تأسف الدكتور حسين رئيس أستاذ الفقه الإسلامي بمعهد الإمام الغزالي بمسجد باريس الكبير، إزاء التراجع الذي يشهده الدين الإسلامي في فرنسا والذي يعيش -كما قال- مرحلة المخاض بسبب سوء أداء التمثيليات الدينية بالمنطقة. وأعاب رئيس دور الهيئات الإسلامية والمؤسسات الدينية في فرنسا التي قال بشانها إنها لم تؤدِّ وظيفتها الصحيحة في نشر الاسلام ولم تركز على ما جاء في الكتاب والسنة النبوية، ولم تكلف نفسها عناء الدفاع عن الدين الإسلامي من الاتهامات الخطيرة التي يرميه بها الغرب. على صعيد آخر كشف رئيس في حديث خص به ''الحوار'' أن نحو 1800 مسجد في فرنسا يستغل بشكل رسمي في العبادة والتعليم وإلقاء المحاضرات، كما يوجد حوالي 200 مسجد في طريق الإنجاز إضافة إلى 3000 جمعية ذات طابع إسلامي أنشئت بموجب الدستور الفرنسي إلا أن اغلبها -يقول المتحدث- لا تنشط في إطارها الصحيح، فهي مقتصرة على تلبية بعض المطالب البيئية والعائلية، بسبب ضعف المستوى التعليمي للأئمة الذين هم بحاجة ماسة إلى رسكلة وإعادة تأهيل أداء مهامهم على أحسن وجه. وبخصوص تجهيز المساجد بفرنسا قال رئيس إن ذلك يتم عن طريق المبادرات الفردية لأبناء الجالية المسلمة المقيمة بفرنسا وكذا عن طريق أموال الزكاة ومساعدات البلدان الإسلامية كدول الخليج. وتوقف رئيس عند اهمية الحوار بين الديانات الذي قال عنه إنه أخذ أبعادا استراتيجية بالنظر الى تمسك الغرب بفكرتهم المعادية للإسلام الذي ظل مرادفا لمصطلح الإرهاب، الأمر الذي يظهر جليا -حسب رئيس- في أسلوب تعامل هؤلاء مع المسلمين من خلال زرع الفتن والتشكيك في مصداقية الدين الاسلامي بوصفه تراثا قديما غير صالح لكل زمان ومكان، ناهيك عن عمليات التخريب والحرق التي طالت بعض المساجد بفرنسا وهي أحداث مفتعلة تزيد حدتها كلما اشتدت الأزمة في الشرق الأوسط. يحدث هذا أمام مرأى وأعين الهيئات والمؤسسات والجمعيات التي تمثل العالم الإسلامي التي باتت لا تحرك ساكنا.''رغم هذا يمكن القول إن هناك صحوة اسلامية في فرنسا من طرف ابناء الجالية الاسلامية في المهجر وهو ما يترجمه ذلك الإقبال المتزايد لأفراد الجالية هناك على حضور المحاضرات التي يلقيها اساتذة ودكاترة في الاختصاص وترددهم على المساجد لأداء واجباتهم الدينية''. وبالمناسبة أشار رئيس الى أن مبادرة مسؤولي مسجد باريس تتمثل في فتح مراكز ومعاهد خاصة بتكوين الأئمة والمرشدات الدينيات تداركا لأي نقص في هذا المجال، حيث يوجد حوالي 10 معاهد يشرف عليها أساتذة أكفاء. لكن ما يميز تلك المؤسسات -حسب محدثنا- أنها تعمل ضمن إطار غير منظم وغير موجه توجيها صحيحا ''فهم يحتاجون إلى الدعم المادي والتأطير البيداغوجي، ورغم ذلك فمسجد باريس الكبير يعمل كل ما بوسعه لتدارك النقص، وهذا التكوين هو في بداية الطريق''. وفي هذا الصدد أكد الدكتور حسين أن المرشدات الدينيات والأئمة الذين تخرجوا من المعاهد التابعة إلى مسجد باريس قد وجدوا أنفسهم في مفترق الطرق بسبب شبح البطالة الذي بات يطاردهم. وفي حديثه عن الكتب الدينية المترجمة من العربية إلى الفرنسية قال حسين إن هذه الكتب لا تتوفر على المقاييس العلمية وأن أصحاب معظم تلك المؤلفات ليست لهم ثقافة واسعة عن الدين الإسلامي، ''فهم بذلك يشوّهون الإسلام أكثر مما يخدمونه''. وفي سياق مماثل قال رئيس ''نحن بحاجة إلى تعليم القرآن بطرق بسيطة بعيدا عن أي تشويه. على صعيد آخر انتقد الدكتور حسين قسم البرمجة في القناة التلفزيونية الجزائرية ''كنال ألجيري'' الموجهة إلى الجالية الجزائرية بالخارج، وقال إنها لا تقدم البرامج التي تخدم الجالية فضلا عن ذلك فهي برامج تقدم باللغة الفرنسية عوض استعمال اللغة العربية واللهجة الجزائرية المحلية، ''نحن نطالب بقناة جزائرية تعكس واقع الثقافة الجزائرية من شعر وتراث مادي وغير مادي والعمل على كشف النقاب عن الثقافة الشعبية المتجذرة في المجتمع الجزائري''.