يبدو أن أصحاب المركبات النفعية منها أو السياحية قد أدركوا أهمية تحويل مركباتهم إلى غاز البترول المميع من أجل تقليص أعباء الوقود التقليدية التي عرفت أسعارها زيادات محسوسة بعد أن أقرت الحكومة في قانون المالية الساري المفعول تطبيق هذه الزيادات لترشيد نفقات الخزينة العمومية من خلال التحكم في فاتورة الاستيراد وتشجيع المنتوج الوطني للتخلص بشكل تدريجي من التبعية الكاملة لعائدات المحروقات التي تعرف توترات كبيرة في أسواق النفط الدولية. في سياق الموضوع أعطى وزير الطاقة مصطفى قيطوني، في وقت سابق، توجيهات للمؤسسة الوطنية لتسويق وتوزيع المنتجات النفطية من أجل تسريع عملية تحويل المركبات لاستعمال وقود غاز البترول المميع من أجل التقليص من استيراد الوقود الذي يقدر حجمه السنوي ب 3.5 مليون طن من الوقود والمازوت. ومن أجل بلوغ هذا الطموح قامت السلطات العليا للبلاد بدراسة الملف من الجانب المالي والبيئي لتمكين الموطن من استيعاب الهدف من هذه السياسة الطاقوية. * تخصيص 700 مليون دج لترقية استعمال الطاقة وترشيدها في هذا الصدد يمكن لأصحاب السيارات السياحية الراغبين في تحويل مركباتهم إلى استعمال قارورة سيرغاز، تجهيز سياراتهم مقابل 15 ألف دج إلى 20 ألف دينار فقط، في إطار عملية دعم تطلقها وزارة الطاقة وستكلف الخزينة العمومية 700 مليون دينار. يمكن للمواطنين أصحاب السيارات السياحية الاستعداد لعملية كبرى ستطلقها الوكالة الوطنية لترقية وترشيد استعمال الطاقة بداية شهر فيفري الداخل، تتعلق بتجهيز 20 ألف سيارة بمعدات سيرغاز، حيث تتكفل الوكالة بدفع 50 بالمائة من ثمن التجهيزات ولن يتحمل صاحب السيارة إلا 50 بالمائة المتبقية من الكلفة، وحددت أسعار التجهيزات بين 30 ألف دج و38 ألف دج، وخارج هذه العملية تتراوح أسعارها الحقيقية بين 45 إلى 60 ألف دج. وحسب ما أكده رئيس مصلحة بالوكالة وازن مراد ل"الحوار"، فإن العملية ستكون لفائدة المركبات السياحية التي تشتغل بالبنزين والراغب أصحابها في تحويلها إلى الغاز المسال، وستكلف الدولة 700 مليون دينار أي 70 مليار سنتيم، تدخل في إطار تطبيق العمليات المسجلة ضمن خطة 2017 المتعلقة بإنفاق السلطات العمومية لترقية استعمال الطاقة وترشيدها وحماية البيئة. ولحساب هذه العملية التي يستفيد منها المواطنون دون شروط أطلقت الوكالة الوطنية لترقية وترشيد استعمال الطاقة شهر أوت 2017 مناقصة وطنية لاختيار المتعاملين العموميين والخواص وحتى الأشخاص الطبيعيين الذين يشتغلون في تركيب تجهيزات سيرغاز للسيارات، كي يتكفلوا بعمليات التركيب، وقد أسفرت المناقصة حسب وازن عن اختيار 99 متعاملا عبر 44 ولاية ستوكل إليهم هذه المهمة. ما يجب أن يعلمه المواطنون هو أن العملية تتعلق بتجهيز 20 ألف مركبة من سيارات المواطنين، وتدفع كلفة التجهيزات زائد اليد العاملة والمقدرة بين 30000 دج إلى 38000 دج، حسب الأسعار التي فاوضت عليها الوكالة، تدفع مناصفة بين الزبون والوكالة بنسبة 50 بالمائة لكل منها. ومنذ دخول السنة الجارية 2018 شهدت محطات تركيب أجهزة الغاز المسال سيرغاز إقبالا كبيرا من طرف المواطنين لتحويل سياراتهم لاستعمال الغاز نظرا لسعره المنخفض المقدر ب9 دج للتر مقارنة بأسعار الوقود الأخرى التي قفزت إلى مستويات لم يعد ممكن تحملها (فوق 40 دج للتر)، خاصة وأن القدرة الشرائية عرفت تراجعا محسوسا بفعل الزيادات في أسعار كل السلع