تكتسب مآدب الإفطار في رمضان في البيوت العربية نكهة خاصة نظرا للأجواء العائلية المميزة في ليالي الشهر الكريم. وكباقي الدول العربية، في تونس هناك خصوصيات عديدة لمآدب الإفطار، فلا يخلو بيت في البلاد في رمضان من طبقين رئيسيين على المائدة وبغيرهما لا يحلو لأي تونسي موعد الإفطار وهما ''البريك'' و''شوربة الفريك''. وكلاهما طعام تونسي مائة بالمائة لا يمكن أن تعثر عليها في أي بيت عربي. باستثناء بعض البيوت الفلسطينية التي سبق أن عاش أصحابها في تونس في الثمانينيات وبداية التسعينات من القرن الماضي حيث نقلوا هذه العادة. فأما ''البريك'' فهو عبارة عن عجينة جافة على شكل ورقة مستخرجة من دقيق القمح يوضع عليها خليط من البيض النيئ والبقدونس المقطع و''التونة'' والكبًار وقطع من البطاطا المسلوقة، ثم يقع طي الورقة وتقلى في الزيت مدة لا تزيد عن الدقيقتين لتكون بعد ذلك جاهزة للاستهلاك. وأما ''شوربة الفريك''، فهي حساء يحتوي فضلا عن الماء ومعجون الطماطم والبهارات على حبيبات مرحية (مطحونة) من الشعير وقطع صغيرة من اللحم أو السمك أو الدجاج. وتعتمد الأكلتان كمفتحات للصائم عند الإفطار قبل مروره للأكلات الرئيسية والتي عادة ما تكون: ''الكسكسي التونسي'' أو''مرقة البطاطا'' أو''الملثوث'' وغيرها. ولكن ليس ''البريك'' و''شوربة الفريك'' هما فقط كل خصوصيات البيت التونسي بعد مدفع الإفطار، فتقريبا لا يخلو أي بيت أيضا من حلويات تونسية شهيرة لا تظهر إلا في شهر برمضان ونعني بها ''المخارق'' و''الزلابية'' ''حيث تلغي محلات الفطائر كل نشاطها المعتاد في رمضان لتتحول إلى صنع هذين النوعين من الحلويات. و''المخارق'' و''الزلابية'' عبارة عن عجينة من دقيق القمح تضاف إليها مواد ملونة فضلا عن السكريات ويتم قليها في الزيت قبل استهلاكها، ولا فرق بين كليهما سوى في الشكل ف''المخارق'' تكون بنية اللون ومستطيلة الشكل، أما ''الزلابية'' ''فتكون في شكل دوائر محيطة ببعضها وذات لون أصفر أو برتقالي. وتشتهر مدينة باجة (100 كلم شمال غرب العاصمة ) بشكل خاص بصنع هذين النوعين من الحلويات منذ قديم الزمن، بينما يحضر في عديد البيوت التونسية في رمضان نوع تونسي آخر من الحلويات هو''المقروط'' الذي اشتهرت بصنعه منذ مئات السنين مدينة القيروان (230 كلم جنوب العاصمة) حتى اقترن اسمه بها، وهو عبارة عن ''سميد'' مقلي محشو بالتمر. ويذكرأن أكلة ''الزلابية'' فقط هي التي نقلها البيت التونسي من البيت التركي زمن الخلافة العثمانية، لكنه أضاف إليها ابتكار ''المخارق''، أما ''مقروط'' القيروان فهو ابتكار أغلبي الأصل حافظت عليه المدينة منذ العهد الأغلبي من دون باقي المدن الأغلبية في المغرب العربي، بينما أكدت هذه المصادر أن أكلتي ''شوربة الفريك'' و''البريك'' هما بالذات ابتكار تونسي مائة بالمائة . وتقول النساء التونسيات إنهما ''عادتان تونسيتان ورثناهما أبا عن جد، مثلما ابتكرت المرأة العربية في أقطار أخرى أكلات خاصة بها في شهر الصيام وأنهن لا يستطعن أن يسمحن لأنفسن بإعداد أي طبق آخر في رمضان قبل أن نعد طبقي البريك وشوربة الفريك''. فرمضان لا يحلو في تونس بغير البريك وشوربة الفريك، لذلك يبدأ الإعداد لهما مبكرا .