الأكاديمي وأستاذ العلوم السياسية علي لكحل ل”الحوار”: الرئيس رمى الكرة في ملعب الحراك * تبون أمامه تركة وحمل ثقيل * الحراك يتجه نحو الاعتدال وتمثيله نقطة إشكال * الوزير الأول وجب أن يكون اقتصاديا لبعث التنمية * من يحملون خطاب التفرقة بمنطقة القبائل قليلون * هذا هو الوقت المناسب لوضع الثقة في الشباب * تفوق بن قرينة كان مفاجئا لمن لا يعرفه فقط قدم الأستاذ الجامعي والخبير في الشؤون السياسية الدكتور علي لكحل قراءة للمشهد السياسي بعد الانتخابات الرئاسية، مؤكدا أن الجزائر الآن عادت إلى المسار الصحيح، ويمكننا التفكير في بناء الجزائر الجديدة والحفاظ على مؤسسات الدولة. واعتبر ضيف “الحوار” أن فرز نتائج الانتخابات عكست بصورة كبيرة وعي الشعب الجزائري ورغبته في حفظ الأمن مع شعور وطني موحد بضرورة حماية الوطن وإبقائه بعيدا عن الدسائس ومحاولات زرع الفتنة والتفرقة.
حوار: حسين لوني سهام حواس تصوير: مصعب رويبي ماهو تفسيركم للنتائج التي تحصل عليها المترشح عبد المجيد تبون بعد إعلان المجلس الدستوري للنتائج النهائية والتي بلغت نسبة ال 58 بالمائة من الأصوات المعبر عنها، ما الاعتبارات وما الأسباب التي جعلته يفوز بالأغلبية الساحقة؟ لاحظنا منذ البداية التقارب في النتيجة بين المترشح الأول والثاني والتي عمّت جميع بلديات الوطن، وشخصيا أرى أن هذا التوجه هو صناعة جماهيرية صنعها الشعور الموحد للمواطنين من دون تدخل أحد وهو ما يؤكد وجود مشاعر مشتركة بين الجزائرين وإحساس وطني يتجه في أطر سياسية تجسدت في كل مناطق الوطن وعدّل الكفة لجهة على حساب أخرى. لاحظنا في الانتخابات الأخيرة تخلي الأفالان عن المترشح عبد المجيد تبون ودعمه للمترشح عن الأرندي عزالدين ميهوبي، ماهو تعليقكم على هذه التوجهات والأساليب التي ظهرت عشية الانتخابات الرئاسية الماضية ؟ الأمر بسيط جدا وهو لا يتعلق بجبهة التحرير الوطني فقط بل بعدد من الأحزاب السياسية الأخرى، وأعتقد أنه نوع من التمرد الشعبي على مستوى القاعدةو فالكثير ممن ينتمون لهذه الأحزاب وزعوا أصواتهم بطريقة عفوية على عدد من المترشحين، وهو مؤشر ضمني على المطالبة بالتجديد الفعلي، وكما لاحظنا فقد أكد علي بن فليس انسحابه من رئاسة حزب طلائع الحريات وكذلك بالنسبة لبن قرينة الذي طالب أيضا بإعفائه من مهامه على رأس حركة البناء الوطني، وأرجو أن ينتقل هذا التوجه إلى باقي القيادات السياسية بناء على رغبات القاعدة الشبانية.
المرشح عن حركة البناء، عبد القادر بن قرينة، شكل مفاجأة حقيقية في الانتخابات، ما تفسير ذلك؟ النتيجة التي حصل عليها بن قرينة كانت مفاجئة لمن لا يعرفه أما من يعرف المترشح والسياسي عبد القادر بن قرينة يعرف أنه كان قادرا على تحقيق ذلك وهو المعروف بنشاطه منذ أن كان في حركة مجتمع السلم.
ماهي أهم الملفات التي سيتعامل معها تبون بشكل طارئ؟ بالمناسبة أهنئ عبد المجيد تبون فوزه بالرئاسيات وأدعو الله أن يكون في عونه لأن التركة والحمل ثقيل جدا والخمس سنوات القادمة لن تكون كافية لتحقيق جميع المطالب والتطلعات وبالتالي نحن مطالبون بإدارة الوقت بالشكل الذي يحقق بعض الأهداف المرجوة.
كيف سيتعامل تبون مع الحراك بعد أن دعا إليه، وماهي آليات هذا الحوار؟ أعتقد أن تبون رمى الكرة في مرمى الحراك ودعاه لمواجهة نفسه، ونظرا لحجم الحراك الكبير فمن الطبيعي أن يكون التمثيل نقطة إشكال نظرا لكثرة الكفاءات المشاركة في الحراك لكني أعتقد أن الحراك يتجه نحو الاعتدال.
هل بإمكانك إعطاءنا مفهوما للحراك الجزائري ؟ الحراك ليس ما هو موجود في الشارع فقط فكثير من المؤسسات الحساسة قامت هي الأخرى بحراك داخلي على غرار المؤسسة العسكرية التي تخلصت من الراديكالية من خلال تخليها عن جملة من الإطارات، كما حدث في مؤسسات اقتصادية كبيرة تخلصت هي الأخرى من رؤوس الفساد كما تخلصت الأحزاب من بعض الشخصيات المحسوبة عليها.
