بعدما أبهرت الدبلوماسية الجزائرية العالم اجمع بقدرتها على جمع الفرقاء وحل النزاعات بين المتناحرين والدفع بأسعار النفط نحو الارتفاع، خرجت فرنسا لتضرب الانجاز المحقق عرض الحائط بعدما أكدت انها لم تتلق لحد الساعة اي طلب رسمي من الجزائر لاسترجاع جماجم الشهداء الجزائريين الموجودة حاليا بمتاحفها والمقدرة ب 36 جمجمة، وهذا رغم تأكيد وزير المجاهدين الطيب زيتوني في كل مرة بالمساعي الجزائرية الجادة لتسوية الملف. وقال المتحدث باسم الخارجية الفرنسية رومان نادال، في تصريح لوكالة الأناضول خلال المؤتمر الصحفي الأسبوعي للوزارة في باريس، "إن فرنسا في انتظار طلب رسمي من الجزائر بخصوص ملف استرجاع جماجم الشهداء الجزائريين"، مشيرا الى أن "فرنساوالجزائر تجريان منذ عدة أشهر محادثات هدفها إعادة رفات شهداء المقاومة الشعبية، الذين قتلوا خلال الحملة الفرنسية على الجزائر عام 1830، والتي ما زالت فرنسا تحتفظ بهم في "متحف الإنسان" بباريس"، مشيرا إلى أن بلاده تنتظر طلبا رسميا من الجزائر لاسترجاع جماجم ورفات الشهداء الجزائرين.
وأضاف نادال بأن باريسوالجزائر تتعاونان في إطار "مناخ من الثقة"، لإرجاع جماجم مقاومين جزائريين، الموجودة حالياً في متحف "الإنسان" بالعاصمة باريس، مؤكدا على اجراء "حوار وثيق" بينهما، بشأن جميع القضايا ذات الصلة بالذاكرة، من بينها إعادة نحو 50 جمجمة تحتفظ بها باريس في خزانات معدنية بالمتحف، بعيدا عن الزوار، مشيرا في سياق متصل إلى أنّ بلاده في انتظار طلب رسمي من الجزائر بخصوص موضوع الجماجم، والذي من المفترض أن يقود في مرحلة لاحقة نحو إجراء تشريعي، متطرقاً في هذا الصدد إلى القانون الفرنسي الصادر في 18 ماي 2010، بشأن إعادة فرنسا رؤوس "الماوري" التي كانت موجودة في المتاحف الفرنسية إلى بلدها الأصليو نيوزيلندا.
وبحسب المصدر نفسه، فإن هذا القانون الذي "يخوّل إعادة فرنسا لرؤوس الماوري إلى بلدها الأصلي، يحدّد إجراءات إعادة الممتلكات إلى الخارج، عقب فصلها عن التراث الفرنسي، لافتاً إلى أنه من المنتظر –تبعاً لذلك- أن تتدخّل اللجنة العلمية الفرنسية في هذه العملية، وتقدّم رأيها إلى البرلمان حول فصل تلك الممتلكات (الجماجم)، لافتا في ختام حديثه إلى أنه من المنتظر أيضاً أن يتدخّل متحف "الإنسان" بباريس في عملية إرجاع جماجم مقاومي الجزائر.
في المقابل كان وزير المجاهدين الطيب زيتوني قد اكد في وقت سابق، أن الملف قد أدرج ضمن الملفات من أجل المباحثات مع الطرف الفرنسي، مضيفا أنه تم التكفل به بالتنسيق مع مصالح وزارة الشؤون الخارجية وسفارة الجزائربباريس، وهذا في رد على مراسلة النائب البرلماني عن جبهة العدالة والتنمية، لخضر بن خلاف، كما قال الوزير: "نسعى حالياً بالتنسيق مع وزارة الشؤون الخارجية، من أجل التكفل الأنجع بهذه المسألة التي يعود تاريخها الى أكثر من قرن"، مضيفا أن هذه القضية متكفل بها من طرف الدولة، دون تقديم تفاصيل حول طبيعة التحركات الرسمية لاسترجاع هذه الجماجم.
وتعليقا على تحفظ السلطات الجزائرية على تقديم التفاصيل، اكدت المحامية فاطمة الزهراء بن براهم، انها تشكك في الإجراءات القانونية التي اتبعتها الدولة الجزائرية من أجل ذلك، وقالت في تصريحات صحفية سابقة بأن الوزارة بعثت برسالة لكتابة الدولة الفرنسية لدى وزير الدفاع المكلف بقدماء المحاربين والذاكرة، في حين أن الطرف المعني بالملف مباشرة هي وزارة الثقافة المشرفة على المتحف الذي توجد به جماجم الشهداء، في حين اكد رئيس اللجنة الاستشارية لحقوق الإنسان فاروق قسنطيني، إمكانية استرجاع هذه الجماجم بطريقة رسمية، وعلى فرنسا الاستجابة لطلب الحكومة دون مماطلة أو تسويف، قائلا بأنه في حالة رفض الحكومة هذا المطلب فسترفع القضية أمام المحاكم الدولية لاسترجاع حق الأحفاد في دفن أجدادهم بطريقة لائقة، وفضح الممارسات الاستعمارية الوحشية التي ترفض إلى غاية الآن الحكومة الفرنسية الاعتراف بها. ليلى عمران