بشهادة المنظمات الحقوقية الدولية وجل وسائل الإعلام العالمية، شابت انتخابات مصر الكثير من أحداث العنف والقمع والترهيب، وذهبت التقارير الإعلامية إلى تحذير الناخبين الذين يفكرون في التصويت أن يأخذوا في حسبانهم خطر المشاجرات التي تضم بلطجية استأجرهم المرشحون المتنافسون، وأكدت في الوقت ذاته استئجار تلك العصابات من الفتيان ذوو العضلات أصبح جزءا لا يتجزأ من المشهد الانتخابي في مصر إلى حد أن صحيفة يومية نشرت قائمة بالأسعار التي يحصل عليها الرجال والنساء الذين يعتمدون على قوتهم العضلية، وحددت الدراسة بأن أسعار استئجار ''البلطجية'' تبدأ من 800 جنيه (140 دولار) وقد تصل إلى 40 ألف جنيه حسب نوع المهمة. و''البلطجة'' معناها في الاستخدام الشائع فرض الرأي بالقوة والسيطرة على الآخرين، وإرهابهم والتنكيل بهم. وهي لفظ دارج في العامية المصرية وليس له أصل في العربية، ويعود أصله إلى اللغة التركية، ويتكون من مقطعين: ''بلطة'' و''جي''، أي حامل البلطة، و''البلطة'' وهو معروف كأداة للقطع والذبح، والبلطجة في الاصطلاح هي استعمال القوة لاستغلال موارد الآخرين بهدف تحقيق مصلحة خاصة، وهي نابعة من احتياج صاحب القوة -فردا أو مجتمعا أو دولة- لموارد ومواهب وقدرات الآخرين لتوظيفها بطريقة نفعية. ''البلطجة'' كمصطلح ''غير معروف'' عندنا نحن الجزائريين، تعرفنا عليه عقب مباراة مصر والجزائر التاريخية في أم درمان، حين أطلت علينا وسائل الإعلام المصرية ووسمت الشعب الجزائري بسمات البلطجية والبربرية، بل وتفنن مسؤولو مصر وعلى رأسهم نجلا الرئيس وخصوصا جمال الذي يسعى إلى تمرير مشروع توريث الحكم في نعت الجزائريين بأبشع الصفات والشتائم من بينها البلطجة. انتخابات مصر البرلمانية التي تعتبر مرحلة تحضيرية للانتخابات الرئاسية العام المقبل، لم تدع مجالا للشك حول صدق أطروحة الصحف الأمريكية التي أكدت أن انتخابات مصر ''المحروسة'' هي ساعة حقيقة للكشف عن المجتمعات، وتبين صدق هذه الرؤية عندما أثبت ''نظام مبارك'' أنه نجح باقتدار في تحويل دولة المؤسسات إلى دولة تستخدم العنف والترهيب لتحقيق مآرب سياسية ولو كان ذلك على حساب العدالة والديمقراطية والعلاقات الأخوية..