وبالنسبة إلى الحكومة المرتقبة، هل سيبقي على بعض الوزراء من عهد بوتفليقة؟ أم سيعلن القطيعة؟ تشكيل الحكومة هي فرصة تاريخية أمام الرئيس الجديد الذي بعث للتغيير والكفاءات منتشرة في كل مكان وعليه الأخذ بعين الاعتبار توازنات القوى الفعلية وليس الانتشاء فقط بالفوز.
وبالنسبة إلى الوزير الأول، هل هناك أسماء متداولة؟ ما الأسماء الأقرب لارتقاء هذا المنصب؟ لو كان لي رأي في الموضوع واستشرت لاخترت الوزير الأول اقتصادي، فهم القادرون على قيادة عملية التنمية والأمثلة من الحكومات العالمية كثيرة جدا.
ألا ترى أن البرلمان من بين الملفات الشائكة في الجزائر الجديدة؟ وبالعودة إلى منطق “الشكارة“، هل هناك آليات لوضع حد لمثل هذه الممارسات !؟ لا يمكن التعميم فليس كل البرلمانيين فاسدون، فهناك من واجه الفساد ودفع الثمن وليس كل برلماني فاسد وليس كل رجل مال فاسد المهم أن تبقى المجموعة الوطنية في مواجهة الفساد ونحن ءحد ضحايا الشكارة ونضالاتنا التي كنا نمارسها كانت الشكارة هي المعيق الرئيسي لنا.
منطقة القبائل هي أيضا من الملفات التي يجب على الرئيس التعامل معها.. كيف في رأيك سيكون تعامل تبون مع هذا الموضوع؟ المنطقة عزيزة على الجزائر وأثبتت أنها منطقة وطنية ورفضت الفكر الانفصالي ودرجة الوعي في المنطقة درجة متقدمة جدا ويجب أن نستفيد منها لصالح الوحدة الوطنية، فالذين يحملون خطاب التفرقة قليلون ويمكن تجاوزهم.
لماذا أصبح البعض إقصائيا .. رغم أن الجزائر عرفت منذ القدم حضارات وأعراقا مختلفة؟ الإعلام والنخبة لها دور كبير في التقليل من هذه التوجهات، ويجب أن تجمع ولا تفرق ونحن نسيج وطني واحد والمواطنة لا تقاس بالأطياف.
هل تشكل العولمة أو دولة الحريات وإلغاء كل المميزات خطرا على الوحدة الجزائرية.. على الإسلام .. على العربية .. الأمازيغية ؟ نحن سنواجه هذا التوجه الذي يحاول أن يغير المحتوى الهوياتي للمجتمع والثقافة ستكون الأكثر قدرة على الصمود في وجه العولمة مستقبلا.
في عديد الدول الأوروبية هناك حركات انفصالية، لكننا لا نسمع عنها بتاتا في الإعلام الغربي.. لماذا في المقابل تطرح عندنا هذه المواضيع الخطيرة على الوحدة؟ هناك تطور كبير للحركات الشعبوية القومية في أروبا وداخل فرنسا، هناك مجموعات مختلفة يتجاهلها الإعلام تماما، ولكن نرى أن الخطاب الفرنسي واحد، وأرجو أن يستفيد الجزائريون من هذا الأمر.
بعد إعلان النتائج الأولية، قال الرئيس الفرنسي إنه بلغ عن فوز المترشح عبد المجيد تبون، مشددا على ضرورة فتح حوار بين السلطة والشعب في بلادنا، دون تقديم تهنئة في رأيك لماذا هذا التأخير، بعكس دول عظمى التي سارعت إلى التهنئة، وعلى رأسها أمريكا وإيطاليا وإسبانيا.. يجب أن نضع فرنسا في مجالها الاستراتيجي الحالي فهي تمر بمرحلة تاريخية صعبة ناتجة عن الخروج البريطاني، والتوجه الألماني نحو روسيا ولو رجعنا لايطاليا واسبانيا ولاحظنا سرعة التدفق والتوجه نحو الجزائر ندرك بأن الفرنسيين شعروا بأن التغيير ضروري وأن عليهم أن يتجهوا نحو توجه يحترم الآخر.
تحدث الرئيس عن تسليم المشعل للشباب واستوزار شباب في العشرينات، هل لدينا شباب قادر على تولي هذا النوع من المسؤوليات؟؟ هذا هو الوقت المناسب لوضع الثقة في الشباب لأن الجزائر دفعت الكثير لتكوين الشباب وحان الأوان للاستفادة منهم.
كلمة أخيرة أنصح الشباب بأن يتخلوا عن التعبير العاطفي والافتراضي وأن ينتقلوا إلى الواقع مع الإقلاع عن وصف الآخر بكلمات تنتجها مخابر معينة لتقسيم وضرب المجتمع الجزائري، فبعض الكلمات المستعملة اليوم بين الشباب ليست عفوية ولابد أن نتجه نحو الاعتدال الذي يعترف به الجميع والمستقبل للشباب الذي يجب أن ينخرط في المجتمع المدني والأحزاب لتسلم السلطة مستقبلا.