يعدّ التغير المناخي ظاهرة طبيعية عالمية لها تأثير كبير على المنظومة الايكولوجية، وتحمل مع تطورها عبر الزمن العديد من الآثار السلبية الناجمة عن الاحتباس الحراري وارتفاع درجة حرارة الأرض التي تحصل نتيجة التسربات الغازية الحاصلة. وفي هذا الباب الواسع، قدم الكاتب والخبير الجزائري في مجال الرصد الجوي كمال مصطفى قارة إصدارا جديدا حول التغيرات المناخية وآثارها على المنظومة الايكولوجية تحت عنوان ''التهديد المناخي في الجزائر وفي إفريقيا''. ليضاف إلى مجموعة الإصدارات الجزائرية الأخرى في المجال ليبرز المشاركة التي تسجلها الجزائر في الحوار الدولي حول الموضوع. وتناول مصطفى قارة الذي يشغل منصب مدير عام الوكالة الوطنية للتغيرات المناخية في هذا الإصدار الجديد من دار ''دحلب للكتاب'' في ثلاث فصول، العديد من القضايا البيئية المرتبطة بالآثار التي تخلفها التغيرات المناخية، حيث أبرز الكاتب خلال تقديمه للكتاب أمام وزير تهيئة الإقليم والبيئة والسياحة شريف رحماني أهمّ المشاكل المناخية التي قد تؤثر سلبا على التنوع البيولوجي وتقلّص من الموارد المائية والغذائية، مشيرا في هذا السياق إلى أن الاستغلال اللاعقلاني للموارد المائية والطاقة سيؤدي إلى تهديد الأمن الغذائي وانقراض العديد من أشكال النباتات والحيوانات، خاصة وأن إفريقيا تحتل المرتبة الأولى عالميا فيما يتعلق بمخزون المياه على المستوى العالمي ب 31776 مليار متر مكعب، تليها القارة الآسيوية بمخزون يعادل 30622 مليار متر مكعب، وأمريكا الشمالية ب 27003 مليار، والجنوبية ب 3431 مليار م,3 لتأتي بعدها القارة الأوروبية ب 2529 مليار، وأخيرا أستراليا ب 221 مليار. ودعا في هذا الإطار دول العالم كافة لضرورة وضع حلول للمحافظة على مخزون المياه التي ستتناقص مع مرور الزمن بسبب التغير المناخي الحاصل والارتفاع المسجل في درجة الحرارة، وذلك من خلال استخدام الطاقات المتجددة كالطاقات الشمسية وإنشاء قواعد طاقوية ترتكز على الاستخدام الأمثل لها من خلال الاستثمار في البحوث والدراسات التي تمكن من تعويض أساليب إنتاج الطاقة الحالية بطاقات صديقة للبيئة للمحافظة على الحياة الإيكولوجية العالمية. كما أشار مدير الوكالة الوطنية للتغيرات المناخية أن الآثار السلبية الناجمة عن ارتفاع درجة الحرارة ستساهم في تفاقم ظاهرة الهجرة من الجنوب نحو الشمال وانتشار الجفاف والتصحر وبروز عدة أمراض صحية، معتبرا ظاهرة الاحتباس الحراري إشكالية علمية تستدعي تظافر جهود كل الفاعلين على المستويات الوطنية والجهوية والدولية لمكافحتها من خلال التقليص من الإفرازات الغازية التي تؤدي إلى ارتفاع الحرارة والتغيرات المناخية. كما تطرق الخبير في كتابه إلى المخطط الوطني العملي لتكييف التغيرات المناخية الذي يندرج في إطار التنمية المستدامة لحماية البيئة والأحوال الجوية والموارد المائية، ويهدف المخطط إلى إدراج البعد الجوي في البرامج الوطنية والقطاعية للتنمية من خلال اللجوء إلى نتائج الدراسات حول التغيرات المناخية والإجراءات التنظيمية والقانونية والقطاعية، منوها بأهمية تحريك التنمية المستدامة في مناطق الهضاب العليا والصحراء باستخدام الطاقة الشمسية. يذكر أن الكاتب كمال مصطفى قارة من مواليد 1933 بولاية تلمسان تحصل على عدة شهادات جامعية من جامعة العلوم ب ''ديجون'' فرنسا في الفيزياء والرياضيات والكيمياء وكذا من المدرسة الوطنية للأحوال الجوية بباريس وهو مهندس دولة في الأحوال الجوية كما تقلد عدة مسؤوليات في عدة قطاعات وطنية .