في وقت رافقت نصف بعثة “الهدّاف“ المنتخب الوطني إلى العاصمة الإيرلندية “دبلن” من أجل تغطية مباراة “الخضر” أمام منتخب إيرلندا هذه الأمسية، اضطر النصف الآخر من البعثة التي غطت تربص “سويسرا” إلى العودة إلى أرض الوطن من أجل التقاط قليل من أنفاسها قبيل تربص ألمانيا ونهائيات كأس العالم بجنوب إفريقيا، ومن الصدف أن رحلة عودتنا أمس إلى أرض الوطن تزامنت وعودة الحارس الدولي محمد أمين زماموش الذي كما هو معلوم كان الحارس الذي وقع إجماع أعضاء الطاقم الفني على إبعاده، ما جعلنا نقف على الحالة النفسية السيئة التي كان عليها حارس رائد ترتيب البطولة الوطنية وأكبر مرشح لنيل لقبها مولودية الجزائر. لم يرد أن يضيف أي كلمة فوق ما قاله لنا في سويسرا تواجد زماموش معنا في نفس الرحلة مساء أمس، جعلنا نقترب منه مجدّدا كي نخوض في القرار الذي اتخذه سعدان بإبعاده، لكنه رفض أن يضيف أي كلمة على الكلام الذي قاله لنا هناك في “سويسرا” فور صدور قرار إبعاده، وهو ما يعود ربما إلى قرارات صادرة من طرف المسؤولين على مستوى المنتخب، بمنعه من الإدلاء بأي تصريح قد يربك تحضيرات المنتخب لاسيما في حال ما إذا انتقد فيه الناخب سعدان، فتقبلنا قراره واكتفينا بالحوار القصير الذي أجريناه معه في سويسرا. ظل منفردًا مع أعوان الأمن في مطار جنيف ولعل ما يؤكد أن زماموش كان في حالة نفسية سيئة إن لم نقل مزرية هو انفراده في إحدى زوايا مطار جنيف دون أن يحدّث أي أحد من الجزائريين الذين كانوا يتأهبون للعودة إلى أرض الوطن، سواء تعلّق الأمر برجال الإعلام الذين غطوا تربص المنتخب في “كرانس مونتانا”، أو بكل المواطنين الذي أتوا إلى أرض الوطن لقضاء عطلة الصيف رفقة الأهل، وفضّل زماموش أن يكتفي بالمكوث رفقة أعوان الأمن الذين عادوا إلى الجزائر هم أيضًا، على أمل التنقل من جديد إلى ألمانيا مع مطلع الأسبوع المقبل. ملامح التأثر بدت واضحة على مُحيّاه وعلى غرار مغني الذي بكى حرقة وتحسر لقرار إبعاده بعد أن تأكد بأن الإصابة التي يعاني منها لا يمكن له أن يشفى منها إلا بعد الخضوع لعملية جراحية، فإن علامات التأثر والحسرة بدت واضحة على محيّا الحارس محمد زماموش الذي بدا لنا شارد الذهن في مطار جنيف، ما يؤكد أنه تأثر كثيرا لقرار الإبعاد، وهو أمر منطقي لأن الأمر لا يتعلق بالإبعاد من المشاركة في مباراة من المباريات الودية أو حتى الرسمية، بل من تحقيق حلم يراود أي طفل صغير عندما يشرع في مداعبة الكرة، ألا وهو حلم المشاركة في المونديال. حجزوا له في الدرجة الأولى حتى يبقى منفردًا وبغية إبعاده عن رجال الإعلام وعن ضغط الجزائريين الذين كانوا على متن الرحلة، تفطّنت “الفاف” لذلك مسبقا، وقامت بالحجز له ضمن الدرجة الأولى، ما جعله بعيدا عن الأعين إلى غاية الوصول إلى أرض الوطن. مضيفو الطائرة ظلوا يواسونه غير أن ذلك لم يجعله بعيدا عن كل ما هو جزائري، لأن مضيفي ومضيفات الطائرة التابعة للخطوط الجوية الجزائرية، كانوا على مقربة منه في كل لحظة، وظلوا يواسونه في كل مرة، ويرفعون من معنوياته المنحطة، وهي الالتفاتة التي استحسنها زماموش وجعلته ينسى ولو مؤقتًا صدمة الإبعاد عن “المونديال”. وجد مساندة مطلقة لدى وصوله مطار هواري بومدين وفور وصولنا إلى مطار هواري بومدين وجد زماموش المساندة من طرف كل الجزائريين الذي تعرّفوا عليه، سواء كانوا أعوان أمن، أو رجال شرطة، أو مواطنين جزائريين كانوا يتأهبون للسفر أو عادوا من سفرية ما، حيث ظل الكل يقترب منه للرفع من معنوياته وتشجيعه، على مضاعفة مجهوداته كي يعود مجدّدا إلى صفوف المنتخب الوطني، لاسيما وأنه لا زال شابًا وكل المستقبل أمامه.