مهماه: الترفيه تجاوز الترويح عن النفس هارون: صناعة الترفيه قائمة بذاتها يحياوي: متى نكون طرفا في النسق الاقتصادي؟ إبراهيم صديقي: ثقافة الترفيه في الجزائر مجدية إذا أحكم تدبيرها ميهوبي: آن الآوان لدفع الاقتصاد بالعجلة الثقافية نصيرة سيد علي أصبحت صناعة الترفيه من المستلزمات الضرورية لبناء مجتمعات مستديمة تقوم على الشخصية المتوازنة للفرد، وفي منظورات اقتصاد الترفيه التي اعتمدتها العديد من الدول أضحت رافعة للنمو الٌاقتصادي، وأفرزت لها أطرا واستراتيجيات لجعلها قناة تمر من خلالها أموال ضخمة للتمويل الاقتصادي. والسؤال المطروح هنا، كيف هو حال صناعة الترفيه في الجزائر؟ وأين الجدوى الاقتصادية من المهرجانات المتنوعة التي تنظمها الجزائر على مدار العام وتكلف خزينة الدولة أموالا باهظة، حيث اقتطع ما يربو عن 43 مليار دينار سنة 2018 ؟؟، ومتى نجعل قطاع الترفيه على قلته قناة لضخ الموارد المالية خارج المحروقات إلى خزينة الدولة، وكيف تسهم ثقافة الترفيه في الإنعاش الاقتصادي ؟.. في وقت شرعت فيه الحكومة الجزائرية البحث عن وسائل لجلب الموارد المالية لتغطية الخلل المالي الذي ضرب الخزينة العمومية، في ظل تآكل احتياطي الصرف والذي سينزل مع حلول عام 2021 إلى 33 مليار دولار، بالإضافة إلى زيادة نفقات التسيير ب 7.3 بالمائة حسب مسودة مشروع قانون المالية لعام 2019. هكذا سيساهم اقتصاد الترفيه في ضخ الأموال على الخزينة العمومية وفي السياق، يرى الخبير الاقتصادي الدكتور بوزيان مهماه أن الاسترايجية والرؤى الواضحة لتطوير "اقتصاد الترفيه" في الجزائر سيحقق عدة أهداف أساسية منها توفير الترفيه العائلي في الجزائر قاطبة وبشكل متطور ومقبول مضموناً وسعراً وهذا سيسهم بلا ريب في تعزيز راحة العائلة وتماسكها والصحة النفسية لأفرادها وتطوير الاقتصاد الاجتماعي وتوسعته، وسيسهم أيضا في عقد شراكات مع الشركات المختصة والناشطة في فروع الترفيه، وفتح المجال للقطاع الخاص وإنشاء المشروعات الصغيرة في هذا المجال حيث يوفر الوظائف والخدمات، وتوفير دخل إضافي للميزانية العامة وتنشيط الاقتصاد، وتوجيه الترفيه وفق عادات وقيم مجتمعنا بما سيسهم كذلك في الترويج والتثمين لقطاع الصناعات التقليدية الذي بإمكانه أن يُبرز صفة التنافسية التي يمتلكها ضمنيا، وإنشاء التعاونية لإدارة الفضاءات العائلية العامة وفقاً لدفاتر شروط تدعم خدمات الترفيه وتحفظ الخلق العام، وأيضا توجيه الاستثمار لإنشاء شركات تعمل في قطاع الترفيه تضطلع بتطوير القرى السياحية والترفيهية البحرية وكذا المدن الترفيهية والسياحية الصحراوية شتاءً من خلال إشراك العاملين والناشطين وكذا الخبرات العاملة في مجالات الترفيه على المستوى الوطني. كما أن "الترفيه" ينبغي أن يكون قطاعاً عالي التأهيل. صناعة الترفيه تجاوزت كماليات الحياة وفي الإطار نفسه أكد الدكتور بوزيان مهماه بأن الترفيه لم يعد من كماليات الحياة، بل أصبح من المستلزمات الضرورية للحياة الاقتصادية، من خلال عدة مهام رئيسية التي اعتمدتها الدول الرائدة في المجال منها توفير أطر ووسائل الترفيه للمجتمع أفرادا وأسرا، وتنشيط السياحة وخلق جاذبية نحو البلد وبداخله، وخلق الوظائف وتوسعتها، وخلق سوق ناشئة لمعدات