الحظ قد يبتسم من نصف فرصة حلم يكبر في سماء الإعلام العربي من بلاط الصحافة المكتوبة، إلى أثير الإذاعة الوطنية، وصولا إلى شاشة التلفزيون، رحلة حافلة قضاها سامي قاسمي، صحفيا ومحررا ومذيعا. الشاب الجزائري، قرر أن ينتقل بموهبته من واحات وادي سوف، ليخوض غمار تجربة في العاصمة، قبل أن تحمله رياحها إلى الخليج.. فكانت له محطات متعددة في دبي وتحديدا قناة العربية، ومنها إلى سكاي نيوز عربية، حيث صُقلت تجربته وأثبت حضورا مميزا وسط فضاء إعلامي شرس. في حوارنا اليوم، نطل على تجربة سامي قاسمي، الصحفي والمذيع بقناة سكاي نيوز عربية، ونتعرف منه على أسرار السلطة الرابعة وخفاياها. حاوره / نبيل العربي
*بدأت مؤخراً.. تقديم برنامج "الصباح" على سكاي نيوز عربية..كيف تجد تقديم مثل هذه البرامج؟
– فكرة تقديم البرامج الصباحية، ليست غريبة عليّ، فقد قدمت برنامج "صباح الخير يا جزائر" في الإذاعة الجزائرية على مدى سنتين، وهو أضخم برنامج في القناة الأولى، والاختلاف بين البرنامجين فقط، أن الأول إذاعي والثاني تلفزيوني، لذلك لا أجد صعوبة في التأقلم مع هذه البرامج. وقد تزامنت بداية تقديمي للبرنامج مع خطط القناة التوسعية والتطوير المستمر لنوعية برامجها، لذلك أنا فخور بأن تسند لي إدارة سكاي نيوز عربية، وعلى رأسها المدير العام نارت بوران، مهمة التقديم مع زملائي جرير دبابنة، ونبيلة عواد وشذى أرمنازي وداليا عبدالله.
*خلال ثلاث سنوات.. كنت تظهر على استحياء في سكاي نيوز عربية، من خلال بعض المواجيز الإخبارية، ولم نكن نشاهدك كثيرا على الشاشة، ما السبب؟
-عملنا الإعلامي ليس قراءة أخبار فقط، أو الظهور على الشاشة، ربما قد يكون ذلك جزءاً من عملنا، لكنه ليس كله.. أما عن عدم ظهوري كثيرا فذلك له علاقة بوظيفتي كمنتج أخبار، وهي القيام بالوظائف الصحفية الأخرى، داخل القناة كتحرير الأخبار، وصناعة التقارير التلفزيونية وما يعرف بالفيديو وول.. لا أخفيك سرا أنني من مناصري فكرة الصحفي الشامل، الذي يقوم بجميع الأدوار في مهنة الصحافة ولا يكتفي بدور واحد، خصوصاً دور الببغاء. عادة ما أشبه عملنا التلفزيوني بلاعبي كرة القدم الذين تتوزع أدوارهم بين دفاعية وهجومية وحراسة المرمى وبدلاء في دكة الاحتياط.. أعتقد أن اللاعب المحترف لا يناقش خيارات مدربيه (مسؤوليه).. ينبغي أن يشتغل على نفسه فقط، وإذا تم إقحامه داخل المستطيل الأخضر، عليه أن يقدم أقصى ما لديه، ويسجل الأهداف، أو يساهم في صناعتها، والذود عن عرين المرمى، إن أُسندت إليه مهمة من هذا النوع.
*كيف تصف تجربتك في سكاي نيوز عربية؟
-سكاي نيوز عربية، فرضت نفسها في ظرف قياسي على خريطة الإعلام العربي.. وهي تكبر يوماً بعد يوم.. وأحلامنا تكبر معها.. ما تعلمته في سكاي نيوز عربية، هو السرعة والدقة في نقل الخبر. ومع تسارع الأحداث وانتشار القنوات الإخبارية، تجد نفسك في تحدٍ لأن تكون أول مصدر للأخبار، في بعض المرات تجد نفسك مجبراً على تجهيز تقرير في ربع ساعة بسبب تسارع الأحداث أو أن تواصل عملك مدة 81 ساعة نتيجة تطورات سياسية أو أمنية متلاحقة، فتكون مجندا مع فريق العمل لإنجاح التغطية الإعلامية. علمتني التجربة أن الحظ يمكن أن يبتسم لك من نصف فرصة، ويمكن أن يتجهم في وجهك من فرصة كاملة، وترسخت قناعتي في سكاي نيوز عربية، بضرورة عدم حرق المراحل، والصحفي عليه أن يمارس جميع القوالب الصحفية إذا أراد النجاح.
