أجبر غلاء المعيشة وما صاحبها من زيادات أسعار مختلف المنتوجات والخدمات، وبالخصوص ارتفاع أسعار الوقود، أصحاب المركبات والذين وجدوا أنفسهم مضطرين لا مخيِّرين للتحول نحو "سيرغاز" الأرخص ثمنا، فصار التخوف مما يعتبرونه "قنبلة موقوتة" داخل السيارة من الماضي، وهو ما تؤكده الأفواج البشرية المتدفِّقة على مراكز تحويل السيارات، لدرجة لن تحلم بالظفر بموعد لتحويل سيارتك قبل شهر أفريل المقبل، بدل 15 يوما مثل ما كانت سابقا. رغم أن غاز البترول المسال "جي بي أل" لم يكن يوما ضمن اهتمامات سائقي المركبات، حتى وهو الأرخص والأفضل والأأمن حسب تأكيد التقنييّن والمختصِّين... لكن الزمن تغيّر وصار سيرغاز مطلب السائقين... فعندما يتضرّر جيب المواطن تزول المخاوف ولا ينفع غير الحلول الجديدة. والظاهرة جعلت مؤسسة نفطال والمتعاملين الخواص، يسابقون الزمن لتحقيق هدف تحويل مليون سيارة نحو سيرغاز في حدود الفترة الزمنية بين 2025 و2027.
لا تحجز قبل 4 أشهر.. وللوقوف على اقبال المواطنين، زارت "الشروق اليومي" أحد أكبر مراكز التحويل لسير غاز التابع لمؤسسة نفطال بحسين داي، وحقيقة تفاجأنا لحجم إقبال المواطنين على المركز، حيث وجدنا صعوبة كبيرة في الحديث مع المنسق الوطني لسير غاز والعاملين هناك البالغ عددهم 22، لانهماكهم في تسجيل مواعيد المواطنين الباحثين عن تحويل سياراتهم، والإجابة شفهيا أو هاتفيا على تساؤلات آخرين حول أمان سيرغاز. وأكد لنا المنسق الوطني لمراكز تحويل سيرغاز لنفطال، محمد زبيري، أن مركز حسين داي يستقبل يوميا بين 30 و50 صاحب سيارة من نساء ورجال يأتون من 48 ولاية، لحجز مواعيد، عن طريق تقديمهم للبطاقة الرّمادية فقط، وأقرب موعد لن يكون قبل 16 أفريل المقبل، ومن يحالفه الحظ قد يحظى بموعد قريب بعد تنازل شخص عن موعده، وأكثرية المتقدمين حسب ما شاهدناه من سائقي سيارات الأجرة. وتتراوح أسعار التحويل بالمركز بين 59500 دج و58500 دج الى غاية 78000 دج لسيارات 4*4، فالسعر يختلف حسب نوعية السيارة، وما أكده لنا زبيري "أن بعض السيارات لا يمكنها التحول لسيرغاز بسبب ضعف محركها، وغالبيتها ذات الصنع الصيني، فحتى الوقود يضرها فما بالك بسيرغاز" حسب تعليقه، ومنها سيارة "الكيوكيو"، وكثيرون من مالكي هذه السيارات وجدناهم بالمركز يستفسرون عن الأمر.
الفنادق والمطار تمنع دخول مركبات سيرغاز وعن نوعية الأسئلة التي يطرحها المواطنون على عاملي المركز، حقيقة انفجار قارورة سيرغاز، تسرب الغاز، التأثير على قدرة المحرك بعد التحويل، فيطمئنهم التقنيون، حسب ما سمعناهم بالقول "سيرغاز جد آمن، ولا تأثير على المحرك، ولكن لابد على المتحولين لسيرغاز من استعمال الوقود ولو مرة في الأسبوع ولنصف ساعة للمحافظة على مرونة المحرك، مع ضرورة إعادة مراقبة السيارة بعد عامين ونصف، ويتحصلون على ضمان لمدة سنة". وأكد زبيري أن بعض مستعملي سيرغاز ممن لا يقومون بالصيانة الدورية، قد يتعرضون للتوقيف على مستوى الحواجز الأمنية. ويستعمل مركز حسين داي قارورات سيرغاز نوعية "BRC" ذات الجودة الأولى في ايطاليا، عكس بقية المتعاملين... ويتساءل كثيرون عن سبب منع دخول سيارات الغاز إلى بعض الفنادق والمطارات، اذا كانت فعلا آمنة؟ فأجابنا زبيري "منع دخول سيارات الغاز سببه أمني محض ولا علاقة له بالغاز، فالتخوف هو استعمال القارورات لأغراض تضر بالأمن."
