نشرت : المصدر جريدة الشروق الأحد 20 نوفمبر 2016 11:43 اهتزت العاصمة، مساء الجمعة، في حدود الساعة التاسعة ليلا، وتحديدا بالشطر المسمى "أس" على مستوى الطريق السريع الرابط بين زرالدة وبن عكنون، على وقع حادث انهيار أرضي خطير، أسفر عن سقوط خمس سيارات داخل حفرة كبيرة مخلفا إصابة 11 شخصا بجروح متفاوتة. وروى شهود عيان ل "الشروق" ممن مروا عبر ذلك الطريق السريع أنهم مروا من ذلك الجزء لحظات قليلة فقط قبل انهياره المفاجئ، لينهار جزء كبير من الطريق مباشرة، ما دفعهم إلى توقيف مركبتهم من أجل التنقل إلى النقطة التي انهارت أين لاحظوا سقوط سيارات في حفرة فاق عمقها أربعة أمتار، وهي ممتلئة بكميات معتبرة من الماء، مشيرين إلى أنهم سمعوا صراخ أصحاب المركبات الذين طالبوا بالنجدة وهم في وضعية نفسية سيئة، ورعب كبير. هكذا "انشقت" الأرض في ليلة "رعب" ببن عكنون! وقال متحدثون إن مجموعة متطوعين تدخلوا لنجدة المصابين وانتشالهم من الحفرة لتلتحق بعدها مصالح الحماية المدنية ومصالح الأمن والسلطات المعنية، يتقدمهم والي العاصمة، عبد القادر زوخ، قبل غلق الطريق مخافة من امتداد الانهيار الأمني واتخاذا إجراءات السلامة والأمن، حيث سخرت مصالح الحماية المدنية حسب ما أفادنا به المكلف بالإعلام بالمديرية المحلية للعاصمة، خالد بن خلف الله، سبع شاحنات وعددا من المركبات لانتشال المصابين والمركبات، مع تدعيمهم بفرق التدخل الخاصة بالأمن والمتخصصين في انتشال الضحايا من تحت الأنقاض حيث تم نقلهم إلى مستشفيي بني مسوس وسليم زميرلي. جرحى ل "الشروق": عدنا إلى الحياة بعدما كنا في عداد الموتى ولحسن الحظ أن المصابين لم يتعرضوا لجروح خطيرة، إلا أن الحادث خلف أثرا معنويا بالغا جراء الرعب، حيث اعترف أحد المصابين في الحادث بأنه لا يزال تحت الصدمة لهول الكارثة، مشيرا إلى أنه كان يسير بشكل عادي ليتفاجأ بسقوط سيارته في حفرة عميقة قبل سقوط عدة مركبات.. وأردف قائلا: "ظننت حينها أنني لن أكون في عداد الأحياء والحمد لله لم يقع لي أي مكروه"، مضيفا: "لكنني بكل صراحة لم أستفق إلى حد اللحظة من هول ما رأيت". وأمام خطورة الوضع ومخاوف المسؤولين من امتداد الانهيار الأرضي نحو الجهة المجاورة، تم غلق الطريق السريع كليا من طرف مصالح الأمن مع وصول موكب الوالي زوخ والمدير العام للحماية المدنية، حيث أمر والي العاصمة، مسؤولي مديرية الأشغال العمومية والموارد المائية بضرورة معالجة المشكل سريعا وإعادة الوضع إلى حاله وإصلاح الطريق قبل 48 ساعة. وعليه، سارعت مصالح الأمن إلى تغيير محور الطريق السريع للقادمين من زرالدة باتجاه الدار البيضاء نحو محور عين الله– العاشور. ازدحام بكل الاتجاهات.. والعاصمة "تغرق" في حفرة وشهدت طرقات العاصمة السبت، حالة ازدحام "رهيبة" نتيجة غلق الطريق السريع وإجبار أصحاب المركبات على اتخاذ المحور المؤدي نحو عين الله ودالي إبراهيم، ولم يقتصر الأمر على المسالك التي لها صلة بالطريق السريع بل امتد عبر جميع نواحي غرب العاصمة، حيث استلزم على أصحاب المركبات قضاء ساعات بالطريق للوصول إلى منازلهم أو مقرات عملهم أو قضاء حوائجهم، رغم أن نهار أمس صادف عطلة نهاية الأسبوع التي تخف فيها حركة المرور. وموازاة مع ذلك، لاحظت "الشروق" خلال زيارتها إلى عين المكان، عشرات الشاحنات والآليات والعمال التابعين لمديرية الأشغال العمومية ومؤسسة سيال و"أسروت"، تم تسخيرهم لردم الحفرة في ظرف وجيز وتهيئة الطريق مجددا، كما تم تحويل أجزاء الطريق إلى "قاعدة حياة" لإنهاء الأشغال الطارئة قبل صبيحة اليوم خاصة أن ذات الطريق السريع يشهد يوميا ازدحاما مروريا رهيبا.