*كنت من المؤسسين لإذاعة الجزائر الدولية، والغريب أن النواة الأولى التي أطلقت القناة في معظمها شقت طريقها إلى الخارج، وهي تشتغل حاليا في قنوات إخبارية كبرى في الإعلام العربي، ما السرّ في ذلك؟
-السرّ في اعتقادي يكمن في طموح الشباب.. عندما أطلقنا الإذاعة، وهو مشروع المدير العام السيد عز الدين ميهوبي، وبإدارة الأستاذ محسن سليماني، كنت أقرأ في عيون الزملاء أننا جيل مختلف وبإمكانه الذهاب بعيداً في مهنة الصحافة.. لم يكن ذلك بالأمنيات، فالأماني وحدها لا تحقق المراد، لكن كان هناك ما يترجم كل تلك الرغبة على أرض الواقع. كم أنا فخور عندما أرى الزملاء وهم يشقون طريقهم اليوم بنجاح، في كبرى القنوات الفضائية، وبلا شك ستبقى الإذاعة الدولية بصمة وعلامة متميزة، لأنها آمنت بقدرات الشباب، ووفرت لهم كل أسباب النجاح.
*دائما نتساءل: لماذا تنجح الكفاءات الإعلامية في الخارج ولا يتاح لها ذلك في الجزائر؟
-اختلف معك في توصيف المشهد، لأن الأمر ليس بهذا الشكل.. أعتقد أن النجاح ليس حصراً على من يعمل في الخارج.. فهناك زملاء كثيرون ناجحون على المستوى الوطني، بل إن هناك عددا من الإعلاميين الذين نجحوا في الجزائر، خطفتهم فضائيات كبرى.. ما أريد قوله هو أن ظهور الكفاءات الجزائرية في الخارج، يرجع بالأساس إلى أن المحطات العربية موجهة للجمهور العربي وليست موجهة للمواطن المحلي، كما هو الحال بالنسبة للفضائيات الجزائرية، لذلك فإن نجاح أي إعلامي فيها سيكون له صدى أوسع.. أعتقد أن من بين الاعتبارات التي تساعد الزملاء في الخارج على الذهاب بعيداً، وجود قواعد ومعايير مهنية عالمية تضبط الممارسات الصحفية، بل هناك بيئة تساعد على النجاح، والأكثر من ذلك أن القنوات العربية تواكب التطورات التقنية المتعلقة بالشاشة عالية الوضوح، والوسائل التكنولوجية التي تساعد الصحفي في أداء مهمته على أكمل وجه.
*كيف تنظر إلى الواقع الإعلامي في الجزائر.. في ظل ثورة الفضائيات الجديدة؟
-الانفجار الفضائي كان أمراً حتمياً وضرورة ملحة فرضهما إيقاع الأوضاع الداخلية والإقليمية المتلاحقة .. نعم الانفتاح السمعي البصري جاء متأخراً، لكن أن تأتي متأخرا خير من ألا تأتي.. الفضائيات المحلية فتحت أعيننا على طاقات شابة، تعد بالكثير وتبشر بالخير.. لكنني أجد أكثر من عذر لزملاء المهنة، ولا أستطيع أن أطلق أحكاماً مستعجلة، لأن الزملاء يعملون في أوضاع مهنية في غاية الصعوبة.. والقنوات التلفزيونية الجديدة ليس لديها الإمكانات المعهودة في كبرى الفضائيات، إضافة لذلك لا توجد قوانين تنظم المهنة وتحمي الصحفي من الاستغلال، مع غياب كامل لميثاق الشرف المهني. ما لا أفهمه حتى الآن، هو لماذا تعطي السلطات الجزائرية تراخيص إنشاء محطات تلفزيونية جزائرية، على أساس أنها قنوات أجنبية؟.. كان حرياً بالحكومة أن تنظم المهنة، بإنشاء مدينة إعلامية، تضم كل القنوات الفضائية، على غرار المدن الموجودة في عواصم عربية وعالمية.. وإفساح المجال واسعاً أمام الصحفيين، للعمل بحرية ومن دون قيود بيروقراطية تعرقل عملهم.
*هل يبدو لك من الظلم أن نقارن بين الفضائيات العربية والجزائرية، وما أوجه الخلاف بينهما؟
-الفضائيات العربية قطعت أشواطا كبيرة، وأصبح لديها تقاليد تحكمها في الجزائر، من السابق لأوانه الحكم على التجربة، فهي وليدة اللحظة.. ما أتمناه ألا تبقى قنواتنا المحلية عبارة عن دكاكين، وعليها أن تستفيد من الثورة التكنولوجية في مجال الإعلام والاتصال، لتدخل إلى الفضاء من أوسع الأبوب.. ما أؤكد عليه هو عدم إغفال تدريب الكوادر الصحفية، لأنها جزء أساسي من عملية التنمية.. لدينا في الجزائر صحفيون شباب لهم طاقات هائلة.. لكن هذه الطاقات قد تهدر، إذا لم تؤسس على قواعد مهنية سليمة، وإلا نكون أمام مراكمة سنوات من العمل من دون الحصول على الخبرة المطلوبة، وهناك بون شاسع بين الخبرة والأقدمية.
