لايزال العشرات من الشباب الذين خاضوا غمار الحرقة بوهران، يتساءلون عن الوعود التي أطلقتها السلطات المحلية، بتمكينهم من قروض لاستحداث مؤسسات صغيرة ومتوسطة تدفع عنهم شبح البطالة التي اضطرتهم إلى شق عباب البحر نحو الضفة الأخرى. هؤلاء ''الحراقة التائبون'' الذين نجا بعضهم من الموت بأعجوبة بعد أن داهمت الأمواج العاتية قواربهم الهشة، سرعان ما انتحرت آمالهم على أسوار السلطات المحلية التي وعدتهم بمناصب شغل في مختلف المشاريع التي تم إطلاقها بالولاية. وكذا الحصول على دعم مالي من أجل إطلاق مشاريع تخصّهم، لكن كل هذه الوعود لم يتحقق منها شيء إلى حد الساعة. الملفت في أمر هؤلاء الحراقة، أن من بينهم جامعيون يحملون شهادات في مختلف التخصصات لم تشفع لهم في الحصول على منصب شغل، بالإضافة إلى متخرجين من معاهد التكوين المهني، لديهم شهادات تأهيل تثبت إتقانهم لكثير من الحرف، علما أن مديرية النشاط الإجتماعي التي تبنت هذه الوعود تكدست برفوف مكاتبها العشرات من الملفات التي أودعها حراقة انتهت مغامراتهم البحرية بالتوقيف من طرف مصالح خفر السواحل والزج بهم في غياهب السجون بتهمة الهجرة السرية. وما زاد في استياء الحراقة التائبين، أنهم تلقوا ردودا من المديرية المذكورة تفيد بأن ملفاتهم التي أودعوها هي قيد الدراسة، حيث تشير المعطيات المتوفرة إلى أن حوالي 200 ملف خاص بفتح مؤسسات صغيرة متوسطة أودعت لدى مصالح المديرية من طرف حراقة أقلعوا في رحلة الموت نحو السواحل الإسبانية وفشلت في نهاية المطاف مغامرتهم البحرية، لكن 30 ملفا فقط تم النظر فيها. ويشار إلى أن وزير التضامن جمال ولد عباس كان قد شدّد في وقت سابق على ضرورة الإسراع في التكفل بفئة الحراقة وإدماجهم في المجتمع، ناصحا إياهم بتقديم طلباتهم إلى مديرية النشاط الإجتماعي، لكن سرعان ما اصطدم هؤلاء بواقع مر، غذاه غياب التكفل النفسي والاجتماعي بالحراقة، الذين أقسم الكثير منهم على معاودة مغامرة الموت، ولسان حالهم يقول ''يأكلني الحوت وما يكلنيش الدود".