تتجه أنظار إسرائيل في الأيام القادمة إلى رئيس الدولة شمعون بيريز والمشاورات التي سيجريها طوال أسبوع مع قادة الأحزاب الإسرائيلية لتشكيل الحكومة المقبلة. وتبدو سيناريوهات الخارطة السياسية مفتوحة على جميع الاحتمالات بعد أن فاز حزب كاديما الوسطي بفارق مقعد واحد على الحزب اليميني الليكود. ومن المقرر أن يباشر بيريز لقاءاته مع قادة الأحزاب بمجرد إعلان نتائج الانتخابات رسميا اليوم الخميس. ويجري رئيس الدولة مشاورات تستمر أسبوعا للوقوف على رأي الكتل والأحزاب وترشيحاتها لمن يرونه أقدر على القيام بمهمة تشكيل الحكومة والذي يمنح 28 يوما تمدد إلى 14 يوما آخر قبل أن يعهد إلى زعيم آخر في حال فشل الأول. وتبدو الصورة غامضة بشأن تشكيل الحكومة المقبلة، فقد أعلن كل من زعيم حزب الليكود بنيامين نتنياهو وزعيمة حزب كاديما تسيبي ليفني أنه رئيس الوزراء القادم. ومن المتوقع أن يعهد بيريز لواحد منهما بتشكيل حكومة بعد إعلان النتائج الرسمية. وقد تستغرق مناقشات بيريز مع أحزاب الكنيست نحو أسبوع وقد تمتد محادثات تشكيل حكومة ائتلافية لأكثر من شهر. وعادة ما يختار رئيس إسرائيل زعيم الحزب الذي فاز بمعظم مقاعد الكنيست ولكنه غير ملزم قانونيا بأن يفعل ذلك. وذكرت وسائل الإعلام الإسرائيلية أن بيريز لن يجد خيارا أمامه لتوجيه الدعوة لنتنياهو لتشكيل حكومة إذا أوصت الأحزاب اليمينية التي فازت بأغلبية برلمانية بزعيم حزب ليكود بدلا من ليفني. ولكن ستكون هذه هي المرة الأولى في تاريخ إسرائيل التي لا يحصل فيها الحزب الفائز بمعظم مقاعد البرلمان في الانتخابات على فرصة لتشكيل الحكومة. وصرح وزير الداخلية عضو حزب كاديما بأنه يؤيد تشكيل ائتلاف موسع مع حزب ليكود المتشدد على ضوء النتائج المتقاربة. وقال إن حكومة من هذا القبيل يتعين أن تقودها ليفني. وأضاف أن تناوب رئاسة الوزارة بين ليفني ونتنياهو -على نحو ما حدث عام 1984 بعد انتخابات خرجت بنتائج مماثلة- لن يكون أمرا عمليا. وقال أستاذ العلوم السياسية بالجامعة العبرية في القدس أبراهام ديسكين إن "فرصة تسيبي ليفني في تشكيل حكومة تحت قيادتها قد تكون ضعيفة للغاية إن لم تكن منعدمة" وتابع "هناك فرصة كبيرة لأن يقود حزب الليكود حكومة يشارك بها حزب كاديما". ويرى محللون أن الوضع السياسي العالق في إسرائيل سيؤثر على الجهود المصرية التي تتوسط في الوصول إلى تهدئة مع حركة المقاومة الإسلامية (حماس). ويقولون إنه إذا تم تشكيل حكومة وحدة فقد يتسبب وجود قطبين فيها بإعاقة الإدارة الأمريكيةالجديدة التي أعلنت أن تحقيق السلام في الشرق الأوسط هو أحد أولوياتها. وكان نتنياهو متجها صوب الفوز قبل الهجوم الذي شنته حكومة يسار الوسط الائتلافية بقيادة إيهود أولمرت على غزة وكسبت الحكومة الائتلافية تأييدا شعبيا كبيرا في إسرائيل بسبب الحرب التي دامت ثلاثة أسابيع وأسفرت عن مقتل أكثر من 1300 فلسطيني في قطاع غزة. وقال محللون سياسيون إن نتنياهو كان يشعر بمزيد من الرضا الذاتي مما أتاح لكاديما اللحاق به في حين زادت شعبية ليفني، ضابطة المخابرات الإسرائيلية(الموساد) السابقة ومحامية الشركات السابقة. أما أفيغدور ليبرمان زعيم حزب إسرائيل بيتنا -الذي حاز على المركز الثالث في عدد الأصوات- فقد أبقى الباب مفتوحا لجميع الاحتمالات، فرغم أنه "ميال قلبيا" إلى تشكيل حكومة قومية مع الليكود بحكم التقارب الأيديولوجي والسياسي فإنه أعلن استعداده العمل مع حزب كاديما. وستعلن النتائج الرسمية اليوم بعد فرز أصوات الجنود والدبلوماسيين في الخارج فضلا عن البحارة. وبعد فرز 99 % من الأصوات فقد حصل حزب كاديما على 28 صوتا مقابل 27 لليكود. وخرج حزب إسرائيل بيتنا القومي المتطرف كثالث أقوى حزب حيث حصد 15 مقعدا بينما تراجع حزب العمل بزعامة وزير الدفاع إيهود باراك إلى المركز الرابع لأول مرة في تاريخ إسرائيل وحصل على 13 مقعدا فقط. وفاز حزب شاس بأحد عشر مقعدا، أما قائمة الأحزاب العربية فقد فازت بأحد عشر مقعدا، وميرتس بثلاثة مقاعد، والاتحاد القومي اليهودي بسبعة مقاعد.