مدير الموارد المائية لولاية الجزائر: الحفرة سببها انفجار القناة الرئيسية للمياه المستعملة قال مدير الموارد المائية لولاية الجزائر، إسماعيل عميروش، إن السبب الأولي للانهيار الأرضي هو انفجار القناة الرئيسية للصرف الصحي، وما زاد تأثيرا السقوط الكبير للأمطار، ما أثر بشكل مباشر على المنطقة، مشيرا إلى أن مصالحه سارعت إلى تحويل القنوات خارج الطريق السريع من أجل السماح لمصالح مديرية الأشغال العمومية بردم الحفرة وتزفيتها لتصبح في وضعها السابق، مشيرا إلى أن المصالح المختصة فتحت تحقيقا معمقا لمعرفة الأسباب الحقيقية للحادث. العميد فيلالي: هكذا تدخلت الشرطة قامت مصالح أمن ولاية الجزائر بالتدخل مباشرة، تنفيذا لتعليمات رئيس أمن ولاية الجزائر، مراقب الشرطة براشدي نور الدين، بعد حادثة بن عكنون، من خلال تأمين المكان وإبعاد الفضوليين، مع تحويل الحركة المرورية عبر مختلف الاتجاهات، لتسهيل وصول مصالح الحماية المدنية على وجه السرعة للقيام بمهام الإسعاف، حيث قاموا بإجلاء المصابين، وتحويلهم إلى المستشفيات، ليتم استخراج السيارات من الحفرة بمشاركة شاحنات الشرطة. بالمقابل، أكد عميد شرطة فيلالي محمد، رئيس المصلحة الولائية للأمن العمومي لولاية الجزائر، السبت في تصريح ل "الشروق"، أنه تم فتح طريق اجتنابي لتسهيل السيولة المرورية، كما أن وحدات الشرطة تعمل بتوجيه من هيليكوبتر مزود بكاميرا متطورة لتحديد النقاط السوداء، حتى "نسهل الأمور على السائقين". لهبيري ل"الشروق": 11 جريحا.. الحصيلة النهائية أكد المدير العام للحماية المدنية العقيد مصطفى لهبيري، السبت، ل"الشروق"، أن الحصيلة النهائية لانهيار التربة بلغت 11 جريحا "6 رجال و5 نساء"، موضحا أن الانهيار الذي وقع الجمعة، في الساعة التاسعة ليلا وست دقائق على مستوى الطريق الوطني الرابط بين بن عكنون وزرالدة، تسبب في حدوث حفرة بلغ عمقها نحو 4 أمتار وعرضها 6 أمتار وطولها 4 أمتار، ما أدى إلى سقوط 5 سيارات بداخلها. وقد تم إجلاء الأشخاص المصابين إلى كل من مستشفى بني مسوس وبن عكنون وسليم زميرلي، وبئر طرارية بالعاصمة.
"الشروق" رافقته بموقع الحادث.. وزير النقل والأشغال العمومية: هذه هي الأسباب الحقيقية لإنجراف التربة كشف بوجمعة طلعي، وزير النقل والأشغال العمومية، أن السبب الرئيسي لانهيار جزء من الطريق السريع في بن عكنون، يعود إلى انفجار قناة الصرف الصحي، التي تعود إلى العهد الاستعماري، المعروفة ب"ضيقها"، ما تسبب في إصابة 11 شخصا إثر سقوط 5 سيارات. وقال طلعي ل "الشروق"، السبت، في مكان الحادث، إن القنوات المصنوعة من الفولاذ قديمة جدا وتعود أساسا إلى العهد الاستعماري، وانفجرت بعد الأمطار الغزيرة التي شهدتها العاصمة مؤخرا، موازاة مع أشغال لتجديدها، ما أدى إلى انهيار التربة. وقال وزير الأشغال العمومية إن عملية إصلاح قناة الصرف الصحي متواصلة، مؤكدا أن القناة تم ردمها بالخرسانة وتحويل حركة المياه متواصل، مضيفا أن مصالحه ستشرع في عملية ردم الحفرة بعد الانتهاء من تصليح قناة صرف المياه والطريق ستفتح انطلاقا من ظهيرة اليوم. وكانت "الشروق" قد رافقت بوجمعة طلعي، وزير النقل، في حدود الساعة الثامنة من صبيحة أمس، إلى مكان الحادث، حيث وقفنا على أشغال ردم الحفرة. ووجه طلعي تعليمات إلى المسؤولين المشرفين، يأمرهم فيها بضرورة ردم الحفرة، مشيرا إلى أن الطريق لابد أن يعود كما كان في أسرع وقت ممكن. كما قال الوزير لأحد التقنيين إن الأشغال متأخرة بساعة كاملة، وهذا ليس في صالح المواطنين.