والخدمات. وحسب تصريحات المواطنين فإن هناك رغبة متزايدة في استعمال الغاز كوقود، لكن أسعار تركيب التجهيزات التي تتراوح بين 48 ألف دج و60 ألف دج ثبط عزيمة الكثيرين، ممن يرون في هذه الأسعار عبئا فوق ميزانياتهم خاصة أرباب العائلات ومستعملي الطريق لأغراض العمل أو الذين يشتغلون لحسابهم الخاص مستعملين سياراتهم السياحية. * لاشروط للاستفادة من عملية تجهيز المركبات بقارورة سيرغاز وبحسب الوكالة التي تشرف على سير العملية لحساب وزارة الطاقة، فإنه لا يوجد شروط للاستفادة، والعملية موجهة لكل صاحب سيارة سياحية مرقمة في الجزائر (كل الولايات) في حدود 20 ألف سيارة لجميع القطر الوطني، وما على صاحب المركبة الراغب في تحويلها لاستعمال الغاز إلا التقدم للمتعاملين في تركيب التجهيزات وملء استمارة ثم التصديق عليها في البلدية ودفع 50 بالمائة من الكلفة، ليقوم المركّب بدوره بجمع عدد ما أنجز من تركيبات والتوجه للوكالة التي تدفع له 50 بالمائة المتبقية من الكلفة. وللتعريف، تقوم هذه الوكالة التي أنشئت بمرسوم رئاسي سنة 1985 بتنفيذ السياسة الوطنية للتحكم في الطاقة عبر ترقية النجاعة الطاقوية، وقد كلفت بموجب القانون 99/09 المتضمن التحكم في الطاقة بمهام: تنسيق وتنشيط السياسة الوطنية للتحكم في الطاقة، وكذا تنفيذ ومتابعة البرنامج الوطني للتحكم في الطاقة. وقالت مصادر من خارج الوكالة إن العملية الأولى المتعلقة بتجهيز 20 ألف سيارة ستتبع بأخرى تخص 30 ألف سيارة أخرى في عملية مماثلة للأولى لم يعلن عليها بعد. وتوجد هذه العملية ضمن برنامج وزارة الطاقة منذ سنوات، وسبق أن تسربت معلومات عن وعود بإطلاقها من الوكالة الوطنية لترقية وترشيد استعمال الطاقة منذ العام 2016 لكنها لم تر النور لأسباب غير معروفة، وتبدو الأمور جاهزة هذه المرة، وأكدت الوكالة إطلاقها فعليا مع حلول شهر جانفي الجاري. ومن جانبه نفى مسؤول قسم سيرغاز بشركة نفطال سمير بن شيحة أن تكون السيارات المجهزة للسير بوقود سيرغاز عرضة لأخطار الحريق والانفجارات مثلما يعتقد كثير من المواطنين، معتبرا أنها سيارات آمنة أكثر من غيرها حيث يمكن لخزان البنزين أن يلتهب عند الصدمة لكن خزان سيرغاز لا ينفجر مطلقا. دفع ارتفاع أسعار الوقود مع دخول سنة 2018 المواطنين أصحاب السيارات السياحية إلى الإقبال على التحويل للغاز النفطي المسال سير غاز بسبب ثمنه المنخفض المقدر ب9 دج، لكن تخوف الكثيرين لا زال سائدا من الانفجار ويعتقد بعضهم أن حمل خزان غاز بسعة 60 لترا بصندوق السيارة هو بمثابة حمل قاروة غاز يمكن أن تنفجر أو تلتهب بمجرد صدمة أو حادث مرور. هذا الأمر طرحناه على مسؤول مصلحة سيرغاز بشركة نفطال سمير بن شيحة، الذي نفى هذه التوجسات جملة وتفصيلا، مؤكدا ل"الحوار" أن "الأفكار القديمة هي التي تجعل المستعمل يخاف من انفجار السيارة. التجارب تؤكد أنه في حال الاصطدام فإن خزان الوقود ينفجر وخزان الغاز لا ينفجر وهناك تجهيزات خاصة وصمام أمان ومخفض ضغط يطرد الهواء الزائد ويقطع التزويد في حال الصدمة، حتى في حال الحريق ينقطع الغاز"، مضيفا أنه "في نفطال منذ أن بدأنا استعمال الغاز لم تحصل حوادث وفي حال تسجيل حوادث نادرة جدا يكون المستعمل هو السبب". * وقود صديق للبيئة اعتمدته دول صناعية متقدمة ولم تصبح لتخوفات الجزائريين من استعمال الغاز المسال كوقود مبررات بعدما أثبتت دول متقدمة تعميم استعماله كطاقة نظيفة بدل