حمل ناصر بوضياف نجل الرئيس الراحل محمد بوضياف، في حديث جريء مع "الحوار"، كل من الجنرال توفيق و الجنرال خالد نزار المسؤولية الكاملة في قضية اغتيال والده، مشددا على ضرورة كشف الحقيقة لأنها مطلب شعبي ومسألة وطنية، معتبرا أن الانقلابيين عملوا على تشويه صورة والده و تاريخه ونضالاته منذ أن تم تعيينه على رأس المجلس الأعلى للدولة، داعيا العدالة إلى إعادة فتح التحقيق في القضية واستجواب الجنرالان نزار وتوفيق حولها، وتفاصيل أخرى تقرؤونها في الحوار التالي. حاورته : هجيرة بن سالم بداية، لو تطلعنا على تفاصيل الاتصال الأول بالراحل محمد بوضياف أثناء تواجده بالمغرب؟ يوم 10 جانفي 1992 اتصلت بي زوجة علي هارون في ساعة مبكرة، فاستغربت لأنه ليس من عادتها ذلك، أخبرتني أن الأمر طارئ لا يحتمل التأخير ولا بد أن أتنقل الى بيتها للقاء علي هارون ،وحين ذهبت والتقيت بعلي هارون طلب مني أن أتصل بوالدي وأرتب له موعدا معه دون أن يطلعني عن السبب، إتصلت بوالدي بالمغرب لكنهم أخبروني أنه ليس بالبيت و أنه سيعود على الساعة العاشرة، فطلبت منهم أن يعلموه باتصالي لدى عودته، بعدها خرجت رفقة علي هارون وتوجهنا إلى مقر وزارة حقوق الإنسان التي كان على رأسها، ومن هناك عاودت الاتصال بوالدي مجددا وفي حديثي معه قلت له أن علي هارون يريد أن يكلمه فسألني عن السبب لكنني أخبرته أنني لا أعلم، فوافق على أن يكلمه وبمجرد أن سلمته الهاتف هممت بالخروج لكنه طلب مني البقاء. ما الذي دار بينهما خلال تلك المكالمة ؟ طلب علي هارون الإذن من والدي لزيارته بالمغرب فسأله عن السبب وإذا كانت زيارة بخصوص أخذ تصريح أو ما شابه، لكن علي هارون أخبره أن الأمر أكثر أهمية من ذلك وقال له يجب أن أزورك غدا، فسمح له والدي بذلك وحين أنهى المكالمة قال لي أن " لا تخبر أحدا بالأمر لكي لا ينتشر الخبر ..". في اليوم الموالي تنقل علي هارون إلى المغرب وبقي هناك لمدة يومين، والتقى فيهما بوالدي و أطلعه على خطورة الأوضاع التي تعيشها الجزائر في تلك الفترة، وطلب منه دخول أرض الوطن عارضا عليه باسم تولي الحكم خلفا للرئيس بن جديد. تفاجأ والدي وطلب مهلة ليفكر في الأمر، وقام بالاتصال بعدد من رفاقه الذين كانوا معه في الحزب منهم رشيد كريم الذي عينه رئيسا لديوانه بعد توليه الحكم، حيث قدم إليه من فرنسا ونصحه بأن يرفض العرض، وقال له أنهم لم يتصلوا به إلا بعد أن تأزمت الأوضاع وأصبحت جد خطرة ولهذا فلن يستفيد من ذلك إلا المخاطرة، لكن علي هارون أخبره أن الجزائر في حاجة ماسة إليه ولم يبقى من الرجال لتلك المرحلة غيره، خاصة أن له تاريخ نظيف و هو أحد مفجري الثورة وأنه كان قد صرح من قبل إنه إذا احتاجته الجزائر سيعود والجزائر الآن تحتاجه، فقال له بوضياف أنه سيطلعه على قراره مساء ذلك اليوم بعد أن يرجع من مصنعه، وبعد عودته أخبره أنه يرفض القدوم إلى الجزائر وتولي منصب الرئاسة. رفض في بداية الأمر لكنه تراجع عن قراره الأولي ووافق على العرض ،هل هناك من ساهم في إقناعه ؟ بعد أن أعلم والدي علي هارون برفضه اتصل به الجنرال خالد نزار، في البداية رفض والدي الرد على مكالمته، لكن نزار عاود الاتصال، فطلبت منه زوجته فتيحة أن يجيب على اتصالات نزار، وعندما رد على مكالمته حاول إقناعه بالدخول إلى الجزائر واقترح عليه أن يقوم بزيارة إلى الجزائر لاستطلاع الأوضاع قبل اتخاذ القرار النهائي. قام بزيارة سرية إلى الجزائر في 14 جانفي قبل زيارته الرسمية، لو تحدثنا عن تفاصيل الزيارة وقصته مع فيلا عزيزة؟ كانت اقتراحا كما سبق وذكرت من طرف خالد نزار، زيارة دامت 48 ساعة نزل ببوفاريك في طائرة خاصة وأقام في فيلا عزيزة، والتقى حينها بعدد من قيادات المجتمع المدني، و منهم عبد الحق بن حمودة وآخرون ممن كان يريد لقاءهم، كما التقى بخالد نزار وقال له أن البلاد تعيش مرحلة حرجة لكنهم يسيطرون عل الأوضاع ويتحكمون في زمام الأمور، فاقتنع والدي مشترطا عدم ترك البلاد تسير نحو الهاوية ونحو الحرب الأهلية، فقبل الجنرالات بشروطه ووافق هو على تولي رئاسة البلاد. عاد رسميا إلى الجزائر في 16 جانفي وتولى رئاسة المجلس الأعلى للدولة، وفي 09 فيفري وقع مرسوم يتضمن إعلان حالة الطوارئ وبموجبه تم اعتقال حوالي 08 آلاف شخص حسب تصريحه وزج بهم في محتشدات في الصحراء، فاتهم بمحاولة شرعنة الانقلاب على الإرادة الشعبية ؟ فيما يخص الانقلاب على السيادة الشعبية المرحوم بوضياف كان يفكر في إقرار انتخابات رئاسية، والمرسوم الذي وقعه تم التخطيط له من قبل أما بخصوص المحتشدات فقد تم فتحها في جوان 1991 بتوقيع من وزير الداخلية العربي بلخير والدليل في الجريدة الرسمية آنذاك التي أملك نسخة منها. لماذا قبل بهذه السياسة تجاه مناضلي الفيس ووضعهم في المحتشدات بالصحراء مع العلم أنه كان ضد هذه الأساليب إبان حكم أحمد بن بلة؟ لم يكن يعلم أن النفي سيكون إلى المحتشدات قيل له أنه سيتم إبعادهم عن المدن الكبرى لفترة فقط حتى تهدأ الأوضاع ثم يتم إطلاق سراحهم، ومشكلته الكبيرة أنه حين دخل إلى الجزائر لم يكن له جماعة أو عصبة تحميه، فمنذ خروجه من الجزائر سنة 1964 انقطعت اتصالاته بكل المسؤولين الجزائريين، لكن بعد أحداث أكتوبر 88 توافدت الزيارات عليه من أجل اقناعه بالرجوع إلى الجزائر. وبعد حوالي شهرين من إقرار حالة الطوارئ قامت جهات ما بإطلاع الرئيس بوضياف بأنه يتم اعتقال أي شخص يخرج من المسجد و حتى من لا علاقة له بالجبهة الإسلامية للإنقاذ، فاتصل بأشخاص كان يثق بهم من بينهم المرحوم أحمد لخضر بن سعيد الذي كان يرأس منظمة أبناء الشهداء وطلب منهم أن يقوموا بزيارة سرية إلى المحتشدات وكتابة تقرير عن الأوضاع، وهو ماكان، حيثجاء في التقرير أنه يوجد من المعتقلين من هم من حزب الأرسيدي والأفافاس فقرر بعد ذلك إطلاق سراحهم في عيد الفطر كما أعطى الأمر بغلق المحتشدات بداية شهر جويلية لكن الجنرالات رفضوا ذلك. كيف كانت علاقته مع الجنرالات وخاصة مع الجنرال توفيق وخالد نزار؟ في البداية كان يتفاهم معهم لكن بعد فترة نشبت بينهم عدة خلافات وتدهورت علاقته معهم. حول ماذا نشبت تلك الخلافات بالضبط؟ أبرزها جراء قضايا الفساد والرشوة، حيث أرسل والدي مجموعة من الضباط إلى فرنسا للتحري عنها، والاطلاع على الحسابات البنكية لكبار المسؤولين، ولم يستقبلهم أحد، سوى وزير المالية بيير ديلوبوفوي، حسب ما أذكر وقبل مساعدتهم، بعد ذلك تم الإتصال ب"الجماعة" في الجزائر وأعلموهم أن هناك من يبحث في ملفاتهم في فرنسا من الجزائر، وعندما رجعوا إلى الجزائر تم قتلهم جميعا وتبنت الجماعة الإسلامية المسلحة اغتيالهم، واحد قتل في بسكرة، وآخر قتل بحي تيليملي بالعاصمة وقالوا أنه قتل أثناء محاولة إلقاء القبض على " موح ليفيي " في فيفري 1992، المخابرات هي من قامت بقتل كل الضباط الذين أرسلوا للتحقيق في ملفات فساد القيادات العسكرية. في أفريل 1992 تم منع المرحوم بوضياف من السفر إلى المغرب لحضور عرس ابنه، من قام بذلك ولماذا؟ قام أخي الطيب بخطبة فتاة وتم تحديد شهر أفريل لإقامة حفل الخطوبة، واحتفظ الجنرالات بذلك التاريخ، وحين أخبرهم بوضياف أنه سيتوجه إلى المغرب في زيارة خاصة رفضوا وخطط الجنرال توفيق لمنعه من السفر، وذلك حتى لا يلتقي بالملك حسن الثاني ولكن والدي أصر على ذلك فأعلمه ضباط من المخابرات أن خالد نزار كتب مقالا باسم مستعار سينشر في اليوم الموالي في جريدة الشعب ينتقد فيه المغرب والملك الحسن الثاني، فأخبرهم والدي أنه في حالة ما إذا تم نشر المقال سيستقيل ولن يعود أبدا. في ماي 1992 أقال محمد بوضياف الجنرال محمد العماري، الكثير ربط هذه الإقالة بظروف اغتياله وقيل أن للعماري يد في اغتياله، ما هي أسباب إقالة العماري وهل اسمه وارد في قائمة المتهمين بمقتل بوضياف؟ بوضياف أقاله بعد كثرة الشكاوي التي تلقاها من طرف الضباط الشباب ضد الجنرال محمد العماري مفادها أنه يعاملهم بقلة احترام، فأعطى والدي الأمر لخالد نزار بتنحية العماري من منصبه لكن نزار قام بتحويله إلى مكتب صغير دون مهاما في وزارة الدفاع، وبعد اغتيال بوضياف "علقولو جنرال ماجور" حيث رقي لرتبة فريق. بعد مرور 23 سنة على اغتيال المرحوم بوضياف لا يزال السؤال مطروحا والقضية مبهمة بخصوص من وراء اغتياله، وقد ذكرت في كتابك أنك ستكشف قتلة والدك، من تحمله مسؤولية ذلك ؟ منذ 1992 وأنا أقولها "اللي جابوه هوما اللي قتلوه "، منهم من توفي وبقي منهم إثنان هما الجنرالان توفيق وخالد نزار، كان الجنرال توفيق حينها مسؤول مديرية الأمن والاستعلامات والشخص الذي اعترف بقتله لبوضياف كان توفيق هو مسؤوله الأعلى، ولهذا فهو المسؤول الأول عن مقتل بوضياف. و الحقيقة حين أطلعت على رسالة توفيق التي يتضامن فيها مع الجنرال حسان أريد أن وجه له سؤالا لماذا لا تتكلم عن قضية بوضياف؟؟ هل لأنك متروط فيها ؟؟ .. و أوجه سؤالي أيضا لخالد نزار بعد أن أطلعت على حوار له مؤخرا يقول فيه أنه بكى على بوضياف ساعة فهل تكفي ساعة واحدة ؟؟.. وأقول لهما إذا لم أتلقى منكم أي رد وتوضيح فهذا يعني أنكما المسؤولان عن اغتيال والدي، إن معرفة الحقيقة مطلب شعبي وليس عائلي فقط فكلما خرجت إلى الشارع يسألني الناس عن الحقيقة، توفيق تضامن مع الجنرال حسان لأنها مسالة شخصية وقضية "صحبة" أما من ساهم في تحرير الجزائر من الاستعمار الفرنسي لم يقولوا عنه شيئا،"قتلتوه وغطيتوا القضية ماتحشموش"، وعلى العدالة أن تأخذ مجراها وتسمع كل من أقوالهما وتحقق معهما. في رأيك لماذا مبارك بومعرافي وهو الشخص الذي اعترف بقتله لمحمد بوضياف لا يقول الحقيقة ؟ هناك أمر لا يعرفه الكثير من الناس، يوم تم اغتيال بوضياف هناك من أخبرني أنهم شاهدوا جثة شخص ميت وراء الستائر داخل القاعة، لكن تصريحات القيادة العسكرية بعد الحادثة أفادت مقتل بوضياف فقط ولم يتم ذكر ذلك الشخص على الإطلاق ،وحسب قراءتي للموضوع أن من قتل بوضياف ليس بومعرافي بل ذلك الشخص الذي شوهدت جثته ممدة وراء الستائر والذي قتله بومعرافي بعد ذلك ،وهناك شهادات تقول أن بومعرافي بعد الحادثة كانت تنتظره سيارتين أمام دار الثقافة لكنه رفض الصعود وهرب ،ومن بين الشهادات حول ذلك الشخص المقتول صحفية كانت تقوم بتغطية الحدث يومها وقد أضفت شهادتها في كتابي ،حيث أخبرتني أنها كانت تبعد على المنصة بحوالي 3 أمتار وقد رأت جثة أحدهم وراء الستار ،وبعد نشري للكتاب في 2011 جاءت قدمت إلى الجزائر لأنها تقيم حاليا بكندا ،وتم إحضارها من عنابة إلى العاصمة للتحقيق معها في اتهامات حول مشاكل لها مع صندوق التأمينات أثناء فترة عملها كصحفية ،وبعد عودتها إلى كندا اتصلت بي وأخبرتني أن ما حدث لها بالجزائر بسبب شهادتها. من خطط لاغتيال الرئيس في نظرك لم يفكر في أن العملية كانت تبث مباشرة، أم أن ذلك كان مقصودا؟ أعتقد أنها كانت رسالة لتخويف الشعب الجزائري في أن كل من يتمرد على الجنرالات ولا يخضع لأوامرهم يتم التخلص منه بأي طريقة ولو بالقتل، وذلك ما حدث بعد اغتياله حيث شهدت البلاد مجازر شنيعة. بعد الحادثة كيف كانت علاقة العائلة بهؤلاء الجنرالات على رأسهم الجنرال توفيق وخالد نزار؟ انقطعت كل الاتصالات بهم ،وفي اليوم الثالث بعد اغتيال والدي حضر خالد نزار لتأبينية الوالد وكنت قبل ذلك اليوم نزلت ضيفا في التلفزيون الجزائري مع حمراوي حبيب شوقي وقلت له "اللي جابوه هوما اللي قتلوه" ،فطلب نزار أن يتحدث معي وأخرج من جيبه علبة سجائر وأعطاني واحدة لكنني رفضت رغم أنني كنت أدخن وقتها ،فقال لي :اخبروني أنك كنت ضيفا على التلفزيون أمس؟، فقلت له :نعم وصرحت أن من قتلوه هم الذين عينوه رئيسا ،فقال : لا يا سي ناصر لا تقل مثل هذا الكلام أنت مخطئ ووعدني قائلا بالحرف الواحد : أعدك أن نكشف حقيقة قاتليه، ولم يقل قاتله…. !. وبعد تعيين لجنة تحقيق إتصلت به بعد إعلان التقرير الأول للجنة فرد علي سكرتيره وأخبرني أنه غير موجود ،فطلبت منه أن يعلمه أنني انتظر اتصاله لكنه لم يتصل وبعد حوالي 3 أشهر صدر التقرير الثاني والذي يتضمن عكس ماجاء به التقرير الأول ،كنت حينها متواجدا بعنابة واتصلت به لكن لا رد إلى غاية اليوم ،أتساءل لماذا يتهرب بعد أن وعدني بكشف الحقيقة ،أما الجنرال توفيق و"الجماعة المتبقية كانوا يتواصلون مع فتيحة أرملة بوضياف ويزورونها. قيل أن فتيحة تبرئ الجنرالات من دم بوضياف، هل هذا صحيح؟ قال خالد نزار بعد اغتيال بوضياف أن فتيحة زاررته وطلبت منه تنحية الجنرال توفيق فلا أعتقد أنها صرحت بتبرئة هؤلاء لكن أخوها أمين قبل وفاته ترك مذكرات تحصل عليها احد الصحفيين أتحفظ على ذكر اسمه والذي نشر مقاطع منها حيث ذكر أنه حسب ما ورد في مذكراته الجهاز الأمني غير متورط في اغتيال بوضياف ،وهذا ما صرح به أيضا مؤخرا خالد نزار ،لكنني سألت بعض الأشخاص الذين يملكون نسخة من المذكرات فأخبروني أن ذلك المقطع غير وارد ،لذا لا استطيع الحكم والتعليق على ذلك قبل أن أطلع على نسخة المذكرات. لو تحدثنا عن لحظة سماعك عن عملية اغتيال والدك، كيف تلقيت الخبر؟ أتذكر جيدا، كانت الساعة تشير إلى منتصف النهار فتوجهت إلى بيتي لتناول وجبة الغذاء ولدى عودتي إلى مكتبي سمعت أحد المحامين وهو عضو بمرصد حقوق الإنسان يقول أن بوضياف تم اغتياله ،صدمت لكن قلت في نفسي أنها إشاعة أو مجرد محاولة لاغتياله ،توجهت رفقة صديق لي إلى مقر الرئاسة وعندما دخلت وجدت زوجة أبي فتيحة تبكي فعرفت أنه قتل ،تنقلت إلى بيت صديقي وأمضيت اليوم بأكمله هناك أفكر كيف لفرنسا بمختلف إمكانياتها فشلت في القضاء عليه لكن قتله "أولاد فرنسا" ،وما لم تقدر على فعله أتممه أولادها ،قتلوه فقتلوا تاريخ شعب. جاء في تصريحات خالد نزار مؤخرا : "نحمد ربي كي بوضياف مات رئيس" ،في رأيك ماذا يقصد بذلك؟ اييييه….يتنهد طويلا… معناه أن بوضياف كان سيموت في المغرب دون أن يسمع به أحد و الفضل يعود لهم حين أقنعوه بالعودة فأعطوه صورة البطل وقتلوه. كانت هناك عدة محاولات لإغتياله لماذا لم يتم تلغى زيارته إلى ولاية عنابة، ولماذا لم يرافقه كبار المسؤولين على رأسهم وزير الداخلية العربي بلخير ووزيرة الشبية والرياضة ليلى عسلاوي؟ وزير الداخلية ووزيرة الشباب والرياضة كان حضورهما ضروريا وقد نشر لي مقال في 2002 سألتها فيه لماذا لم تكونوا ضمن الوفد الرئاسي يومها ،وطرحت نفس السؤال على عسلاوي في كتابي الذي نشرته في 2011 لكنها لم تجبني إلى غاية اليوم ،وأسألها اليوم من خلال جريدة الحوار :ما الذي منعك من الذهاب ومن منعك من ذلك؟ لأنه حسب معلوماتي تم منعها من الزيارة ،أما العربي بلخير فقد اتهمه المرحوم أحمد لخضر بن سعيد بأنه المسؤول الأول على مقتل بوضياف ،لهذا أقولها وأكررها كل من الجنرال توفيق وخالد نزار والعربي بلخير وإسماعيل العماري وعباس غزيل مسؤولون على اغتيال بوضياف. نعيش هذه الأيام على وقع حرب تصريحات بين الجنرالات ، هل من الممكن أن يكشف هذه الحرب، عن قتلة بوضياف؟ أكيد .. ستنكشف الحقيقة حتما فبعد هذه المدة كلها لا يزال الشعب يطالب بمعرفة الحقيقة لأنه تأثر كثيرا بمشهد اغتياله ،أوقفني شرطي ذات يوم ما وقال لي :أنت تشبه رجلا أقدره وأحترمه كثيرا ،ففهمت مقصوده لكنني سألته من؟ فقال سي محمد بوضياف ،فقلت له الكثير يخبرني عن الشبه وصارحته أنني ابنه ،فدمعت عيناه وأقشعر بدنه وقال لي أنه كان بعمر 13 سنة حين تم اغتيال بوضياف ولا تزال صورة ذلك المشهد في ذاكرته ،لهذا لا بد من إظهار الحقيقة للشعب حتى تسترجع المؤسسة الأمنية ثقته بها . في خطابه يوم آداء اليمين، كانت هناك عبارة " هذه يدي أمدها للجميع " ،طلب منه الجنرالات حذفها من الخطاب لكنه رفض ماذا كان يقصد بها؟ حين دخل إلى الجزائر في 16 جانفي كان خطابه قد كتبه في المغرب فأحضر له الجنرالات خطاب آخر فرفض أن يقرأ خطابهم فطلبوا منه حذف عبارة هذه يدي أمدها للجميع التي كان يقصد بها أن يكثف جهوده مع كل الجزائريين ومع كل الطبقات السياسية بمختلف توجهاتها ،لكنهم أرادوا أن يدخلوه في صراع مع الإسلاميين ،كان يحاول إيجاد حلول لإيقاف الفوضى والأزمة الدموية في تلك الفترة وفي الأسبوع الذي اغتيل فيه كان له موعد مع أحد القيادات الإسلامية . بعد وفاة بومدين، قام الراحل بوضياف بحل حزبه، لو تحدثنا عن الظروف التي حل فيها الحزب؟ قام بحل حزبه بعد وفاة الرئيس هواري بومدين حين شاهد أن الشعب كله بكى وحزن على رحيله فتأكد أنه أخطأ في معارضته للرجل و سياسته. يتبع….