غانم/ ص مع بدء العام الدراسي الجديد، تجددت المعاناة والأعباء التي تتحملها العائلات لاقتناء اللوازم المدرسية، وظهر أيضا الإقبال على أنواع معينة من الأدوات الجذابة بشكلها ولونها والتي تثير إعجاب الأطفال وتجعلهم يتباهون بها أمام أقرانهم، حيث اتخذت هذه السنة أشكالا كثيرة تتعدد بين شخصيات كرتونية وأخرى شبيهة بأدوات الماكياج والمسدسات. باتت الأدوات المدرسية تصنع الحدث بالأسواق الشعبية، حيث يعرضها الباعة على الطاولات بطريقة رائعة لتبدو جذابة وفريدة من نوعها، والحق يقال أن أشكالها وألوانها الجميلة تجلب إليها ليس فقط أنظار الأطفال وإنما الكبار حتى ولو للفرجة، فالمتجول في أسواق الأغواط هذه الأيام لا ريب في أنه سيلاحظ الأشكال المميزة التي اتخذتها الأدوات المدرسية هذه السنة، والتي جعلت الأطفال يصرون على اقتنائها ولو بأغلى الأثمان.
أدوات على شكل ماكياج وأخرى تحفز عن العنف ما يلفت الانتباه في الدخول المدرسي الجديد، أشكال ورموز الأدوات المدرسية التي يبدو أنها بعيدة كل البعد عن مجال التربية والتعليم، بحيث تجد الأقلام الملونة معروضة على شكل أحمر الشفاه والممحاة على شكل ملمع الشفاه وحتى المبراة فتجدها بشكل ملون الأظافر، فهل هذا ما يريدون تعليمه لطفلة في مرحلة تعد من أهم مراحل طفولتها وهي مرحلة التحصيل الدراسي، كما تم التركيز في هذه الأدوات على شكل الألعاب والشخصيات الكرتونية أكثر من الغاية التي صنعت من أجلها، وهدف ذلك طبعا شدّ انتباه الأطفال الذين يضغطون على أوليائهم للشراء، علما أن أثمان تلك الأدوات على صغرها تبقى مرتفعة الثمن بعض الشيء، خاصة بالنسبة لمن له أكثر من طفلين متمدرسين، هذه الأدوات على الرغم من أنها جد مغرية ومحفزة على الشراء إلا أنها لا تربوية ولا أخلاقية وتشوش انتباه التلميذ عن الدرس، كما أن الأدوات التي هي على شكل سيف ومسدس تعوّد التلميذ على العنف بحسب بعض الأساتذة. ومن بين الأدوات التي شدت انتباهنا بالوراقات والمكتبات، المبراة التي اتخذت عدة أشكال وأحجام وألوان، منها ما أخذ شكل حذاء رياضي، كرة، خف نسائي، سلحفاة بحجمين مختلفين، كأس تشبه مكيال الحلويات، أخطبوط، نجمة البحر، سلة مهملات، وغيرها كثير، أما الأشكال العادية أو الكلاسيكية منها فهي إما مثلث أو مربع ومنها "المهجن" أو الجامع بين المبراة والممحاة، أما فيما يخص الأشكال المبتكرة فمنها ما أخذ شكل أحمر شفاه بألوان مختلفة وعلى الطفلة اختيار اللون الذي يعجبها! أما الغراء فمنه المخصص للذكور والمخصص للبنات، والتعليق يخص الموجه للإناث لأنه يأخذ شكل قارورة مزيل طلاء الأظافر. وراقة بوعامر، من أقدم المكتبات وأعرقها أشار صاحبها رضا بوعامر، إلى أن هذه الأدوات الشبيهة باللعب، سيحملون مصمموها و صناعها أوزار التلاميذ إن لم يدرسوا، لأنهم حتما سيهتمون بأشكال الأدوات واللعب بها فيما بينهم على حساب تركيزهم الدراسي، أما الباعة فلا ذنب لهم لأنهم مضطرون للتبضع بما يتماشى مع الموسم ومع الطلب، كما علق بائع آخر سألناه عن أدوات البنين والبنات بحيث أن الفرق واضح بين الاثنين، فقال "الذكور مستقبلهم مع الكرة والبنات في الحلاقة"، وأضاف يوضح أن من المراهقات من يسألن عن ممحاة مستطيلة تحمل مرآة. يذكر أن أسعار المبراة على سبيل المثال، تراوحت بين 35 و200 دج، كما أن هناك أقلام وكراريس وأدوات أخذت أشكالا مختلفة بين ألعاب وأدوات التجميل كالماكياج الذي تجسّد أيضا في شكل أقلام التلوين.
كراريس باربي وسبيدرمان تحظى باهتمام الصغار غزت صور باربي الصفحات الأولى من الكراريس، إلى جانب "سبيدرمان" أو الرجل العنكبوت وسبانج بوب وساندشيب … لتُحوّل اهتمام التلاميذ عن دروسهم، وهذا ما أجمع عليه بعض الآباء والأساتذة والتلاميذ ممن صادفناهم بالسوق يقتنون أدوات مدرسية، بحيث اشتكوا من تلك الأشكال غير التربوية المعروضة في الأسواق والتي يبدو أن لا بديل لها، إذ أنك إذا ابتعدت عن ممحاة "أحمر الشفاه" فإنك تصطدم بالألوان في شكل ماكياج، كما أن الطفل في سنّه هذا لا يستطيع التمييز بين التربوي وغيره، ولكن الأولياء لا يتمكنون أحيانا من لجم ثورته العصبية أو بكائه إن لم يشتروا له الأدوات التي نالت إعجابه… ما يجعل أكثرهم ينساق وراء رغبات أطفالهم، حاملين بداخلهم آمالا كبيرة في نجاحهم على خلفية "اشتري لك كل ما تحب وترضى فقط أدرس وانجح". كما أن الأكيد – حسب إحدى الأستاذات- أن التلميذ سيستعمل هذه الأدوات داخل قسمه للعب بدل استعمالها لأغراضها التربوية، خاصة صغار السن الذين سرعان ما ينساقون وراء أدنى أسباب التسلية. وترى المتحدثة أن مثل تلك الأدوات موجهة بالدرجة الأولى إلى أطفال الروضة أو أقسام التحضيري بالدرجة الأولى، غير أن توفرها بالأسواق بالوفرة التي نشاهدها اليوم تجعلنا كأولياء نشتري لأطفالنا ما يعجبهم رغم الأسعار المرتفعة. من جهتها، اكتظت المكتبات التي زرناها بهذا الجيل من الأدوات المدرسية التي لا تشبه إطلاقا نظيرتها التي كانت تستعمل في الماضي، حيث تعددت الأشكال والرموز التي تجسّدها إلى درجة تجعل من يراها لا يفرق بينها وبين ألعاب الأطفال، حيث أكد أصحاب المكتبات التي زرناها، أن الأطفال يهرعون وراء هذه الأنواع من الأدوات، وأصبحوا يعرفونها عن ظهر قلب إلى درجة نفاذ هذه السلع بشكل سريع، وهي ربما غاية الجهات المستوردة لهذه الأدوات المدرسية، والتي سعت لترويج منتجاتها على حساب مصلحة التلميذ.