اشتقت إليك فعلمني أن لا أشتاق، علمني كيف لا عزيزي القارئ وأنا لم أكتب لك منذ شهر تقريبا، لذلك إذا نزل مستوى المقال فلا تلمني فالأمر عائد لقلة التمرين والرطوبة، كما أني نسيت كيف أبدأ المقال بنكتة أم عبرة أم مفارقة عجيبة أم أني سأكتفي بسؤالك حين قال عبد الحليم حافظ:" إن كنت حبيبي ساعدني كي أرحل عنك" هل كان يطلب مساعدة للحصول على فيزا للرحيل عن الوطن؟ كانت هذه الدولة مكتوبة فقط بين سطور ما يمرر في الجريدة الرسمية من قوانين كلما التهى الشعب بمرحلة حاسمة أو منعرج تاريخي أو مبارة كرة قدم مع مصر، ثم تحولت إلى دولة صوتية ضد دولة صورية مع فتح السمعي البصري فأصبحت كل يوم تخرج قانونا ثم تجمده بعد أيام، فهناك دول راديكالية تحفظ التقاليد ودول ليبرالية تحفظ الحريات ودول دينية تحفظ الأناشيد بلا موسيقى ودولة واحدة تحفظ جثث الموتى مع القوانين في الثلاجة. فعندنا دولة تجمد الغاز الصخري وتميع الغاز الطبيعي وتكرر البترول، ودولة تجمد الدم في العروق وتميع المواطن الطبيعي وتكرر الأخطاء، بينما نحن نحتاج إلى دولة تجمد أموال المفسدين وتميع صعوبات الحياة وتكرر أمجاد الماضي ولا تكرر بعض المسلسلات القديمة كمسلسل صراع الأجنحة بالأبيض والأسود وتترك فكرة الأجنحة فقط للإشهارات. كبار المفسدين لهم الحصانة السياسية والبرلمانية وصغار المجرمين لهم العفو الرئاسي فلمن تبنى السجون، كبار المسؤولين يعالجون على نفقة الدولة وضعاف المواطنين يموتون بأخطاء طبية فلمن تبنى المستشفيات، أبناء المسؤولين يدرسون في الخارج وأبناء البسطاء في دروس التقوية فلمن نبني المدارس، نحن نحافظ على شكل الدولة ووجودها فقط لأن هناك القليل من النفط المتبقي أم لأن هناك من لا يملك من المال ما يكفي لشراء شقة في باريس ولا يملك من الشجاعة ما يكفي ليركب زورق حراقة؟ أعتقد أن المقال انتهى لكن ما زال هناك مساحة وأنا لا أجد ما أقوله في الخاتمة ولو أني أعرف خاتمتي ما كنت بدأت فهل أملؤها ببعض أبيات نزار كالمقدمة أم أنك ستكتشف أمري، أم أنزله بلا خاتمة وأنزل الخاتمة في الجريدة الرسمية مع تصفيات كأس العالم، أعتقد أن الحل الأمثل هو أن أجمد الخاتمة ..