يعيش قطاع التربية، في الآونة الأخيرة، تخبطا كبيرا، عكسته تناقض التصريحات بخصوص شهادة التعليم المتوسط، فبعد أن صرح نائب مدير برامج التعليم بوزارة التربية بدراسة إلغاء هذا الامتحان، خرجت الوزيرة بتصريح مناقض له تماما حيث نفت أنّ تكون هناك نية لإلغائها، ويضاف إلى ذلك استفحال ظاهرة "تسريب" مواضيع الامتحانات المصيرية على موقع التواصل الاجتماعي "فايسبوك" التي لم تستطع الوزارة التحكم فيها رغم اتخاذ كل الإجراءات اللازمة لمواجهة هذه الظاهرة التي تتكرر في كل مرة. فبعد تسريب مواضيع اللغة العربية والرياضيات في امتحانات شهادة التعليم الابتدائي.. ها هو اليوم يعود سيناريو التسريبات في امتحانات شهادة نهاية التعليم المتوسط "بيام"، ما يجعلنا نطرح العديد من التساؤلات حول من يقف وراء هذه التصرفات التي تطعن في مصداقية نتائج الامتحانات، وكذا ما مصير شهادة البكالوريا في ظل انعدام آليات التحكم في هذه الظاهرة التي ستنعكس بالسلب على مستوى المنظومة التربوية عموما والمردودية خصوصا.
المواضيع المنشورة في الفايسبوك لا علاقة لها بالامتحانات الرسمية ويحدث هذا في الوقت الذي اعترفت فيه بن غبريط بعجز مصالحها عن القضاء نهائيا على مشكل نشر مواضيع الامتحانات الرسمية عبر مواقع التواصل الاجتماعي، مؤكدة أن السنوات الأخيرة قد شهدت تراجعا في مستوى هذه الممارسات التي أصبحت تقتصر على حالات معزولة لنشر المواضيع وليس تسريب الامتحانات. وفي السياق، قالت بن غبريط، خلال ندوة الصحفية التي نشطتها على هامش إشرافها على الانطلاق الرسمي لامتحانات شهادة التعليم المتوسط من الاغواط، بأن الوزارة قد اتخذت كل الإجراءات الوقائية والتدابير الاحترازية لتجنب أي شكل من اشكال التسريبات التي تهدف التشويش على السير الحسن للامتحانات، مؤكدة على إشراف خبراء مختصين عبر كل الولايات على متابعة تحقيقات معمقة بخصوص تلك التسريبات التي باتت تهدف تغليط التلاميذ من خلال نشر مواضيع مغلوطة، تقول بن غبريط بأنه لا علاقة لها بالامتحانات الرسمية. كما حذّرت التلاميذ المترشحين للامتحانات شهادة التعليم المتوسط والمقبلين على شهادة البكالوريا من تلك الممارسات التي تتسبب حسبها في تقليص حظوظهم في النجاح.
الفاعلون يملكون ضمانات تدفعهم لارتكاب مثل هذه الأفعال من جهته، استنكر الشريك الاجتماعي التصريحات المتناقضة، وكذا بعض التصرفات التي تطعن في مصداقية نتائج الامتحانات وتضع الشهادات المحصل عليها في خانة الشك، مؤكدين فشل مصالح بن غبريط في تسيير أمور القطاع، حيث قال المكلف بالإعلام على مستوى نقابة "الكنابست" مسعود بوديبة، في هذا الصدد، ل"الحوار"، إن هذه التسريبات تحدث من خارج الدائرة التربوية، مؤكدا أن الفاعل يملك ضمانات تدفعه لارتكاب مثل هذه الأفعال التي تضرب بقطاع التربية والاختباء وراءها، داعيا لضرورة فتح تحقيقات سريعة للكشف عن هوية الفاعل، مردفا القول: "وحدهم أهل الاختصاص من يمكنهم معرفة من وراء ظاهرة التسريبات والتداول على المواقع التكنولوجية"، مستبعدا أن يكون التلاميذ من أقبلوا على ذلك، خاصة بعد أن تم جردهم من هواتفهم النقالة في باب مراكز الامتحانات. أما فيما يخص امتحانات البكالوريا فأردف بوديبة القول: "الحديث عن البكالوريا سابق لأوانه، وما يجب العمل عليه حاليا هو التحضير الجيد له، مع التمكن من التحكم في الوسائل التكنولوجية الحديثة المستخدمة للغش، التداول وتسريب المواضيع والتطوير من تقنيات احتواء مثل هذه الظواهر التي باتت تقتضي تقنيات متطورة" يضيف ذات المتحدث.
تداول المواضيع على الفايسبوك مجرد تشويش.. والتلاميذ أبرياء من جهته، ذهب رئيس المنظمة الوطنية لأولياء التلاميذ، علي بن زينة، للقول ليومية "الحوار" بأن إجهاض مثل هذه التداولات والتسريبات في البكالوريا رهان يقع على عاتق بن غبريط، وفي حال تكرار ذات السيناريو في الامتحانات المصيرية لنهاية الثانوي سيعتبر الأمر إخفاقا من إخفاقات أول مسؤولة عن القطاع، وسيحسب عليها إلى جانب التسريبات التي تحدث على رأس مراكز إجراء الامتحانات منذ تولي بن غبريط لحقيبة وزارة التربية، متمنيا أن تمر امتحانات البكالوريا في أحسن الأحوال بعيدا عن أجواء شوشرة مواقع التواصل الاجتماعي أو التوتر التي تطال هذه الامتحانات وترافقها منذ 2014، موجها بالمقابل أصابع الاتهام نحو العاملين بمراكز إجراء الامتحانات عامة بمن فيهم الإداريون والمديرون أو قسم سكرتارية هذه المراكز، قائلا: "يستحيل أن يكون التلاميذ أو الأساتذة من ينشرون المواضيع في الفايسبوك، لأن لا وقت لديهم لذلك". من جهة أخرى، اعتبر رئيس المنظمة الوطنية لأولياء التلاميذ علي بن زينة تداولات مواضيع مستويي نهاية الابتدائي والبكالوريا على الفايسبوك مجرد تشويش ولا فائدة منه، خاصة أن التلاميذ يكونون مشغولين باجتياز الامتحان ولا علم لهم بما يحدث خارج أقسام مراكز إجراء الامتحانات، خاصة في ظل تطبيق التعليمات الوقائية من الغش والتداول المتخذة مع المقبلين على اجتياز الامتحانات المصيرية، داعيا في هذا الصدد لضرورة اتخاذ ذات التعليمات الصارمة المتخذة في حق التلميذ، خاصة أنه ليس من يقف وراء هذه التداولات، حيث حسب بن زينة لا بد للوزارة أن تصدر تعليمات تدعو لسحب الهواتف الذكية من جميع الإداريين العاملين بالمركز، لا سيما أن مكاتبهم تحوي على هواتف ثابتة تساعدهم على تلقي اتصالات عند الحاجة، وهي الإجراءات التي تعزز مراقبة جميع الحلقات التي قد تساهم في مثل هذه التسريبات من جهة وكشف الفاعل بطريقة أو بأخرى، داعيا الى ضرورة تزويد المراكز التي ستجري فيها امتحانات البكالوريا بأجهزة تشويش على الهواتف الذكية بغية الحد من ظاهرة تداول المواضيع وتعزيز إجراءات تضمن حسن سير امتحانات البكالوريا. سعيدة. ج