يمتلك جيل اليوم من الأطفال مهارات متقدمة في استخدام الأنترنت بدرجة تفوق أولياءهم، فالشبكة العنكبوتية صارت المدرسة الجديدة التي يتعلمون فيها من دون رقابة أو إرشاد، أمور تؤثر على تشكيل شخصياتهم وسلوكهم مستقبلا، خاصة إذا تعلق الأمر بمشاهدة المواقع الإباحية، أو التعرض إلى مخاطر الاستغلال الجنسي. آمنة بولعلوة أقدم مجمع اتصالات الجزائر بإطلاقه حلا رقابيا للأولياء، من تمكين الأطفال الإبحار بكل أمان على شبكة الأنترنت من خلال برنامج "في أمان"المجاني الذي يسهل تركيبه في الحواسيب والألواح الإلكترونية، والذي يتضمن فقط قائمة المواقع المسموحة من طرف الأولياء. الأمر الذي سبق وأن دعت له وزيرة البريد وتكنولوجيات الإعلام والاتصال فاطمة الزهراء دردوري، حيث دعت الأولياء مؤخرا إلى الإقبال على استعمال برنامج " في أمان " الخاص بمراقبة استعمال الأطفال للأنترنت في البيوت، ملفتة إلى أن الحصول على البرنامج الذي صممته مؤسسة اتصالات الجزائر لأول مرة يقدم بالمجان، لكن إلى أي مدى تم تطبيق هذا الإجراء الرقابي في الأوساط الجزائرية، وهل تنفع هذه البرامج بوجود الهواتف الذكية التي حلت محل الحواسيب، والتي من الصعب إخضاعها لأي نوع من الرقابة.
أولياء يعترفون: فشلنا أمام التكنولوجيا يعترف أغلب الأولياء اليوم بأن تطور التكنولوجيا قد تجاوز حدود رقابتهم وسيطرتهم، فمهما اجتهدوا لن يتمكنوا من السيطرة على إبحار أبنائهم في الشبكة العنكبوتية، ففي زمن" الويفي " يقول مراد: "من الصعب جدا إخضاع الأطفال للرقابة الأسرية، وحتى وإن سعينا إلى ذلك عبر الحواسيب، إلا أن الأمر يصعب مع الهواتف الذكية التي تخرج عن مجال سيطرتنا كوننا أولياء، وهذا يثير مخاوفي أنا شخصيا كوني والدا لطفلين مراهقين، فتاة في ال14 من العمر وصبي في ال13 أعترف أن تطور التكنولوجيا يتجاوزني، ولا يسعني إلا الدعاء إلى الله عز وجل بالستر. أما زهية أم لثلاثة مراهقين، أصغرهم في ال16 من عمره، فتقول: " قديما كنا نقول إن الشارع هو المدرسة الثانية، أما اليوم فنقول إن الأنترنت هي المدرسة الثانية وأي مدرسة، إنها مدرسة عالمية، فأنا لا أستوعب الكم الهائل للأصدقاء لأبنائي عبر هذه الشبكة، وأعترف بعجزي عن فرض رقابة صارمة عليهم، خاصة في هذه السن التي يبدو فيها التمرد واضحا على الأطفال، لكن يبقى أكثر ما أخشاه هو التأثير السيئ على عقلية أبنائي من أصدقائهم الأجانب من كل النواحي، حتى من ناحية الدين، فقد تفاجأت بابنتي تسأل عن الإنجيل لتقرأه، كل هذا يدخلني في دوامة خشية التأثير السيئ الذي قد يتعرض له أبنائي بسبب الأنترنت. أما عبد المالك الذي تفاجأ بتلقي ابنه الذي لا يتجاوز ال11 سنة صورا إباحية على لوحته الإلكترونية، فعبر عن تخوفه واستياءه مما يحدث لهذا الجيل بسبب التكنولوجيا والعولمة، التي تبث-حسبه- سموما في عقول الأطفال والمراهقين يصعب التصدي لها" يصعب اليوم فرض رقابة صارمة على أبنائنا، فلا مجال لفعل ذلك، لأن الصور التي يرسلونها لبعضهم البعض تضعف مسألة الرقابة، فعلى الرغم من تطبيقي لبرنامج الرقابة على الحاسوب البيتي إلا أن ذلك لم ينفع، وبرأيي اليوم أن الحل هو في تعزيز التربية الدينية في قلوب أبنائنا، لأن الدين هو صمام الأمان الوحيد الذي إن غرسناه في أبنائنا لا نخشى عليهم بعدها شيئا، أما دون ذلك فأعتبره حلولا واهية". عبد الرحمن عرعار أطفال الجزائر عرضة للإباحية والتطرف أكد عبد الرحمن عرعار رئيس شبكة ندى للدفاع عن حقوق الطفل في تصريح ل" الحوار" عدم وجود آليات تحمي أطفال الجزائر من مخاطر الأنترنت، سواء كان الأمر متعلقا بالإباحية أو التطرف والإرهاب، مشيرا إلى غياب قانون يحمي الأطفال من هذه المخاطر المحدقة بهم، وأكد المتحدث ذاته أن شبكة ندى تطالب بسن قانون يحمي الأطفال من مخاطر الشبكة العنكبوتية حتى سن 19 سنة أين يتحمل الشخص مسؤوليته المدنية والجزائية. وفيما يخص الرقابة الأسرية فأكد رئيس شبكة ندى بأنها ضعيفة في الجزائر، لافتا إلى أن الأسرة ليس عليها أن تلعب دور المراقب وإنما دور المرافق، وعلى الطفل أن يتعلم كيف يحمي نفسه بنفسه ومرافقة الأولياء ضرورية اتجاه الأطفال خصوصا إذا تعلق الأمر بالأنترنت، فكيف يمكن للأولياء مراقبة الابن، في حين يمكنه التواصل على شبكة الأنترنت بهاتفه المحمول الخاص، وعليه من المفروض أن يكون الهاتف محميا حتى تطمئن قلوب الأولياء على أبنائهم حينما يبحرون على شبكة الأنترنت، كما أشار إلى وجود آليات حديثة تسمح للأولياء معرفة مكان أبنائهم عبر الهاتف المحمول، إلا أن هذه الآليات غير مطبقة سواء على مستوى الأسر أو المؤسسات العمومية. وحذر عبد الرحمن عرعار الأولياء والأسر من تخويف أطفالهم من التكنولوجيا أو منعهم من استخدام شبكات الأنترنت خوفا عليهم من مخاطرها، وإنما حث على تشجيعهم لاستعمال التكنولوجيا بما يخدم التطور والتنمية برنامج "في أمان" ضروري لحماية الأطفال من مخاطر الأنترنت. آمنة /ب