ووسائل الترفيه، ودعم المشروعات الصغيرة في البلد، وتحقيق الأرباح للشركات وخاصة في القطاع الخاص. وأوضح أنه ومنذ سنة 2014 برز في الجزائر تصور ذو قيمة عالية وهو "الترفيه في حضن العائلة" هذه الفكرة التي انبثقت ضمن مخطط عمل وزارة الشباب آنذاك، وكانت ترمي إلى تجسيد نماذج مبتكرة ومتطورة ل "مدن الترفيه" في كل من الجزائر العاصمة وعنابة ووهران وقسنطينة وورقلة، في انتظار تعميمها على كامل القطر الوطني، وهي مدن مفتوحة للعائلات الجزائرية تتوفر على خدمات ترفيهية راقية ومتطورة لصالح الأطفال والشباب على الخصوص، بما يحقق بعد الاستمتاع داخل أجواء عائلية محترمة وتراعي الذوق العام، كما تحقق العديد من الأهداف الاجتماعية والذاتية والوجدانية. في الدول المتقدمة الترفيه العائلي محرك للنشاط الاقتصادي وأضاف مهماه يقول إن قطاع الترفيه إضافة لكونه أكثر القطاعات مساهمة في السعادة الاجتماعية سيما وقد أصبح الترفيه عالميا مرتبطاً ارتباطاً وثيقاً بالبرامج التعليمية والتثقيفية والترويحية للصغار والكبار، ومرتبطاً بالأنشطة الرياضية للهواة والمحترفين، ومرتبطاً بالصناعات الإبداعية المادية واللامادية والروحية، وغيرها من النشاطات الحيوية في حياة كل إنسان كلّ يوم، فإنه يعتبر من أكثر القطاعات الاقتصادية توليدا للوظائف، لأننا ندرك جيدا بأن قطاع الترفيه يُعد عاملاً هاماً محركا للنشاط الاقتصادي في مختلف دول العالم اليوم، فالترفيه يسهم سنوياً بما قيمته 730 مليار دولار في الاقتصاد الأمريكي، ويدعم فيه 6,5 مليون وظيفة ويضيف 88 مليار دولار للإيرادات الضريبية الاتحادية والفيدرالية، وفي اليابان يسهم قطاع الترفيه ب 13,5 مليار دولار سنويا في السوق الداخلية، ناهيك على عوائد اليابان من صادرات منتجات صناعة الترفيه لديها كالمسلسلات الإلكترونية والألعاب الترفيهية وغيرها، وهذا الكاتب الأميركي "مايكل وولف" يقول في كتابه اقتصاد الترفيه "أصبح الترفيه بسرعة في مركز قيادة عجلة الاقتصاد العالمي الجديد، من السفر إلى التسوق في السوبرماركت، ومن الخدمات المصرفية التجارية إلى الأخبار المالية، ومن الأطعمة السريعة إلى السيارات الجديدة، تسرب المحتوى الترفيهي إلى كل جزء من الاقتصاد الاستهلاكي العالمي بنفس الطريقة التي جعلت من الحوسبة تفرض وجودها في العقود السابقة. صناعة الترفيه روح الاقتصاد وعلى صعيد مماثل، أكد الاقتصادي مهماه بوزيان أن بدون المحتوى الترفيهي، هناك عدد قليل من المنتجات الاستهلاكية التي لديها فرصة فرض وجودها في سوق الغد، فالناس يسعون للحصول على قيمة ترفيهية مع مشترياتهم، تعتبر الإثارة والتحفيز والتسلية وإخبار العميل أجزاء مهمة في عملية البيع" إن "مايكل وولف" يصور لنا وكأن "الترفيه" في حدّ ذاته هو الذي يشكل "روح الاقتصاد". كما أنه توجد العديد المتابعات الجادة التي تؤكد بأن الترفيه ليس رفاهية زائدة عن اللزوم، بل هو احتياج أساسي، لا يقل أهمية عن التعليم والرعاية الصحية. ANALJ أداة محورية لانبعاث "اقتصاد الترفيه" ونظرا لأهمية ثقافة الترفيه ودورها الفعال للراحة النفسية للمجتمع وللثروة المنعشة للاقتصاد الوطني، فقد أنشأت الجزائر يقول مهماه معاهد عليا لتكوين الشباب خاصة في مجالات التنشيط