لم تلغ مختلف التحذيرات والنصائح التي تطلق عشية المولد النبوي الشريف، فكرة اقتناء الألعاب والمفرقعات النارية من عقلية الكثير من الجزائريين الذين يؤكدون، في كل مرة، على أنه لا احتفال دون استعمال الألعاب النارية التي تحرق بسببها الملايير من السنتيمات ويدخل المئات إلى المستشفيات بسببها كل عام. يزداد الإقبال على اقتناء المفرقعات والألعاب النارية مع بدء العد التنازلي للاحتفال بالمولد النبوي الشريف، حيث بات التوجه الى ''جامع ليهود'' أكثر من ضروري لفئة عريضة من المواطنين على اختلاف أعمارهم ومن الجنسين. والمتجول هذه الأيام في تلك المنطقة يستغرب درجة الإقبال الكبير الذي تعرفه المفرقعات والألعاب النارية التي تموقعت، إن صح التعبير، على واجهات العديد من محلات بيع الملابس الرياضية. ''الجزائريون شعب مرفه وما يخصهم والو'' تسارعت وتيرة اقتناء الألعاب النارية وسط الشباب بصورة كبيرة جدا، خاصة في الأيام الأخيرة، حيث تحولت الشوراع والأحياء الشعبية الى مسرح لتجريب آخر صيحات الألعاب النارية القادمة من شرق آسيا والتي حولت سكون الأحياء الى انفجارات لا تنتهي إلا بانتهاء الذخيرة إن صح التعبير. ولا يبالي الكثير من الشباب والمراهقين وحتى الأطفال في صرف مبالغ مالية كبيرة لاقتناء العاب نارية يرتفع ثمنها كلما ارتفعت حدة تفجيراتها، ورغم خطورتها إلا أن الكثير من عشاق الألعاب النارية لا يأبهون بالنصائح التحذيرية التي تطلق عشية الاحتفال بالمولد النبوي الشريف. وشهد الكثير من الباعة على إقبال كبير من قبل العائلات التي تصرف مبالغ مالية كبيرة على المفرقعات النارية، حيث ذكر احد الباعة بساحة الشهداء ساخرا بأن ''الجزائريين شعب مرفه وما يخصهم والو''، وهي نفس الفكرة التي اقتنع بها العديد من الباعة واقتنعنا بها نحن في الأخير، كون درجة الإقبال كانت عالية جدا رغم ارتفاع أثمان السلع المعروضة على طاولات بيع الألعاب النارية بجامع ليهود. مبالغ خيالية تحرق في لمح البصر تستقطب طاولات بيع الألعاب النارية نسبة كبيرة من الشباب والمراهقين الذين حولوا كل ما يملكون من مال الى اقتناء الألعاب النارية. وتتراوح أعمار الشباب الذي التقينا به وسط الشارع المؤدي الى جامع ليهود بساحة الشهداء بين 15 و20سنة وفي الأغلب هم من تلاميذ الثانويات وحتى الابتدائيات الذين قدموا من مختلف أنحاء العاصمة خصيصا لاقتناء أحدث الألعاب النارية التي راجت أسماء أقواها في مختلف الأحياء الشعبية للعاصمة منها ''البندير'' التي تباع بأثمان خيالية تصل الى غاية 7 الاف دينار جزائري، حيث أكد لنا عدد من المراهقين أنهم يجمعون مبالغ مالية ويقومون باقتناء الأغلى ثمنا والتي تحدث دويا وألعابا نارية كبيرة وألوانا كالتي تشاهد خلال الاحتفالات الكبيرة في أنحاء العالم وهو ما زاد من فضول الشباب والمراهقين لاقتنائها حتى وأن كان ثمنها خياليا. من جهة أخرى كشف بعض الشباب عن رغبتهم في اقتناء ما يدخل السوق لأول مرة على غرار الألعاب النارية التي ترتفع في سماء الأحياء الشعبية كنوع من المنافسة التي تفتح أبوابها بين مختلف الأحياء الشعبية وقدرة شباب كل حي على تفجير أكبر قدر من الألعاب النارية وأحدثها للتفوق على غيرهم من الأحياء الشعبية الأخرى. ومن بين الشباب الذين حدثونا بإسهاب عن مشاريعهم المنتظرة لليلة المولد النبوي الشريف لطفي صاحب الواحد والعشرين ربيعا، الذي اقتنى أزيد من 2000دج من الألعاب النارية الأكثر شعبية على غرار الشيطانة والزندة وغيرها للاحتفال رفقة أصدقائه في تلك الليلة. ولم ينس ''لطفي'' تزويد أصحابه بآخر الأسماء التي دخلت السوق حديثا، ليعود في المرة القادمة لاقتنائها رفقتهم. الصينيون لم ينسوا الجنس اللطيف والطريف في الأمر أننا اكتشفنا أن للألعاب النارية عشاقها من الجنس اللطيف أيضا، حيث حملت بعض الألعاب النارية اسم ''ميليسا'' وتزينت بصورة طفلة صغيرة كإشارة من المصنعين لكون هذه الألعاب موجهة للفتيات ولا تمثل خطورة على من يلعب بها، كما أخذت''النوالات'' أيضا شعبية واسعة لدى الفتيات الصغيرات اللاتي يفضلن التمتع بالأوان والابتعاد عن الانفجارات وما يصاحبها من فوضى. وفي جولتنا لاحظنا أن العديد من المقبلين على اقتناء الألعاب النارية كانوا أيضا من الجنس اللطيف ومن أمهات جئن رفقة أطفالهن لاقتناء الألعاب النارية، حيث تفاجأنا بسيدة اقتنت 8 آلاف دينار جزائري من الألعاب النارية دفعة واحدة وهو ما دفعنا الى التساؤل والحديث إليها عن قبولها لدفع هذا المبلغ الكبير لاقتناء ألعاب نارية ضررها أكثر من نفعها، فأكدت هذه السيدة القادمة من منطقة عين البنيان بالعاصمة أنها تدفع كل سنة مبالغ مالية مختلفة لاقتناء الألعاب النارية لأطفالها. وحسب محدثتنا لا يمكن للمولد النبوي أن يمر دون أن يحتفل به على الطريقة الجزائرية حتى تتفادى إزعاج أبنائها الذين لا يمكن إسكاتهم أو إقناعهم بفكرة عدم شراء المفرقعات والألعاب النارية. أما المفاجأة التي قابلتنا في ''جامع ليهود'' فهي ظهور متسولات يطلبن من المتسوقين اقتناء الألعاب النارية لأبنائهن، وهي طريقة جديدة للتسول اكتشفناها عشية المولد النبوي الشريف.