طالما حدث أن تفوه العلية من الناس بكلام قل أن يصدر عن الحكماء فضلا عن كبار الشأن، وإطلاق الكلمة الحكيمة لتقع موقعها السديد يحتاج إلى معاناة ودربة في الحياة بتقلبات وحراك المجتمعات والدول ، ثم بعد هذا كله توفيق وسداد من القدرة العليا. وقد استغرب الكثير ماكان يصدر عن الأخ القائد معمر القذافي من النظريات والأطروحات التي تركته محل استغراب حينا واستهجان حينا آخر، كما اعتبره قلة من المهووسين برؤية المخلص على اعتقاد النصارى، أو المهدي الذي طال انتظاره على معتقد الشيعة وكثير من السنة ليملأ الأرض عدلا بعد أن ملئت جورا. وإن كنت أثمن نصائح الأخ القائد في دعوته لفلسطينيي 48 بأن يتكاثروا لإرهاب إسرائيل لأن ذلك أخطر عليهم من قنابل إيران النووية فضلا عن صواريخ القسام الصبيانية، لكن أي تكاثر كان يعنيه ، إذ واقع الحال يبين أن القلة العددية من نصيب المحتلين الصهاينة ، والكثرة الكاثرة هي من نصيب المغتصبة أرضهم ودورهم، لكن ماأغنت الكثرة هنا ، وما أزرت بصهيون قلة البشر من بينهم، وربما كانوا أوعى لأمثلة العرب قديما لما كانت تقول: ''رب رجل كألف وألف كأف''. وإن كنا نعتقد أن الحرب والقنابل الفسفورية والعنقودية الحلال منها والحرام في أعراف المهيمن الدولي ، قد أكلت وحصدت من الإخوة الفلسطينيين الكثير كما حصدت الآله الفرنسية من الجزائريين قبلها الجم الغفير، لكن بقية السيف أنمى كما قيل، والأمل المنتظر من فلسطينيي 48 أن يكونوا غصة في حلق المحتل، بأن يتعظوا باجتهاد القوم في باطلهم وظلمهم على قلتهم، وتقاعس البعض عن حقهم المشروع على النمو الديمغرافي المعهود في أوساط الفلسطينيين والذي كان محل غرابة الدارسين للظاهرة، وماضاع حق وراءه طالب.