أنواع الوقود الأخرى الملوثة للبيئة والمنهكة لميزانيات الحكومات، فإيطاليا 40 بالمائة أو 50 بالمائة من سياراتها تسير بالغاز وكل حافلات النقل العمومي التي تسير داخل المدينة تسير بالغاز أيضا. وتوجد بلدان أخرى مثل تركيا وتايوان تقدمت كثيرا في استعمال الغاز المسال كوقود نظيف يحافظ على سلامة البيئة أيضا" أكد بن شيحة. * مستقبل الجزائر في التحول للسير بالغاز الجزائر من أكبر بلدان العالم إنتاجا للغاز، وسيرغاز هو وقود المستقبل بل بلادنا متأخرة في التحول نحو هذا الوقود غير المكلف حسب المختصين. فهي تمتلك مركبات ضخمة لتكرير الغاز وإنتاجه وقودا ومركب تقنتورين بتمنراست أنشئ خصيصا لهذا الغرض، ويرى المسؤول بنفطال "نحن متأخرون مقارنة بما نملك من ثروات غازية، فربما لو زادت أسعار الوقود منذ مدة لتحولنا حتما إلى الغاز ولكانت الحظيرة الوطنية للسيارات تسير اليوم كلها بالغاز". ربما يكون هناك مشكل أمام استعمال هذا الوقود النظيف وهو أنه غير متوفر في جميع المحطات وفي هذا السياق تؤكد نفطال أنه يوجد حاليا تقريبا 700 محطة مجهزة بسيرغاز، والهدف هو بلوغ 1000 محطة، في حين تلزم تعليمات وزارة الطاقة جميع من يرغب في فتح محطة بنزين بتزويدها بوقود سيرغاز، إلا في حال المحطات الواقعة داخل التجمعات السكنية أين يمنع القانون ذلك بسبب شروط المسافات والسعة والأمن داخل التجمعات السكانية. * خزانات بسعة 100 لتر قريبا للمركبات النفعية وإذا عدنا لحزمة التجهيزات اللازمة لتحويل السيارة للسير بالغاز نحتاج إلى الخزان وتوابعه وهو نظام الكتروني يعمل وحده براحة دون تدخل السائق، يقلع بالبنزين وبعد ارتفاع حرارة المحرك يقلب تلقائيا إلى الغاز، وفي حال نفاد الغاز يعود المحرك للاشتغال بالوقود تلقائيا عن طريق المحول الكهربائي. وتوجد خزانات بمختلف السعات 42 لترا 60 لترا و"الأكثر استعمالا لحد الآن هو خزان 60 لترا لملائمته معظم المركبات السياحية، وبعد شهرين سيتم تركيب خزانات بسعة 80 لترا وهناك أيضا 100 لتر بعد وتخص هذه السيارات النفعية الأكبر حجما" بالنسبة لشركة نفطال. الغاز لمن يهمه أن يعلم، يخرج سائلا من المحطة ثم بفضل نظام تحويل واحتراق يتحول إلى هواء داخل المحرك، وتوجد تقنيات متقدمة في إبقاء الغاز سائلا، تعمل الشركة لبلوغها مستقبلا. أما عن حافلات النقل العمومي فنظامها يسير بالغاز الطبيعي وهو غاز آخر في حال التفكير في تغيير سيرها للغاز. * تجهيزات إيطالية عالية الجودة والأمان بالنسبة للتجهيزات المستعملة حاليا هي مستوردة من إيطاليا بمواصفات أمن عالية جدا، وهناك مشروع بين شركة نفطال والشريك البولوني لإنتاج التجهيزات هنا بالجزائر. لبلوغ الهدف المسطر لسنة 2030 وهو مليون سيارة تسير بالغاز. وفي هذا الموضوع يجب الإشارة إلى المرسوم الوزاري المشترك بين وزارة الطاقة والمناجم والصناعة الصادر في جوان 2014 والمتعلق بإلزام المتعاملين في استيراد السيارات بنسبة 10 بالمائة من السيارات المستوردة تكون مجهزة للسير بالغاز النفطي المسال، ولهذا الغرض دائما هناك شرط تجهيز السيارات المصنعة محليا في حدود 25 بالمائة منها للسير بسيرغاز، وستنجز نفطال للغرض خلال السنة الجارية 2018 مركزا عملاقا غرب الجزائر بوهران تحديدا، أين يتمركز تركيب السيارات، الغرض منه أن تخرج السيارة من المصنع تمر إلى هذا المركز لتجهز بسير غاز عند نفطال قبل أن تذهب إلى المستهلك. غنية قمراوي