التربوي-الاجتماعي بكل من العاصمة وورقلةووهران وقسنطينة، وهي تخرج كل سنة كفاءات بإمكانها أن تضطلع بتأطير "اقتصاد الترفيه" بمختلف فروعه، شريطة تثمين الوضعية البيداغوجية لمؤسسات التكوين هذه، بالإضافة إلى وجود مؤسسات ذات مكون هيكلي وبشري وخبراتي محترم جدا، على غرار "الوكالة الوطنية لتسلية الشباب ANALJ" التي تعدّ مؤسسة هامة بإمكانها أن تشكل الأداة المحورية لانبعاث "اقتصاد الترفيه" ببلادنا، وبكل ما تحوزه من مؤهلات هامة كامنة بإمكانها أن تضطلع بدور الفاعل الأساسي لبناء "اقتصاد ناشئ" في مجال صياغة الترفيه الاجتماعي وصناعته، شريطة مراجعة وضعها القانوني وإطلاق حرية المبادرة لها ولإطاراتها وتوسعة مجالات نشاطاتها ومرافقتها خلال مرحلة الانبعاث هذه، وبإمكان هذه المؤسسة تقديم خدمات جليلة للشباب وللعائلات الجزائرية وللاقتصاد الوطني، وبإمكاننا كذلك الحديث عن بيوت الشباب الموزعة عبر شبكة وطنية على كامل التراب الوطني بطاقة استيعاب تتجاوز ال (11) ألف سرير لكل ليلة، بما يشكل عشر قدرات الاستيعاب الفندقية ببلادنا، وتتكفل هذه البيوت بتقديم خدمات محترمة للشباب وبأسعار رمزية جدا، فضلا يضيف المتحدث ذاته وجود دواوين مؤسسات الشباب على مستوى ولايات القطر الجزائري والتي تضطلع من بين مهامها بتنظيم وتشجيع نشاطات الهواء الطلق والسياحة التربوية للشباب، وتنظيم النشاطات الاجتماعية التربوية الثقافية العلمية ونشاطات التسلية تجاه الشباب، نجد كذلك القاعات متعددة الخدمات وهي مؤسسات تتكفل بتوفر النشاطات الاجتماعية التربوية العلمية والترفيهية والإعلامية والتحسيسية والوقائية اتجاه الشباب خلال أوقات فراغهم على المستوى الريفي والحضري، إلى جانب المركبات الرياضية الجوارية التي توفر أعمالا ترفيهية ورياضية للشباب، دون إغفال الدور الهام في ترقية نشاطات الترفيه وببعده الاقتصادي الذي يتم تطويره على مستوى هياكل الصندوق الوطني لدعم وترقية مبادرات الشباب والنشاطات الرياضية. دوائر الترفيه في الجزائر بقيت في مستوى الخدمة العمومية قال محمد يحياوي مدير المسرح الوطني محي الدين بشطارزي، في لقاء جمعه بجريدة "الحوار" "أغلب دول العالم يعتمدون على الجانب الثقافي لإثراء الخزينة المالية، إذ يساهم بنسبة 80 بالمائة من الإيرادات المالية، فقط في الجزائر التي بقي فيها الترفيه في مستوى الخدمة العمومية، التي تقدمها المؤسسات المعنية، وأرجع يحياوي أسباب عدم مشاركة الفضاءات الثقافية في الإنعاش الاقتصادي كما هو حال بالنسبة للدول الرائدة في هذا المجال، إلى الدور السلبي الذي تعلبه الفضاءات الثقافية عبر الوطن، نتيجة عدم مساهمة المؤسسات الاقتصادية في إعطاء الرعاية للنشاطات الثقافية وإعطائها دفعا نحو الوصول إلى صناعة ثقافية بمعايير عالمية ومجدية اقتصاديا. للمتلقي دور في العجلة الاقتصادية أكد محمد يحياوي مدير دائرة المسرح الوطني في تصريحه ل"الحوار" "حتى يؤدي الفعل الثقافي أو الفني دوره ويساهم في الدفع بالعجلة الاقتصادية، يكون ذلك متوقفا على مساهمة المتلقي انطلاقا من حرصه على اقتناء تذكرة الدخول لركح المسرح لمشاهدة عرض مسرحي، لأن الأخير هو امتداد للشارع بمعنى أنه يحاكي واقعه، مشيرا إلى أن أغلى تذكرة تتراوح بين 300 دج