للسحر آثار مدمرة على الفرد والمجتمع، وقد أجمل القرآن مفاسد السحر فذكر في مقدمتها الكفر بالله سبحانه، والتفريق بين المرء وزوجه، وإدخال الضرر على العباد، قال تعالى : ''وما يعلمان من أحد حتى يقولا إنما نحن فتنة فلا تكفر فيتعلمون منهما ما يفرقون به بين المرء وزوجه وما هم بضارين به من أحد إلا بإذن الله ويتعلمون ما يضرهم ولا ينفعهم ولقد علموا لمن اشتراه ما له في الآخرة من خلاق '' يقول القرطبي في تفسير الآية: '' ولا ينكر أن السحر له تأثير في القلوب، بالحب والبُغْض، وبإلقاء الشرور حتى يفرّق الساحر بين المرء وزوجه، ويحول بين المرء وقلبه، وذلك بإدخال الآلام وعظيم الأسقام، وكل ذلك مدرك بالمشاهدة وإنكاره معاندة '' أ.ه. وإليك أخي القارئ بعضا مما ذكره أهل الاختصاص من آثار السحر ومفاسده : 1 سحر التفريق بتفريق المرأة عن زوجها وتفريق الزوج عن زوجته عن طريق الاستعانة بالشياطين والجن بحيث يجعل الرجل القوي لا يقدر على مباشرة زوجته، ويجعل المرأة تتمنع على زوجها وتأبى قربه، قال الحافظ بن كثير: '' وسبب التفريق بين الزوجين ما يخيل إلى الرجل أو المرأة من الآخر من سوء المنظر أو الخَلْق أو نحو ذلك من الأسباب المقتضية للفرقة ''. وهذا السحر من أخطر الأنواع لما ينتج عنه من فساد الأسر، وفشل الحياة الزوجية . 2 سحر الجنون: وأعراضه الشرود والذهول والنسيان والهبل والخبل ويجمع ذلك كله عدم القدرة على التحكم في نفسه وتصرفاته، وسبب هذا اقتران الشيطان بالمصاب وتأثيره على مخه، ولا يخفى أن ليس كل جنون هو بسبب اقتران الشيطان بالإنسان وسيطرته على مخه، وإنما هناك أنواع أخرى أسبابها عضوية، ويرجع في تشخيص كل حالة إلى ذوي الاختصاص. 3 سحر المرض: وهذا النوع من السحر يأخذ شكل مرض من الأمراض، إلا أن سحر المرض يختلف عن الأمراض العضوية في أنه ربما انتقل من موضع في الجسم إلى آخر دونما سبب محسوس، يقول جمال عبد الباري : '' ومن الحالات التي رأيتها حالة مهندس كيميائي . عند إجراء الفحوصات الطبية عليه يتضح أنه مصاب بالضغط والسكر وحصى في الكلى، وفي اليوم التالي يجري فحوصات طبية فيجد نفسه سليما تماما والتقارير التي معه تقول هذا '' . وهذا النوع -أعني سحر المرض- أصيبت به أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها فعنها أنها أعتقت جارية لها عن دبر منها أي تكون حرة بعد موت سيدتها، ثم إن عائشة رضي الله عنها مرضت بعد ذلك ما شاء الله، فدخل عليها سندي - نسبة إلى السند -، فقال إنك مطبوبة - مسحورة -، فقالت من طبني ؟ فقال: امرأة من صفتها كذا وكذا، وقال: في حجرها صبي قد بال، فقالت عائشة: ادعوا لي فلانة، لجارية لها تخدمها، فوجدوها في بيت جيران لها في حجرها صبي قد بال، فقالت حتى أغسل بول هذا الصبي فغسلته، ثم جاءت، فقالت لها عائشة : أسحرتيني ؟ فقالت: نعم، فقالت لم ؟ قالت: أحببت العتق '' رواه مالك في الموطأ . 4 سحر المحبة: يقوم الساحر بطلب من المتقدم إليه ليعمل له سحراً يحبب زوجته أو غيرها فيه، أو ليعمل للزوجة سحراً يحبب زوجها أو غيره فيها، وذلك بأخذ أثر من آثار المسحور، فتظهر أعراض هذا السحر المرضية، وقد ينقلب السحر على الساحر فيكره الزوج زوجته كما يكره كل النساء معها، لأن السحر قد يكون مزدوجاً بحيث يعمل ليحب زوجته ويكره من سواها فيكره أمه وأخته وعمته وخالته ، وقد ينقلب فيكره أيضا زوجته .