تقع ألبانيا في جنوب شرق أوربا، وهي إحدى دول شبه جزيرة البلقان، ويبلغ عدد سكانها ( 3.376.000 ) نسمة، نسبة المسلمين فيهم تصل إلى ( 75% ) من مجموع السكان، الذين أكثرهم ألبانيون ونسبة قليلة منهم يونانيون. ويتمتع المسلمون في ألبانيا بحرية دينية مقبولة، وتسمح لهم الدولة بممارسة شعائرهم الدينية . يوجد في ألبانيا حاليًا نحو (270 ) مسجدًا، من أصل نحو ( 1667 ) مسجدًا، كان يصلي فيها المسلمون الألبان قبل أن يأتي الحكم الشيوعي، ويمنع حرية ممارسة الأديان . ويبدأ استعداد المسلمين في ألبانيا لاستقبال شهر رمضان بتوزيع بعض الكتيبات والمطويات التعريفية، التي تبين فضل الشهر الكريم على غيره من الشهور؛ كما يقوم أئمة المساجد والدعاة بتقديم بعض الدروس والمحاضرات والتي يكون محورها فضل شهر رمضان. ويتم عادة استقدام بعض الأئمة والعلماء من تركيا خلال هذا الشهر الفضيل، للاستفادة من علمهم وتوجيههم؛ وإمامتهم في صلاة التروايح خاصة، حيث يحرص أئمة المساجد في ألبانيا على ختم القرآن في هذا الشهر، فيتلو الإمام ''التركي'' جزءًا من القرآن يوميًا في المسجد بعد صلاة الظهر، ويلتف حوله المصلون يستمعون إليه وهو يقرأ آيات الذكر الحكيم . ومن جملة استعداد المسلمين في ألبانيا لاستقبال هذا الشهر تهيئة الأماكن الخاصة بأداء صلاة التروايح التي تشهد حضورًا مميزًا، وإقبالاً عامًا . ومع ثبوت دخول شهر رمضان تُسمع أصوات الطبول في أماكن متفرقة من ألبانيا؛ إعلانًا وإعلامًا بثبوت هلال رمضان. ولا تقتصر عملية قرع الطبول ليلة ثبوت رمضان على فترتي السحور والإفطار، بل تستمر في بعض المناطق أثناء النهار ليوم أو يومين، ابتهاجًا وفرحًا بقدوم شهر الطاعة وشهر المغفرة. بعدها تقتصر عملية قرع الطبول على وقت السحور ووقت الإفطار فحسب. كما يُبث أذان المغرب عبر القناة الرئيسة كل يوم من أيام الشهر الفضيل . ومع بدء شهر الصوم يصوم جميع المسلمين الألبان، المتدينون منهم وغير المتدينين على حد سواء. ومن العادات الحميدة عند الألبان أنهم لا يسهرون، وهم يؤون إلى مضاجعهم مبكرين، ويستيقظون لتناول وجبة السحور، عونًا لهم على صيام يومهم . وشخصية ( المسحراتي ) موجودة في تلك الديار، ولعلها منقولة عن طريق الأتراك إليها؛ حيث يمر رجل يحمل ( طبلة ) يوقظ الناس بها، مرددًا بعض الأدعية والابتهالات الدينية. ومع نهاية الشهر يعطيه السكان ما تجود به أيديهم من المال أو العطايا . الإفطارات الجماعية تكثر في الشمال والوسط الألباني حيث يكثر تواجد المسلمين هناك؛ ويقوم عليها بعض الجمعيات الخيرية، وقد كانت تلك الجمعيات الخيرية فيما مضى من الزمن تقوم بنشاط محمود ومشهود في مجال أعمال البر والخير، وقد قل نشاطها في الآونة الأخيرة نتيجة التطورات والتداعيات التي تشهدها الساحة العالمية، والتي منها تضيق الخناق على نشاط هذه الجمعيات، والحد من فعاليتها . ومن العادات المحمودة عند الألبان في رمضان ازدياد الألفة والمودة بين الناس، حتى بين المسلمين والنصارى؛ فتقل الخصومات، وتكثر الزيارات، ويتأثر النصارى بجو رمضان، بل إن بعضهم يسأل عن موعد ليلة القدر، ويحرص على تحريها، والأعجب أن بعضهم يصومها؛ لأنهم يعرفون قدرها ومنزلتها !! وليس كل المسلمين في ألبانيا يلتزمون بأداء الصلاة، إذ إن بعضهم لا يعرف من الإسلام إلا الاسم فحسب؛ فالملتزمون بأحكام الإسلام عددهم قليل، وبعض كبار السن ينظر إلى رمضان على أنه مجرد عادة لا عبادة، فهم لا يكادون يعرفون شيئًا عن مكانة هذا الشهر، وكل ما يعرفونه أن يجب عليهم الانقطاع عن الطعام والشراب أثناء النهار فحسب، كما وتنتشر بعض البدع والخرافات في بعض الأماكن النائية. إلا أن لشهر رمضان احترامًا خاصًا، ومكانة عظيمة، ومنزلة رفيعة لدى معظم المسلمين الألبان . وتعقد في مساجد ألبانيا خلال شهر رمضان دروس العلم، وحلقات تلاوة القرآن، يقوم بها الأئمة من تلك البلاد، والمقيمون هناك من العرب والأتراك. ومن أهم المساجد هناك، مسجد ( دينه خوحا = Dine Hoxha ) وهو في العاصمة، ومسجد ( أنهم بي = Ethem Beu ) .