البروفسور زيتوني أستاذ ميكانيك التربة بجامعة البليدة ل "الشروق": الإنهيار سببه فراغات في عمق الأرض أو أقبية صناعية نفى البروفسور زين العابدين زيتوني، مهندس في الأشغال العمومية، أستاذ ميكانيك التربة بمعهد الهندسة المدنية بجامعة البليدة، في اتصال ب "الشروق"، أن تكون مياه الأمطار سببا رئيسيا في انهيار التربة على مستوى الطريق الوطني الرابط بين بن عكنون وزرالدة، حيث أكد أن أسبابا أخرى تكون وراء ذلك وأن التجارب هي التي تؤكد حقائق هذا الانهيار. وأوضح البروفسور زيتوني أن الانهيار إما أن يكون سببه وجود مغارات في عمق التربة، أو فراغات طبيعية ناتجة عن تربة "كاروستية"، ما يسمى باللاتينية "كارست"، وهي تربة تذوب بعد تغلغل المياه داخلها فتترك فراغات تسبب انهيارا. وقد يكون حسب زيتوني، السبب الأقرب هو وجود أقبية أو مغارات اصطناعية تسبب فيها العنصر البشري، وهذا بفعل قنوات صرف المياه أو لأهداف أخرى، وقال إن المياه لا يمكن أن تكون سببا وحده لانجراف التربة في حالة الطريق السريع ببن عكنون. ودعا الخبير السلطات المعنية إلى تعيين مكتب دراسات مختص في التربة لكي يقوم بعمل تقني جاد قبل إنشاء هياكل ومشاريع أو طرقات أو جسور، ويرى أن الكثير من طرقات السيارات أنجزت قبل دراسات أولية من طرف خبراء أكفاء، وأنه اليوم، حسبه، يجب أن يُترك الأمر للخبراء المختصين لتحديد أسباب حدوث انهيار للتربة.
مدير الأشغال العمومية ل "الشروق": لا خطر على مستعملي الطريق السريع بن عكنون - زرالدة كشف عبد الرحمان رحماني مدير الأشغال العمومية بولاية الجزائر، أن سبب انهيار جزء من الطريق، جاء بعد انفجار قناة الصرف الصحي التي تعود إلى العهد الاستعماري. وأكد رحماني في تصريح ل"الشروق"، أنه بعد الأمطار الأخيرة انفجرت القنوات الفولاذية مما أدي إلى انهيار التربة من تحت الطريق، مضيفا أنه بعد الانهيار تمّ اتخاذ إجراءات سريعة لتحديد الأسباب الحقيقية، ليتم تحديدها على الساعة الرابعة من صباح السبت، وقال "بعدها عملنا على إيجاد الحلول اللازمة لذلك، حيث قمنا بردم قناة الصرف الصحي بالخرسانة وتم تحويل حركة المياه وإصلاح قناة الصرف". وأكد نفس المسؤول أن مصالحه استعملت آليات خاصة لإزالة الجزء العمودي والأفقي للحفرة وهذا لتسهيل مهمة ردمها. وبخصوص عملية الردم أكد رحماني أنه تم الاستعانة ببعض خبراء الأشغال العمومية وكذا تسخير أكثر من 200 عون من أجل العملية وفتح الطريق جزئيا إلى غاية عودته للنشاط بشكل طبيعي. وعن إمكانية اتساع الحفرة إلى الجانب الأخر من الطريق السريع، أكد مدير الأشغال العمومية أنه لا يوجد خطر على مستعملي الطريق السريع، وقال "الحفرة لن تتسع والانجراف لن يشكل خطرا لأن المصالح المختصة اتخذت كافة الإجراءات الوقائية".