أحد رافعين الأعلام الجزائرية من أجل تشجيع النادي الإفريقي لأجلي”. بدوره أكد محمد شعيب أن عنابة تمثل له ذكريات جميلة وهو الذي دافع عن ألوان الإتحاد موسم 1986-1987، وكان حسبه أفضل موسم في تاريخ النادي الذي كان بإمكانه التتويج باللقب. مشرارة وحداج وصلا صبيحة اللقاء أهمية المباراة بين الجزائروتونس، جعلت بعض الوجوه الكروية الجزائرية يشدّون الرحال إلى الخرطوم من أجل حضورها، في صورة رئيس الرابطة الوطنية محمد مشرارة، رئيس الإتحادية الجزائرية لكرة القدم السابق وعضو “الفاف” حاليا عبد الحميد حداج، اللذان وصلا صبيحة اللقاء، حيث أبيا إلا أن يكونا إلى جانب “الخضر” في هذه المباراة الهامة التي تابعاها سويا من المنصّة الشرفية، وتجدر الإشارة فقط إلى أنّ مشرارة وحداج كان من المقرر وصولهما أوّل أمس، غير أنهما ولارتباطات شخصية وصلا صبيحة أمس. تنظيم محكم للقاء مقارنة بالمباريات الفارطة يبدو أنّ المنظمين قد اكتسبوا خبرة مع مرور مباريات “الشان”، بدليل أنّ مباراة الدور نصف النهائي التي جمعت الجزائروتونس عرفت تنظيما محكما هو الأفضل حتى الآن مقارنة باللقاءات الفارطة حسب الملاحظين والإعلاميين الحاضرين هنا في السودان، وإذا كان دخول الأنصار إلى الملعب، وتواجدهم في المدرجات قد عرفا تنظيما جيدا، فإن الأمر كذلك بالنسبة للضيوف في المنصة الشرفية، والأمر نفسه أيضا بالنسبة للإعلاميين الذين خصصت لهم بطاقات اعتماد جديدة خاصة بهذه المباراة، كما أن المدخل الخاص بهم، والذي كانت تعمّه الفوضى في المباريات السابقة، أحترم هذه المرة بعد أن خصص لدخول الإعلاميين وفقط لا الغرباء مثلما حدث في السابق. تعزيزات أمنية معتبرة عرفت المباراة تعزيزات أمنية معتبرة حتى لا نقول مشدّدة، إذ أن عدد رجال الشرطة كان كبيرا جدّا إذا ما قارناه بعددهم في لقاءات أخرى مضت، ولا ندري ما السبب الذي جعل المنظمين يستنجدون بهذا الكم الهائل من رجال الأمن بما أن الأمر يتعلق بمباراة تجمع بلدين شقيقين تفصلهما الحدود وفقط. تشكيلة المباريات السابقة هي التي نفسها لعبت كما كان متوقّعا جدّد الناخب بن شيخة الثقة في التشكيلة نفسها التي سبق أن اعتمد عليها في اللقاءات الأربعة الفارطة، والظاهر أن نجاح عناصر تلك التشكيلة في قيادة “الخضر” إلى المربع الذهبي هو ما جعل “الجنرال” يعتمد عليها مجددا، حيث جدد الثقة في مفتاح على الجهة اليمنى رغم ترشيح البعض لحشود، وجدد ثقته في جاليت رغم ما ضيعه هذا الأخير من فرض في اللقاءات الماضية، كما أبقى على مسعود أساسيا رغم المنافسة الشرسة بينه وبين حاج عيسى. بن شيخة لا يغيّر تشكيلة تفوز ولا يهوى التغيير لطالما قيل عن بن شيخة إنه مدرب يحب التغيير كثيرا، ولا يستقر على تركيبة بشرية، وأنه مدرب يهوى استبدال اللاعبين من لقاء لآخر، غير أن التجربة هنا في السودان تؤكد عكس ذلك، بل تثبت أن “الجنرال” لا يغير تشكيلة تفوز مهما حصل، ولا يهوى التغيير من أجل التغيير وفقط، والدليل على ذلك أن أغلبية العناصر الأساسية التي اعتمد عليها في “الشان” هي نفسها التي انطلقت معه في هذا المنتخب المحلي من نقطة الصفر. ثاني مباراة ل “الخضر“ أمام جمهور غفير تعدّ مباراة تونس، ثاني المباريات التي خاضها “الخضر” منذ انطلاق الدورة أمام مدرجات ممتلئة، فبعد أن واجه أشبال بن شيخة السودان في ظل حضور جمهور قياسي، ها هم يواجهون تونس أمام جماهير غفيرة أيضا، وهو ما يعود إلى أهمية المباراة بين منتخبين عريقين في القارة السمراء استقطبا إليهما اهتمام كافة السودانيين.حرارة لم تتعد 30 درجة لعبت المباراة تحت درجة حرارة لم تفق الثلاثين، وهي درجة وحتى إن كانت مرتفعة بعض الشيء، إلا أنها لم تؤثر كثيرا على اللاعبين فوق الميدان بما أن درجة الرطوبة كانت منخفضة من جهة، وبما أنهم لعبوا من قبل تحت درجة حرارة أكبر من تلك التي كانت أمس، وكان ذلك في لقاء الجولة الأولى أمام أوغندا عندما كادت تقارب الحرارة، الدرجة الأربعين. كاوة يصاب “بعين صحيحة” أصيب مدرب الحراس عبد النور كاوة بإصابة على مستوى العضلات المقربة في الحصة التدريبية عشية المباراة، حيث اضطر الحارس السابق للمولودية إلى علاج الإصابة ولم يفهم سبب الإصابة التي لم يسبق له التعرض لها عندما كان لاعبا، وقد أرجع بن شيخة الإصابة التي تعرض لها مساعده إلى “عين الصحفيين” الذين ظلوا حسبه يثنون على لياقة كاوة البدنية رغم أنه في سن 65 وهي تهمة تقبلها الصحفيون بصدر رحب. شعيب كان قلقًا قبل المباراة بدا شعيب جد قلق قبل انطلاق المباراة خلافا للمدرب بن شيخة الذي كان يبدو مرتاحا قبل مواجهة تونس، ونفس الحالة كان عليها مدرب الحراس كاوة ما يعكس قيمة المباراة بالنسبة لشعيب الذي تسلّل إليه الضغط على غرار اللاعبين بالنظر إلى قيمة الرهان.