يتحول نحو سيرغاز توفيرا للمال اقتربنا من مواطن يدعى عبد الحق دراجي، متقاعد من مؤسسة عمومية، أكد لنا أنه يسوق سيارة الوقود منذ 38 سنة كاملة، ليقرر بعد غلاء أسعار الوقود التحول نحو سيرغاز، وحسب قوله "أنا رب أسرة، ولدي مصاريف كثيرة، ومرتبي لا يمكنني من استعمال الوقود الذي وصل إلى 41 دج للتر، فقررت التحول إلى سيرغاز بعد استشارة تقنيّين من معارفي، خاصة وأنني أقطع يوميا مسافة 150 كلم".
مدير "سيرغار" بنفطال مصطفى نوري ل"الشروق": سيارات "GPL" من مصانع التركيب الجزائرية قريبا أولتْ مؤسسة نفطال وبتعليمات من وزارة الطاقة والمناجم، أهمية كبيرة لعملية تحويل المركبات نحو سيرغاز، فأطلقت مشاريع مهمة في المجال، جميعها تهدف للاقتصاد في استعمال الوقود المستورد وتوفير العملة الصعبة، وتزامنت مشاريعها مع حملات تحسيسيّة للتوعية بفوائد هذا النوع من الوقود النظيف. وللتعرف أكثر على استراتيجية المؤسسة، استقبَلنا مدير تطوير سيرغاز بمؤسسة نفطال، مصطفى نوري بمكتبه، كاشفا لنا عن عديد المشاريع والأهداف المسطّرة، وبلغة الأرقام عدّد لنا الإنجازات المحققة في مجال سيرغاز منذ 2015 والى غاية 2030. فنفطال وضعت استراتيجية وطنية، حسب نوري، بهدف تعميم السير بسيرغاز على المستوى الوطني، وكما أنها تسابق الزمن رفقة المتعاملين الخواص، للوصول لمعادلة "العرض أكثر من الطلب في مجال التحويل"، فحاليا الطلب يفوق العرض، وخلال الأربع سنوات المقبلة "لن تكون هنالك منافسة بين القطاع العمومي والخاص في قطاع السير غاز، وإنما علاقة تكاملية" حسب تعبير المتحدث.
2017 عرفت زيادة في استهلاك الغاز بنسبة 25 بالمائة عن 2016 وبلغة الأرقام، وحسب استراتيجية نفطال المسطّرة من قبل وزارة الطاقة، لغرض التقليل من التزود بالوقود والتحول نحو غاز البروبان المميع للسيارات، في الفترة الزمنية بين 2025 و2027 تسعى السلطات لتحويل قرابة مليون سيارة نحو السير غاز، مع استهلاك مليون طن غاز، ففي سنة 2017 فقط يؤكد محدثنا عن استهلاك السائقين ل400 ألف طن سيرغاز، بنسبة تقدم تساوي 25 بالمائة عن سنة 2016، وهو ما جعله يصف اقبال السائقين على هذا النوع من الوقود ب"الكبير جدا". ولتحقيق هدف تحويل مليون سيارة، يجب الوصول الى 650 مركز تحويل عبر التراب الوطني، يضم كل مركز من ورشتين الى خمس، حيث يوجد حاليا 350 ورشة تحويل على المستوى الوطني، وتساهم نفطال ب 30 بالمائة من المجهود الوطني لتحويل المركبات نحو سير غاز. تسعى نفطال لإنشاء 650 مركز تحويل، يضم كل مركز بين ورشتين الى خمس، ويوجد حاليا 350 ورشة تحويل على المستوى الوطني، وتساهم نفطال ب 30 بالمائة من المجهود الوطني لتحويل المركبات نحو سير غاز.
48 ألف سيارة تتحوّل لسيرغاز في 2016 وعن استهلاك غاز البروبان المميع، في 2016 تم تحويل 48 ألف سيارة وطنيا، ساهمت نفطال في تحويل 11 ألف منها أي بنسبة 22 بالمائة، أما في 2017 فتم تحويل 60 ألف سيارة، بمساهمة من نفطال مقدرة بأكثر من17 ألف تحويل. وبتفصيل أكثر، في 2016 تم تحويل 48 ألف سيارة، وفي 2017 حٌولت 60 ألف سيارة، أما في 2018 يترقب تحويل 80 ألف سيارة، ليقفز الرقم الى 120 ألف سيارة تسير بسيرغاز في 2019، أما في 2021 فالهدف المسطر من وزارة الطاقة هو تحويل 500 ألف سيارة ما بين 2018 و2021. وبخصوص محطات الخدمة التي ستدخل خدمة السير غاز، يؤكد محدثنا بأن نفطال تسعى لانجاز محطات وقود جديدة لتعبئة غاز البروبان المميع، "ففي 2015 ومن بين كل 5 محطات لتعبئة الوقود، تتواجد محطة لسيرغاز، وفي 2017 تطور الرقم ليصبح من بين كل 3 محطات لدينا واحدة لسيرغاز، والهدف أن نصل في 2019 للمعادلة محطتين من أصل 3 ستعبِئ غاز البروبان". حيث سيصبح بإمكان السائق، تعبئة الوقود بمحطات تفصل بينها مسافة لا تتعدى 15 و20 كلم، أي بعد 20 دقيقة سيْر، مع التزود بشاحنات نقل جديدة، وتشييد الخزانات ذات قدرات الاستيعاب الكبيرة عبر الولايات.
