أكد مختلف الخبراء الجزائريون أن الأزمة المالية العالمية بعيدة عن الاقتصاد الوطني ولا تهدد النظام المالي والمصرفي في الوقت الحالي، مشددين على ضرورة اتخاذ المزيد من الحذر فيما يخص حماية الاقتصاد الوطني والنظام المالي عن طريق وضع أدوات تنظيمية ومصرفية كافية من أجل ذلك. وصرح محمد لكصاسي محافظ بنك الجزائر في وقت سابق أن هذه الأزمة المالية العالمية الناجمة عن أزمة الرهن العقاري شكلت التحدي الأول للنظام المالي العالمي خلال السداسي الأول من السنة الجارية بسبب الخسائر الخيالية التي تكبدتها البنوك الدولية. والوضعية الحالية تفرض على جميع البلدان ومنها الجزائر اتخاذ المزيد من الحذر، بسبب التوقعات بتسجيل البنوك الأمريكية والأوروبية للمزيد من الخسائر نتيجة تسجيل أسهم مجموعات بنكية وشركات تأمين عملاقة لخسائر غير مسبوقة. من جهته، أكد عبد الرحمان بن خالفة المفوض العام لجمعية مهني البنوك والمؤسسات المصرفية في تصريحاتها أن الجزائر تعتبر من الدول التي ليست لها آثار مباشرة في المجال المالي من هذه الأزمة، لا في المدى القصير ولا المتوسط، مرجعا سبب ذلك لثلاث أسباب رئيسية، أولها لان الاستثمارات المالية الجزائرية لم تكن في الأسواق الخاصة، بالإضافة إلى التسيير الجيد والحكيم لمدخراتنا واحتياطاتنا من قبل بنك الجزائر، وأخيرا عامل تثبيت النسبي لتسعيرة الدينار. وكل هذه الأسباب وبالنظر إلى ظروف الأزمة المالية يمكن اعتبار الساحة المالية والاقتصادية الجزائرية آمنة، ما يجعل من الأزمة المالية العالمية من الجزائر قطبا استثماريا كبيرا، خاصة وان الظروف الحالية هي التي تظهر فيها البلدان التي تصبح مواطن غد للاستثمار، فمعظم الدول خرجت بخسائر أو أدواتها لمحاربة الأزمة كانت غير ناجعة، فمن جديد خريطة الاستثمار ستتأثر، وكل هذه العوامل ستبرز تسييرنا الحكيم وأهمية مواردنا، وبالتالي سنظهر من مواطن الاستثمار في الغد. وفي شرحه لأسباب استبعاد آثار الأزمة المالية العالمية على الاقتصاد الوطني لدى استضافته في نشرة الأخبار بالتلفزيون الجزائري، أوضح مسعود مجيطنة أستاذ وباحث بكلية العلوم الاقتصادية وعلوم التسيير أن احتياطات الصرف الجزائرية ومدخراتنا ليست موظفة في البورصات او على شكل أسهم وسندات لدى الشركات الخاصة في أوروبا والولايات المتحدةالأمريكية، وإنما موظفة في نوع آخر من القيم المنقولة هي أدنات الخزينة الأمريكية وأدنات الخزينة في أمريكا الشمالية، وكما هو معلوم ان هذا النوع من القيم المنقولة فهي مضمونة من طرف الدولة، وبالتالي فمدخرات الجزائر في الوقت الحالي في منأى مائة بالمئة عن تداعيات الأزمة المالية العالمية. لكن من جهة أخرى، لم يستبعد الأستاذ مجيطنة أن تكون للازمة على المدى المتوسط والبعيد تأثيرات غير مباشرة على الرغم من عدم وجود علاقات بالبورصات أو الطرق المختلفة للادخار، فالمدخرات الجزائرية موجودة في شكل آمن، ولكن هذه الأزمة المالية إن لم يتم التحكم فيها من طرف الجهات المعنية والمنظمات العالمية والبلدان الغربية، يمكن أن تشتد وتتحول من أزمة مالية إلى أزمة اقتصادية، وعندئذ يمكن للاقتصاد العالمي أن يتراجع كثيرا، ويمكن أن تتحول إلى أزمة كساد وهي ليست مستبعدة، وفي هذه الحالة يمكن أن ينهار الاقتصاد العالمي، وبالتالي سيكون له انعكاسات على كل بلدان العالم بما فيها الجزائر، لان الطلب على النفط سوف يضعف مما سيؤدي إلى تراجع أسعاره كثيرا، ويمكن أيضا أن يمس الاقتصاد الوطني بميكانيزمات أخرى. وفي نفس السياق، أكد خبراء ماليون أن تدهور قيمة الدولار، لن يقتصر على تأخير عجلة النمو في أمريكا فقط، بل سيفرز حجم تضخم أكبر لدى الدول التي تقوم اقتصادياتها على هذه العملة، نتيجة تراجع سعر صرف الدولار وأثره على احتياطات الصرف الجزائرية الموظفة كسندات الخزانة الأمريكية الطويلة المدى وبنسبة فائدة 2 بالمائة وهي احتياطات مقدرة ب 34 مليار دولار، في وقت تعاني فيه العملة الأمريكية من تراجع قدرتها الشرائية كون نسبة التضخم العالمية وصلت 4 بالمائة ومرشحة للارتفاع كانعكاس للأزمة في الوقت الراهن.