حتى متى يرعوي أصحاب الشكارة، والمحتكرين لأسواق العالة الفقراء، ومتى يستنكف باعة السم والرهج لمن لا يذوقون طعم اللحم أبيضه وأحمره، طازجه ونيئه، إلا لماما ، وإلا إذا أتى شهر الرحمة على رغم أنف المحتكرين وسمعهم وبصرهم. ولو رحت تطالع الأنباء لأصبت بالقرف والغثيان لما يستسهل أمره الذين قدت قلوبهم من حجارة، وماعادوا يزنون الخلق بميزان إنساني، بل ستجد أن أطعمة الكلاب والقطط والفئران التي يقدمها المدللون في الغرب لأبنائهم من هذه الحيوانات أنظف وألطف بكثير، ربما من لحم الحمير الذي قدم للعيال الجزائريين ذات يوم من أيام رمضان العظيم، وهو أصح وأطهر من اللحوم التي احترقت في تيسمسيلت فبيعت للغلابى في الجلفة، لولا لطف الأقدار التي أنقذت الحال بتدخل الأمن في آخر اللحظات لتمنع أكل الجيف عن الطيبين من أبناء نائل. ولعل الموقف يستدعي تدخلا قويا وحاسما من وزارة الدين عندنا ، لتعيد للناس تصحيح مفاهيم كثر اتفق حيالها عبدة الشمس والقمر والصليب والبقر، وهو أن المناسبات الدينية لديهم تسنزل من كبرائهم وتجارهم رحمة وشفقة تظهر آثارها في خفض للأسعار ورحمة الكبار للصغار، أما لدينا فالأمر يسري بالنقيض، فلسنا ندري أدينا نتبع أم مذهبا في الحياة جديدا نبتدع؟.