100 محطة خدمات جديدة انتهت بها الأشغال بنسبة 80 بالمائة وكما أن 100 محطة خدمات جديدة، انتهت بها الأشغال بنسبة 90 بالمائة، ستكون في سنة 2018 هنالك 100 محطة سيتم انشاؤها انتهت بها الأشغال بنسبة 52 بالمائة ولكن، هل يتقبل الجزائريون التحول لسيرغاز بسهولة، في ظل التخوف من هذا النوع من الوقود؟ فيجيب نوري باعتباره أيضا تقنيا في نفطال "بأن غاز البروبان المميع أمن جدا، بل أكثر أمانا من الوقود العادي، وخزانه مٌؤمن أكثر من خزان الوقود العادي، كبيريتم فتح صمام يطرد منه الغاز حتى لا يحدث انفجار."، معطيا لنا مثالا بالولاياتالمتحدةالأمريكية، والتي تعمل فيها الحافلات المخصصة لنقل التلاميذ بالسير غاز، وهو دليل على درجة الأمان الكبيرة لهذا الوقود.
قارورة ال "سيرغاز" آمنة ولن تنفجر حتى وسط حريق مهول وأوضح بالقول "يعتقد كثيرون أن قارورة الغاز مثل القنبلة الموقوتة في السيارة، وأنا أأكد لهم بأنها لن تنفجر مهما حصل ولو في حريق مهول"، وقد أرانا محدثنا فيديو سجلته كاميرا مراقبة بمحطة خدمات بولاية معسكر، حيث احترقت فجأة سيارة مواطن تسير بسيرغاز اثر شرارة كهربائية، ورغم أن السيارة احترقت عن كاملها، لم تنفجر قارورة الغاز"، وهو ما جعله يؤكد أن "جي بي أل" أمن جدا، ولكنه يحتاج كغيره من الوقود لشروط، أهمها الصيانة والفحوصات الدورية لدى خبير معتمد من طرف وزارة المناجم، وكما أنه بعد تصليح السيارة لدى ميكانيكي عادي بسبب عطل ما، لابد من إعادة مراقبتها من طرف خبير في سيرغاز لفحص تركيب الغاز. وبخصوص أسعار التحويل والتي يراها السائقون "مرتفعة" يؤكد محدثنا بالقول "بإمكان السائق المتحول تعويض المبلغ المدفوع بعد 18 شهرا فقط سيْر، مقارنة باستعماله الوقود العادي". ويساهم استعمال سيرغاز في حال تعميمه، في انعاش الاقتصاد الوطني، خاصة وأنه منتوج محلي، كما أن الجزائر تستورد حاليا 3 ملايير دولار من الوقود، وباستعمال السير غاز، ستنقص الواردات، ونربح العملة الصعبة.
اتفاقيات بين نفطال و"أونساج" و"الكناك" لتكوين الشباب في التحويل نحو السيرغاز ولهذ الغرض، أبرمت نفطال اتفاقيات ثنائية مع مؤسسات عمومية وخاصة لتحويل مركباتهم، واتفاقية مع نقابة سائقي الأجرة هي في لمساتها الأخيرة، وكشف لنا عن اتفاقيات ستٌبرم قريبا مع مصانع تركيب السيارات بالجزائر، حيث أكّد "ستخرج سيارات جديدة من هذه المصانع تعمل بسيرغاز، ولهذا الغرض نقوم خلال هذه السنة بدراسات لإنشاء قٌطب كبير للتحويل، يكون تحت تصرف مٌصنعي السيارات". ويؤكد مدير سيرغاز، أن 70 بالمائة من المتعاملين الخواص في ميدان التحويل لسيرغاز، مكوّنون في نفطال، كما أمضت المؤسسة اتفاقيات مع وكالة تشغيل الشباب "أونساج" لغرض التكوين المجاني للشباب، حيث استفاد 10 شبان من التكوين في 2017، وفي 2018 سيتم تكوين 38 شابا على المستوى الوطني، يستفيدون من المرافقة التقنية لنفطال بورشاتهم، واتفاقية أخرى مع الصندوق الوطني للتأمين على البطالة "كنان". وبخصوص مواعيد التحويل، فبعدما كان الحصول على موعد لتحويل السيارة في 2016 يستغرق حتى 3 أشهر، نزل في 2017 وبعد إنشاء 15 مركز تحويل إلى 15 يوما، ولكن بعد الزيادات الأخيرة في أسعار الوقود، زاد الطلب مقارنة بالعرض، لتحجز المواعيد الى غاية 3 أشهر، والذي يسعى نفطال لتخفيضه الى 15 يوما في الأشهر المقبلة.