ستبقى على ما يبدو الفتاة الصغيرة الغارقة في النوم على سريرها الحريري، بجانب دبها الأبيض الصغير والتي استيقظت فجأة وسط صحراء متشققة الأديم تغرمها لاحقا موجات المياه العاتية، تشكو من سنوات قادمة لا محالة، فيها المزيد والمزيد من الكوارث، بسبب تبعات تعنت رؤساء أكبر دول العالم، المتسببة في الاحتباس الحراري في اتخاذ موقف شجاع ينهي متاعب كوكب ''الأرض''... فبعدما تبادل رؤساء الدول العظمى المصنعة والمنتجة لانبعاث ثاني أكسيد الكربون اللوم فيما بينهم، على طريقة ''تخشان الرأس''، في آخر حلقة من مسلسل قمة كوبنهاغن التي دارت مشاهدها بالدانمارك، في قمة دولية تاريخية شدت إليها أنظار شعوب العالم بأسره، حول التغير المناخي والتي كان يفترض أن تحمل ''آمالا للبشرية'' باتخاذ إجراءات لمواجهة مشكلة الاحتباس الحراري التي تهدد كوكب الأرض، تبين للأسف، أن التعنت وفكرة ''تخطي راسي'' كانا سببين رئيسيين لتعثر مجريات القمة، الأمر الذي سيدع دون شك، ''الأرض'' التي صورها الفيلم الكارثي القصير الذي عرض مع انطلاق القمة، بالبنت الصغيرة النائمة، سيتركها نائمة في سباتها وغارقة في سيولها وشاكية أمرها إلى من لا يدرك واقعها، بل ويزيد من آلامها، فلا حياة لمن تنادي.. وعلى الرغم من أن الكلمة الافتتاحية للقمة، قال فيها الوزير الدانماركي صراحة للحاضرين وهم ممثلو 192 دولة عبر العالم: ''أنتم مؤتمنون خلال فترة قصيرة، على آمال البشرية''، إلا أن ذلك، لم يلق صداه لدى قادة العالم، الذين تشبثوا بقراراتهم السياسية، التي لا تزيد عن مجرد ذر الرماد في الأعين، وهو ما جعل ألمانيا تعتبر قرار الولاياتالمتحدةالأمريكية بغير الطموح، والصين لا ترى إمكانية للتوصل إلى اتفاق تفصيلي لمحاربة التغير المناخي، حتى قبل اختتامه... ما حدث فعلا، يدعنا نتجرع نحن بلدان الدول النامية وشعوب العالم العربي، قساوة ما سيحدث في السنوات القادمة، بعدما فشل القادة في تسويق قرار أخلاقي تاريخي يحمي الكوكب من ارتفاع الحرارة، ومن الجفاف الذي سيضرب، وتخطئ أوروبا إذا تصورت أنها بمنأى عن عواقب التغير المناخي ، وإن كانت مجهزة أفضل من غيرها من المناطق لمواجهتها، لأن سرعة الاحترار فيها تفوق المعدل العالمي، وتشير التوقعات التي نشرتها الوكالة الأوروبية للبيئة إلى انه يرجح أن تنقسم القارة الأوروبية إلى الجنوب المتوسطي الذي سيتعرض لجفاف وتصحر فيما يشهد القسم الشمالي منها متساقطات غزيرة غالبا ما تهدد بالفيضانات.... إعلان الدنمارك بأن كوبنهاغن تخلت عن مسألة التوصل إلى اتفاقية شاملة بشأن حماية المناخ بسبب فشل الأطراف المشاركة في التوصل إلى توافق بشأن نص الاتفاقية، يجعل عواقب ''التعنت'' بالوخيمة، والحل لن يأتي من الدول الفقيرة، ما دامت الدول العظمى تسير بأسلوب '' تخطي رأسي''، فهل من مجيب لدعوات ضحايا التعنت؟؟