من جملة ماقرأت في مدونة ''الحوار'' مقالة شدت فيها انتباهي عبارة أوردها صاحبها في نصه، إذ قدم اعتذارا ''تهكميا'' بعدما استدل بشيء من الدين يحمل في معناه أنه تطاول على علم احتكره الملتحون. في الواقع الأمر جلل، وقد عمّت به البلوى، فالمتكلمون الآن كثر، ملتحون وغير ذلك، فصاروا يتطاولون على الرجال الأفذاذ وجهابذة العلم، بل وتطفلوا على بعض العلوم، فصاروا يصنفون الناس مدعين أن ذلك علم الجرح والتعديل، وعميت بصائرهم عمّا يفعلون، فصاروا يجرحون ولا يعدلون، وقد نبأنا بذلك نبينا صلى الله عليه وسلم حين قال: ''إنها ستكون سنون خداعات، يخون فيها الأمين ويؤتمن فيها الخائن، ويكذب فيها الصادق، ويصدق فيها الكاذب، وينطق فيها الرويبضة، قالوا وما الرويبضة يا رسول الله ؟ قال: الرجل التافه يتكلم في أمر العامة''، هذا بشأن المتكلمين، أما الملتحون فأصل الغرض التشبه بخير الخلق، ومخالفة اليهود والمجوس، فاللحية زينة الرجل وهي لا تعكس التقوى ولا العلم الوافر في الدين، إنما الحاصل في زمننا أنه وقع إسقاط من الأول على الثاني، فكانت النتيجة رويبضة ملتح، وعزز الصورة المشوهة العوام غير القادرين على التفرقة بين السمين والغث، فصار كل ملتح يمثل الدين سواء كان ذا دراية أم لا. إن الكلام في الدين بغير علم لهو الطامة الكبرى، لكن الاستدلال به عند اليقين خير استدلال، وهو الحجة القاطعة، وهو من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ''بلّغوا عني ولو آية''، لذلك من استطاع خدمة هذا الدين الذي يحسدنا عليه اليهود فليفعل، لكن على بصيرة، ومن العيب أن نربط هذا الدين على عظمته بشعيرات تنبت على الذقن.. وقد لا تفعل، فديننا كما قال أحد الشيوخ المدرسين في المساجد دين شرع لا دين شعر.