و500 دج، إلا أنه ومن جهة مقابلة، يقول يحياوي نجد بعض رواد المسرح يحتقرون العروض المجانية، فأصبحت تستهويه العروض مرتفعة الثمن، ويبقى الترفيه في مجال المسرح يغطي ما يعادل صفر بالمائة في مجال الاقتصاد الوطني. السينما … وإنعاش الخزينة تعتمد العديد من دول العالم على الصناعة الثقافية باعتبارها موردا ماليا بإمكانه أن يكون رافدا مهما لجلب العملة الصعبة، وعاملا من عوامل تحقيق الثراء الاقتصادي، على غرار السينما التركية التي حققت أفلامها في شباك التذاكر على مدار الأسبوع إيرادات عالية تقدر بالملايين من الليرات التركية، وتحولت السينما التركية إلى القوة الناعمة وظفتها تركيا في المجتمعات العربية، وتوغلت في وجدان الإنسان العربي الذي أضحى يتنفس العشق الممنوع، وهذا ما أكده السفير التركي المعتمد بالجزائر بحر الأسبوع الماضي لدى نزوله ضيفا على الاتحاد الوطني للصناعيين والمنتجين والمحولين، حيث أكد أن سينما بلاده استحوذت على عاطفة المشاهد الجزائري الذي أصبح يعيش حياة لميس التي لعبت بطولة مسلسل "سنوات الضياع"، كما تضخ أفلام بوليوود أرباحا ضخمة في قاعات السينما الهندية، التي تعد إحدى القنوات التي أثرت الاقتصاد الهندي، إلى أمريكا ومدينة السينما هوليوود التي تدر أموالا طائلة من خلال أفلامها التي نالت إعجاب الجمهور داخل وخارج الولاياتالمتحدةالأمريكية، إلى جانب عينات أخرى من الدول التي استثمرت في القطاع الفني مثل مصر، فرنسا… من الترفيه على النفس إلى خلق الثروة وفي هذا المنظور، قال الخبير الاقتصادي هارون عمر إن الحديث عن الترفيه في الجزائر يقودنا إلى ذهنية الجزائري في التعامل مع الترفيه، لأن الجزائري إلى وقتنا الراهن لا يدرك معنى الحقيقي للثمن الذي يدفعه مقابل حصوله على خدمة الترفيه، ولا يعيرها أي اهتمام لجهله بثقافة مساهمة الترفيه في الإنعاش الاقتصادي، عكس ما يحدث في باقي دول العالم التي تبنت صناعة الترفيه واعتبارها شريان الحياة الاقتصادية، فعائدات فيلم في هوليود خيالية فتكلفة الإنتاج قد لا تتجاوز ال 50 مليون دولار لكن عائدات الفيلم قد تتخطى عتبة 300 أو 400 مليون في أسبوع أو أسبوعين، كما لنا مثال أيضا يضيف هارون في جارتنا المغرب التي قامت ببناء استيديوهات لتصوير الأفلام فكانت عائداتها من هذه الصناعة ما يفوق 50 مليون دولار مرشحة للارتفاع، إذا تحول الترفيه من مجرد أنشطة وخدمات من أجل الترويح عن النفس إلى صناعة قائمة بذاتها لها عوائد خيالية. ضعف الدخل الفردي وواصل هارون يقول، "إن الإشكال مطروح بشدة بالجزائر، ويعد إحدى العوامل التي تقف ضد تنامي صناعة الترفيه في الجزائر، ولعل أبرز ما يعترض قيام وتطور هذه الصناعة هو الدخل الفردي الضعيف للمواطن الجزائري فمتوسط الدخلي الشهري للعائلة الجزائرية عموما لا يتعدى في كثير من الأحيان 30 ألف دينار، وهذا الأجر يضيف المتحدث ذاته لا يسمح للأسرة خاصة إذا كانت كثيرة الأفراد بتلبية حاجياته الأساسية، فما بالك قدرته على دفع خدمات ترفيهية وإن كانت بسيطة حتى أصبح الذهاب إلى شاطئ البحر في الصيف لقضاء يوم واحد يكلف العائلة حوالي 2000 دج، وإذا توجهنا نحو المدن الداخلية العائلة من مدينة داخلية وأرادت الذهاب إلى منتزه مائي فقد تكلف