منذ أن بدأ موقع ويكيليكس الإلكتروني نشر الوثائق السرية المسربة من السجلات الأمريكية، أصبح الإعلام الأمريكي والعالمي لا يهدأ له بال في متابعة الوثائق وكل صغيرة وكبيرة تم نشرها، وقد شكل نقل الوثائق من قبل صحف كبرى ومعروفة توسعا دعائيا كبيرا لموقع ويكيليكس، مما أعطاه السبق ووسع من مساحة نشر الوثائق وزاد من الجمهور المنشغل بالجدل حولها. ويكيليكس في غضون شهور معدودة أصبح في بؤرة الأحداث، ومنبعا هاما للمعلومات، وبالتالي نجح في التحول إلى ظاهرة إعلامية تستحق البحث والتأمل، خاصة وأنه صار محط اهتمام كل الساسة ويدفعهم في كل مرة إلى إبداء تصريحات وردود فعل سواء كانت مرحبة أو منددة على كل ما ينشر .. منطقيا، إن قدرة موقع ويكيلكس على نشر أكثر من 90 ألف وثيقة من السجل العسكري السري للقوات الأمريكية في أفغانستان، وعشرات الآلاف بخصوص العراق، وربع مليون برقية دبلوماسية، أمر في حد ذاته يحتاج إلى تفكير وتدقيق، لأن أمريكا القوة العظمى وزعيمة العالم في الوقت الراهن ليست سائبة إلى درجة فشلها في ضمان سرية معلوماتها، فهل يمكن لأي شخص بسيط أن يستوعب مسألة تسريب كل هذا الكم من الوثائق السرية من السجل العسكري الأمريكي؟ الجواب أن الأمر صعب التصديق أو يستحيل استيعاب حدوثه، بل الأمر يستوجب التمحيص ودليل هذا إننا لن نرى رد فعل أمريكي صادر عن المؤسسة العسكرية الأمريكية يوازي على الأقل حدث ''التسريب'' الضخم، فهل يعقل ونحن نرى مؤسسة بهذه الدرجة من التطور أن نسمح لعقولنا بالاستغفال إلى درجة تصديق، خروج نحو90 ألف وثيقة من السجل العسكري للجيش الأمريكي، تتعلق بمجريات حرب ما تزال وقائعها جارية! هي إذا عملية مفبركة مدبرة ضمن فعاليات نشر ما تريد نشره القيادة الأمريكية، ومن خلال وسيلة أشد فعالية في تحقيق أهداف النشر، إذ لو نشرت تلك الوثائق في وسائل الإعلام الأمريكية ''لكان الأمر محل شكوك، أما نشرها في موقع مؤسس وينشر من خارج الولاياتالمتحدة، وإثارة الضجيج والرفض حول ما نشره، فهو في قلب الهدف تماما. ويكيليكس هو ببساطة جزء من خطة أمريكية لاستعادة السطوة من خلال وسائل الإعلام الحديثة، وأهمها الشبكة العنكبوتية التي نجحت في احتلال مساحات تأثير كبيرة وهو ما يؤكد مرة أخرى أن أمريكا نظام يخطط ليبلغ الهدف وليس دولة سائبة.