من الأهمية بمكان أن يكون للجزائر يوم 16 أفريل تقدر فيه العلم وأهله، ومن الأهمية أن يكون لنا عبرة نستخلصها كلما مر هذا اليوم ، ومن الأهمية القصوى أن ندرك فحوى وطيات 16 افريل الذي اخترناه يوما للعلم. هذا اليوم الذي أصبح موعدا تتسابق فيه مختلف الجمعيات والمؤسسات العلمية والثقافية لمواكبته، وإقامته سواء كان ذلك بإحتفاليات أو ملتقيات أو غيرها ، حيث يكرم هذا ويثنى على ذاك وهكذا الحال كل عام وبعدها يعتقد الجميع أننا أحسنا إحياء المناسبة وكنا على قدرها و حجمها .إذن هذا ما يراه الناظر بعينه السطحية الخفيفة لأن البصير والعاقل يرى أن 16افريل أصبح مناسبة لتعميق الفجوة بين الجزائري والعلم دون أن نشعر، وذلك بما نصنعه في هذا اليوم، ونحن نحسب أننا نحي المناسبة . فلا عيب أن نكرم أهل العلم في هذه المناسبة و نقيم سلسلة من احتفالات وندوات وملتقيات علمية وأمسيات ثقافية، لكن الكارثة أن هذه السلسلة باتت غاية في حد ذاتها عوض أن تكون وسيلة لفهم ما يختلج في صدر هذا اليوم، ونقف من خلالها على أطلال رجال العلم ونتدبر، وبالعمل نسير على خطاهم، فرحم الله العلامة عبد الحميد ابن باديس . فالطفل في المدرسة الذي أصبح ينتظر هذه المناسبة بشغف كبير ، فقط من أجل إحتفال تنظمه المدرسة ليمرح ويفرح وقد يناله الحظ من الجوائز ، قد لن تجد منه إجابة عندما تسأله عن هذا اليوم، ولماذا في 16 أفريل بالضبط ، وبالكاد يعرف شخص هو العلامة ابن باديس . يوم 16 افريل في الجزائر يوم للعلم ، وأي علم يجب أن نحتفل به وقد أصبحت كلمة العلم عندنا تتقاذفها ظروف احتماعية وثقافية وحتى سياسية جعلت للعلم ألونا من نوع آخر . ألم يكن بالأحرى أن نطرح سؤالا كلما يمر علينا هذا اليوم ، سؤال يختزل كل هذه الاحتفالات و المهرجانات التي نقيم بها الدنيا ولا نقعدها ، السؤال ببساطة ، من يصنع العلم في بلادنا ، أين هي مراكز التنشئة العلمية عندنا ، إن أجبنا عن هذا فإننا سندرك حقا هل لنا الحق في أن نحتفل بيوم للعلم أو أننا لم نصل بعد إلى مرتبة نفتخر بها بما نقدمه للعلم تجعلنا نحتفل به كل عام . فهل يجب أن نحتفل بيوم العلم لأن المؤسسات التربوية التي تعتبر منبر العلم الأول في البلاد قد أكلتها الإضرابات من جهة ، و أهمتها أمور كثيرة غنية عن كل تعريف من جهة أخرى ، أو نحتفل بيوم العلم لأن البحث العلمي في الجزائر وصل به الحال إلى أسفل السافلين والجامعة الجزائرية تتذيل الترتيب . ألا يجب أن نتدبر في واقعنا العلمي كلما مرت هذه المناسبة بدل أن نتفنن في مسابقات ثقافية وملتقيات فكرية لم تعد تسمن ولا تغني من جوع، فالدول التي وصلت ما وصلت من التقدم العلمي، وقطعت أشواطا كبيرة في هذا المجال لم نسمع إلى يومنا هذا أنها تخصص يوما للعلم، ببساطة لأنها تدرك أن طريق العلم طويل وأنه أكبر من أن تحتفل به وتتذكر رواده في يوم واحد كل عام. فيوم 16 افريل جاء احتفاء برجل عظيم هو عبد الحميد ابن باديس وما صنعه من معجزات علمية وفكرية تفخر بها الجزائر في كل زمان ومكان، علينا نحن أبناء هذا الزمن أن نرى إلى أي مدى وقفنا على خطى هذه الانجازات والمعجزات و إلى أي حد كانت شخصية ابن باديس حاضرة في حاضرنا ومستقبلنا ، بعد كل هذا سيكون من السهل إقامة احتفالات ومهرجانات وملتقيات احتفالا بعيد العلم .