العائلة نحو 4000 إلى 5000 دج وهي مبالغ لا يمكن أن يتحملها المواطن البسيط، ضف إلى ذلك ضعف الخدمات والتكفل من قبل الحكومات المتعاقبة. عدم توظيف العائدات في مشاريع التنمية وراء مقاطعة المهرجانات إن حملة مقاطعات تنظيم الحفلات والمهرجانات الفنية التي شهدتها الجزائر مؤخرا، وحركة الرفض الذي أبداه سكان عديد الولايات على غرار ورقلة، تبسة، سيدي بلعباس، يقول هارون عمر راجع لعدم توظيف أموال عائدات الحفلات الغنائية في التنمية المستدامة لتلك الولايات، وليس السبب عدم رغبة الشعب في الدخول إلى هذه الحفل أو اعتراضهم على الفنان، وهو ما يجعلهم يطالبون الجهات الوصية بترشيد النفقات وتحويل أموال الحفل للتنمية الاقتصادية للولاية، تماما كما حدث في المغرب مع مهرجان موازين الذي يعتبر من بين الأكبر على المستوى العربي أين غنى كبار الفنانين العرب والعالميين أمام مدرجات فارغة من الجمهور الذي رفع شعار خليه يغني وحده، إن صناعة الترفيه تحتاج إلى تحقيق رفاهية في المجتمع لأنها سلع كمالية هدفها تجديد النشاط وتقوية الراحة النفسية للمواطن، لكن المواطن الذي لم يجد لا السكن ولا العمل فلا يمكن أن ترتاح نفسه من خلال هذه المنتجات الترفيهية. إنتاج استديوهات للتصوير السينمائي هل هو الحل هذا وأكد الدكتور عمر هارون أن ما يمكن أن نؤسس له اليوم هو محاولة خلق ثقافة لدى المواطن الذي يرى أنه من حقه الإبحار في الأنترنت وتحميل آخر الأفلام والمقاطع الموسيقية مجانا، وأمام غياب الرادع القانوني من سجن وغرامات مالية باهظة، جعل الناس، يبحثون عن الترفيه مجانا، من جانب آخر وعلى المستوى الكلي يمكن تحويل الجزائري إلى قطب إنتاجي وصناعي في مجال صناعات الترفيه من خلال استوديوهات الإنتاج السينيمائي والتلفزيوني ومراكز الترفيه الكبرى ومدن الألعاب، والتي رغم حاجتها إلى أموال كبيرة لإيجادها إلا أنها تحقق عوائد خيالية في المدى المتوسط والبعيد إن كانت هناك رؤية حقيقية في المجال. قطاع الثقافة يسير برجل عرجاء ولا يخلق الثروة ميهوبي … نحو مساهمة الفعل الثقافي في المجال الاقتصادي في إطار العمل على تقليص نفقات التسيير، قام وزير الثقافة عزالدين ميهوبي، بإدماج وتجميع المؤسسات الثقافية المتشابهة وشبه المستقلة إداريا خاصة ذات الطابع الصناعي التجاري، وأكد ميهوبي في تصريحه ل"الحوار" أن وزارة الثقافة كانت سباقة في تطبيق هذا النوع الجديد من التسيير، ومس الإجراء كلا من دار الأوبرا وديوان رياض الفتح إضافة إلى قاعة سينيماتيك، مضيفا أنه تم عرض الملف على مجلس الحكومة من أجل البحث عن آليات جديدة لضمان نجاعة هذه الإجراءات، مشددا على ضرورة توسيع هذه العملية على أكبر عدد ممكن من المؤسسات الثقافية المتشابهة ودمجها على غرار المتاحف لتقليص نفقات التسيير التي تكلف استقلاليتها الإدارية أموالا طائلة. هذا واعتبر الوزير عز الدين ميهوبي المواهب الشابة في شتى ميادين القطاع الرهان الذي يعول عليه في جعل هذا الأخير موردا هاما يساهم في خلق الثروة للاقتصاد الوطني من خلال توفير مناصب شغل، إضافة الى الاستفادة من مداخيل الصناعات الثقافية. ملايير تصرف على جميلة وتيمقاد والكازيف دون عائد يذكر المتتبع للشأن الفني في الجزائر، يلاحظ تلك الأغلفة