*لو عرض عليك العودة من جديد إلى الإعلام الجزائري.. هل ستقبل؟
-بلا شك العودة إلى الوطن أمر حتمي، متى بالضبط ؟ الله أعلم.. حالياً أركز فقط على عملي في سكاي نيوز عربية وتنمية قدراتي المعرفية والمهنية.
*هل الإعلام يعني بالنسبة إليك النجومية والشهرة، أم المهنية والاحترافية والالتزام بالقضايا الكبرى للأمة؟
-الإعلام هو قصة عشق ولدت معي.. في البدء كانت هواية ..مع مرور الوقت درستها أكاديمياً، فغدت مهنتي..هل أنا سعيد بها كمهنة اليوم، في ظل الظروف الراهنة والمتغيرات في العالم العربي؟! قد أكذب عليك إن قلت لك نعم، لأن مهنتنا أصبحت اليوم مصدراً للتعاسة.. لأنها تنبئ الناس بسوء الطالع، حتى لا أقول إنها أصبحت تؤثر في مصائرهم..مع أنه قديما قيل: "سعد من كانت هوايته مهنته"، وقد تحتاج هذه المقولة في نظري لمراجعة، لا يغريني زيف الشهرة.. فهي عرض من الدنيا.. وهي في رأيي حمل كاذب.. كثيرون من يدفعهم هذا الترف المؤقت للتعالي على الناس.. ما أنا معني به في الحقيقة، هو أداء واجبي الصحفي، بما ينسجم مع أخلاقيات المهنة وأدبياتها..
*كلمة توجهها إلى الإعلاميين الجزائريين في الداخل والخارج؟
-أعرف أن الكثيرين محبطون من الظروف المحيطة بأجواء العمل، داخل البلاد، لكن النجاح ليس بالضرورة في الخارج، وفي المقابل هناك كثيرون يفكرون في العودة للعمل في الجزائر.. نظراً لصعوبة الغربة وقسوتها، وفي كلتا الحالتين الإنسان لا يرضى عن حال ويتطلع دائماً للتغيير.. ما أنصح به نفسي أولاً وزملائي ثانياً هو الاشتغال على تطوير الذات دوريا واكتساب مهارات لغوية ومهنية ومواكبة التكنولوجيا خصوصا فيما يتعلق بوسائل الاتصال الحديثة، وينبغي علينا في النهاية التسلح بالأمل والجد والمثابرة لأن المنافسة لا ترحم. ///////////////////////// في حب الضاد تفاجأ وافتجأ وفوجئ! دأب الكتاب والصحفيون والمعلقون على القول "تفاجأ" للتعبير عن مفاجأتهم أو استغرابهم أو دهشتهم من أمر ما.. وراح الجميع يستعمل الكلمة دون حرج أو تحفظ أو أدنى شك في أنه استعمال خاطيء.. ثم جاءت بن غبريط من أقصى الغرب تسعى بلغة عربية "كاريكاتورية" مضحكة، فقطعت نورية وزيرة التربية الوطنية قول كل خطيب، عندما عبرت عن استغرابها من هول ما وجدته في قطاع التعليم "راني افتجأت".. فضحك منها الكثير بمن فيهم من ظلوا يقولون "تفاجأت".. لقد جاء في لسان العرب:"فَجِئَه الأَمْرُ وفَجَأَه، بالكسر والنصب، يَفْجَؤُه فَجْأً وفُجَاءةً، بالضم والمدّ، وافْتَجَأَه وفاجأَه يُفاجئُه مُفَاجأَةً وفِجاءً: هَجَمَ عليه من غير أَن يَشْعُر به، وقيل: إِذا جاءه بَغْتةً من غير تقدّم سبب."… "وأَنشد ابن الأَعرابي: كأَنْهُ، إِذ فاجأَه افْتِجاؤُهُ، * أَثْناءُ لَيْلٍ، مُغْدِفٍ أَثْناؤُهُ وكلّ ما هجم عليك من أَمر لم تحتسبه، فقد فَجَأَك". وجاء في القاموس المحيط "فافْتُلِطْتُ بالأمر، بالضم: فُوجِئْتُ به". وذكر القاموس المحيط " (وافْتُلِت بأمْرِ كذا: فُوجِئ به قبلَ أن يَسْتَعِدَّ له).. أما الفعل تفاجأ فليس له أي أثر في المعاجم والقواميس المشهورة، باستثناء المعاصرة منها فإنك تجد فيها كل شيء.. وهكذا فإن كل الذين ضحكوا من "افتجاء" بن غبريط،"سيفتجئهم" أنها كانت على صواب وأنهم كانوا على خطأ عندما اعتقدوا أن "تفاجأ" هو الصحيح، تماما كما ضحك العرب من حسني مبارك، حين قال"لم أكن أنتوي الترشح" ظنا منهم أن كلمة "أنتوي" غير صحيحة لغويا.