بقدر المزايا الكثيرة التي تحملها الشبكة العنكبوتية في توعية وتثقيف وتعليم مستخدميها، توجد مخاطر تزداد حدتها إذا كان مستخدمها مراهقا أو طفلا، بالنظر إلى خطورة بعض المواقع التي يمكنها أن تقوده إلى التطرف، أو الانضمام إلى بعض التجمعات الإرهابية أو الإجرامية أو حتى تلك التي تقوده إلى عالم الفساد والرذيلة من خلال إدمان المواقع الإباحية، ومن هنا تظهر أهمية تفعيل آليات الرقابة على الأنترنت. غير أن السؤال الذي يطرح؛ هل يعي الأولياء وجود مثل هذه الآلية؟ وإن كان الجواب بنعم، فهل يتم استخدامها في أجهزتهم على مستوى المنازل؟ يقول سفيان لونيس رئيس دائرة الخدمات الحديثة في مؤسسة اتصالات الجزائر، بمناسبة مشاركته مؤخرا في ندوة إعلامية حول «الأنترنت والطفل»، بأن الأولياء في المجتمع الجزائري لا يعرفون إذا كان هناك ما يسمى بآليات الرقابة على الأنترنت، على الرغم من أن مؤسسة اتصالات الجزائر بادرت منذ مدة إلى إطلاق برنامجها «أمان» وبصورة مجانية لتأمين الحماية للأطفال عن طريق حجب كل ما يمكن أن يسبب خطرا على مستخدم الأنترنت. ويضيف قائلا: «من بين المزايا التي حملها برنامج «أمان»؛ تنظيم ساعات وحتى أيام استعمال الأنترنت، إلى جانب احتوائه على محرك الغربلة لتجنب الوصول إلى المواقع التي تشكل خطرا بالنسبة إلى سنه، ورغم الحملات التحسيسة في مجال التوعية بأهمية مثل هذه الآلية الرقابية، إلا أن الدراسة الإحصائية كشفت عن أن 60 بالمائة من الأولياء ليسوا على وعي بالمقصود من الرقابة على الأنترنت، ولا يعرفون حتى ماهية المفاتيح الخاصة بالحماية رغم أنهم يستخدمون الشبكة العنكبوتية بصورة دورية في منازلهم، من ناحية، ومن جهة أخرى تبين لنا أيضا بعد التواصل مع المقتنين للأنترنت أنه عندما يتم تعريفهم بهذه الآلية فإنهم لا يولونها أهمية، مما يعني أنهم ليسوا على وعي بمختلف المخاطر التي تحويها الأنترنت رغم أن سوء استعمالها يجعل مخاطرها أكثر من منافعها. إقناع الأولياء بأهمية تحميل برامج حماية على أجهزة الكمبيوتر الخاصة بأطفالهم، يتطلب العمل بالتنسيق مع المجتمع المدني، بحكم أنهم أقرب في نشاطاته التحسيسة إلى الأولياء، يقول سفيان لونيس. من جهتها، تعتقد خيرة مسعودان عميد أول للشرطة، أن تفعيل برنامج حماية، رغم أهميته في حماية القصر من مخاطر مختلف المواقع، إلا أنه غير كاف، بالنظر إلى الانتشار الكبير لنوادي الأنترنت التي لا يمكن بأي حال من الأحوال فرض رقابة عليها كون أصحابها يمارسون نشاطا تجاريا لا يفرض عليهم شروطا تخص الرقابة على ما يتم تصفحه من المترددين على مثل هذه النوادي، بالتالي الحديث عن حماية القصر من ولوج مثل هذه المواقع قضية أخلاقية ينبغي أن تتضافر فيها كل الجهود، خاصة مع اتساع شبكة الأنترنت لتطال حتى الهواتف الذكية، وعليه فالمسألة أخلاقية وتربوية أكثر منها رقابية وتتطلب المزيد من التوعية. وتعتقد شفيقة هاشمي، رئيسة جمعية «أجيال»، أن ارتباط الأطفال بكل ما له علاقة بالأنترنت راجع بالدرجة الأولى إلى وجود وقت فراغ يفضلون فيه عموما الخوض في العالم الافتراضي بسبب قلة المرافق الترفيهية، هذه الأخيرة التي على الرغم من أهميتها في محاربة مختلف الآفات الاجتماعية بالنظر إلى البرامج التي تعتمدها كالغناء والمسرح، إلا أنها لا تحظى بالاهتمام المطلوب من الجهات المعنية على غرار البلديات. من أجل هذا، نناشد الجهات المعنية الاهتمام بالمرافق الشبابية والرياضية شغل وقت فراغ الأطفال وحمايتهم من الإدمان على الأنترنت.