المالية التي توجه لتسيير نفقات المهرجانات السنوية الوطنية والمحلية والعربية والدولية، بلغت تكلفتها 43 مليار دينار، هي أحداث فنية وثقافية تنظمها المؤسسات الثقافية، على غرار الديوان الوطني للثقافة والإعلام الذي عود متتبعيه على تنظيم العديد من المهرجانات الفنية، ويهدر سنويا الملايير من الدينارات، التي تذهب لتمويل المهرجانات التي دأبت المؤسسة على تنظيمها سنويا، منها مهرجان جميلة العربي الذي يستضيف فنانين جزائريين وعرب، وتبلغ تكلفة الأجر التي يتقاضاه الفنانون العرب المدعوون لإحياء لياليه أزيد من مليار دينار، دون احتساب المبالغ المالية التي تصرف على الفنان الجزائري، من ليالي جميلة بسطيف، نرحل سويا إلى مهرجان تيمقاد الذي يحتضنه مسرح تموقادة بولاية باتنة، والذي يكلف الخزينة العمومية هو الآخر ملايير الدينارات سنويا، وحفلات الكازيف هي الأخرى تستقطب أسماء فنية لها وزنها في عالم الفن المحلي والوطني والعربي، وأضحت المواقع التي احتضنتها قبلة لعشاق الفن ومتذوقي النغم المحلي والعربي، حيث وصلت تسعيرة تذكرة الدخول إلى قاعة العروض ألف دينار، بالإضافة إلى المهرجان الدولي للفيلم العربي الذي تحتضنه وهران، ويؤمه فنانون من مختلف الدول العربية والغربية، حيث بلغت فاتورة المهرجانات سنة 2018 ما يعادل 43 مليار دينار، إلا أن العائد الاقتصادي منها لا يتجه إلى الخزينة العمومية، ولا يساهم في النهوض بالاقتصاد الوطني. فشلنا في إقناع الشريك الاقتصادي للاستثمار في الثقافة من جهته، أوضح ابراهيم صديقي محافظ مهرجان وهران الدولي للفيلم العربي، في تصريحه ل "الحوار" أن الترفيه صناعة مقتدرة في المجتمعات التي أسست لصناعة الترفيه، وهذه الأخيرة، يقول صديقي بحاجة إلى أرضية منطقية وموضوعية وهي عملية محكمة تخضع لدراسة المجتمع وميوله العامة استنادا إلى جملة من الأعراف والتقاليد التي ترسم الخطوط العريضة لحدود الترفيه وآفاقه. وصناعة الترفيه حسب المتحدث ذاته مجدية جدا للاقتصاد الوطني إذا أحكم تدبيرها، والقطاع الخاص مدعو اليوم للإسراع إلى إعطاء الأهمية لهذه المفاهيم، وأن يضع في ذهنه أنه سينجني أرباحا ويستفيد كثيرا ماديا ومعنويا في حال تبنيه لرعاية ثقافة الترفيه، والترفيه بأنواعه المتعددة، داعيا إلى ضرورة النهوض بثقافة الترفيه والعمل على تقنينها، والاستثمار فيها، وأعرب صديقي عن أسفه كون الجزائر بعيدة عن ثقافة الترفيه مقارنة ببعض الدول الأخرى التي جعلتها ضمن أولوياتها، بالإضافة إلى عدم بذل جهود لتطوير هذا المجال، واكتفينا فقط بالترفيه البدائي، إننا اليوم يضيف المسؤول ذاته بحاجة إلى اكتساح مواطن أخرى من الترفيه وإلى استقطاب الناس عن طريق التوعية وإظهار جدوى الترفيه، ولا نلقي فقط اللوم على القطاع الخاص، لأن الخلل يكمن في القائمين والفاعلين في القطاع الثقافي والفني الذين عجزوا على إقناع الشريك الاقتصادي بجودة الأعمال الفنية التي نقوم بها حتى يعطي موافقته في مرافقة الفعل الثقافي، وعليه يقول إبراهيم علينا بذل الجهد الموضوعي وليس مجرد كلام فقط، كأن نقوم بتحرير ميثاق بين المؤسسات الثقافية والراعي للنشاط الذي يقوم به، ونعد دفتر شروط بقائمة المستلزمات وما سيجنيه الراعي للنشاط وراء هذه الأعمال.