تأسست دار الفارابي اللبنانية بداية شهر جانفي من سنة 1954 بمناسبة عيد العمال من طرف مجموعة من المثقفين التقدميين العرب في تجربة علمانية منفتحة عملت على إيجاد فكر تنويري في الوطن العربي، لتتحول مع الزمن إلى منارة في الفكر أضاءت بإصداراتها كل أقطار الوطن العربي. دار الفارابي العريقة والتي لا تكاد تخلو أي مكتبة عربية من مخطوطاتها جاءت إلى الجزائر هذه السنة بأزيد من 108 عنوان جديد، مسجلة بذلك مشاركة كمية ونوعية متميزة.''الحوار'' استغلت فرصة وجود الدار ضمن فعاليات الطبعة ال13 للصالون الدولي للكتاب بقصر المعارض الصنوبر البحري للتحدث مع مسؤولها ''قاسم بركات'' الذي يكشف لنا في هذا ''الحوار'' عن تجربة دار الفارابي في مجال النشر ورأيه في عدد من القضايا المتعلقة براهن الكتاب العربي. بداية ما هو نوع الكتب التي تختص دار الفارابي بنشرها وتوزيعها عربيا؟ - أصدرت الفارابي الآلاف من العناوين على امتداد مراحل تطورها وهذا بفضل مجموعة من العوامل، منها القارئ الذي يساهم في تمويل الدار وإعادة إحيائها باستمرار، وكذا المفكرين والكتاب والمبدعين وأيضا الطاقم الإداري المتعاقب على إدارتها. الدار تتجه بالشكل الأساسي إلى الفلسفة والاقتصاد والرواية وحاليا لدينا مدخل إلى الكتب الخاصة بالمعاجم والبيئة والقانون.. تشعبت اهتمامات الدار وتطورت. أما من حيث اللغة فقد كانت الدار تطبع بأربع لغات الفرنسية والانجليزية والروسية والعربية، وحاليا أصبحت إصداراتنا مقتصرة على الطباعة باللغة العربية باستثناء بعض العناوين الضرورية التي نطبعها بين الفترة والأخرى بالفرنسية أو الانجليزية. خارج إطار المنافسة، هل تتعامل الفارابي مع دور نشر جزائرية أو عربية؟ - الفارابي تتعامل مع مجموعة واسعة من دور النشر العربية. لدينا تعامل مع 86 مكتبة عبر العالم، وهناك تعامل مشترك مع عدد من المؤسسات الثقافية مثلا في الجزائر لدينا تعامل مع مؤسسة النشر والإشهار ومؤسسة سيديا، ويوجد فوق ال 200 عنوان طباعات مشتركة مع الاناب وكذلك مع سيديا، حيث طبعنا سلسلة فسيفساء أعمال ياسمينة خضراء وحميد ابرين ومليكة مقدم.. وروايات رشيد بوجدرة وكتاب لخالد نزار.. كثيرا ما يتحدث المشارقة عن عدم وصول الصوت الإبداعي الجزائري إلى المشرق العربي، في رأيكم ما هو السبب في ذلك؟ - هناك عدد من العوامل أهمها أن حوالي 80 بالمائة من الكتاب الجزائريين يكتبون بالفرنسية وهذا يشكل عائقا أمام انتشار الكتاب في الوطن العربي لأنه يحتاج إلى الترجمة. توجت دار الفارابي في عدد من التظاهرات الثقافية العربية بعدة جوائز تقديرية هلا حدثتنا عنها؟ - دار الفارابي توجت بالعديد من الجوائز آخرها جائزة الكويت لهذه السنة حيث تحصلنا على جائزة أحسن إخراج لكتاب '' الإرهاب الظاهرة'' كما تحصلنا على جائزة عن ''ديوان المكان'' لشوقي عبد الأمير بالإمارات.. من المتعارف عليه أن لبنان أول دولة عربية اتجهت إلى نشر الأدب الجزائري في رأيكم هل مازالت الكتابة الجزائرية تستحق العناية؟ - أكيد فالمبدعون الجزائريون يستحقون هذه العناية والاهتمام لأن الجزائر بلد خصب في المجال الفكري والإبداعي، وهناك عدد من الأسماء المرموقة وحتى الشابة منها والتي تمتاز بروح مهمة ورائعة ولكن ينقصها في بعض الأحيان إتقان العربية، ونأمل في المستقبل أن يتجاوزوا هذا النقص وأن يتمكنوا من التخلي عن الكتابة بالفرنسية. من خلال معرفتكم بمجال النشر ما هو الفرق الذي لاحظتموه بين حركة النشر في الجزائر والمشرق؟ - الفرق موجود فعلا أولا في التقنية وثانيا في الجودة، مثلا هناك كتب أخرجناها في لبنان وطبعناها في الجزائر، فلاحظنا فرقا كبيرا من حيث التقنية ونوعية الورق وطريقة توزيع المادة على الورقة وتنسيق ألوان أغلفة الكتب.. صراحة الجزائريين يفتقدون الحرفية في مجال صناعة الكتاب. حسب رأيكم ما هي دواعي إقبال القارئ الجزائري على الكتاب؟ - أمانة في الجزائر، مازال هناك قارئ وأكبر دليل على كلامي هذا التوافد الكبير على المعرض للاطلاع على الإصدارات الجديدة، فهناك من يهتم بالكتاب وهي ظاهرة افتقدناها في عدد من الدول العربية حيث تحول القارئ إلى النت إلى درجة استحداث الكتاب الالكتروني. ما هي العناوين الجديدة التي تقترحها الدار في هذه الطبعة الجديدة من الصالون؟ عادة وفي كل دورة من المعرض نحضر مجموعة من العناوين المتعلقة بمختلف القضايا. في هذه الطبعة اشتركنا ب 108 إصدار جديد عن دورة العام الماضي ونأمل أن نكون قد استطعنا أن نوافي القارئ الجزائري بما يطلبه ونطمح لأن نكون بمنتهى الامتياز وأن نحقق الأفضل فنحن مستعدون لطباعة كتاب كل يوم. موازة مع معرض الجزائر، نظمت الشارقة معرض الكتاب والذي استقطب عددا من دور النشر العربية، هل ترى بأن معرض الشارقة يمكنه أن يتعارض مع معرض الجزائر؟ - بالنسبة لنا لم نعان من هذا المشكل فدار الفارابي متواجدة هنا وهناك إلا أن الأمر قد يكون محرج لعدد من دور النشر العربية، وأظن أن هذا الأمر راجع لسوء التنسيق بين لجان المعارض عبر الوطن لعربي إلا انه في بعض الأحيان تضطر اللجان إلى تنظيم معرضين في نفس الوقت. أما بالنسبة لمعرض الجزائر فلا أجده يتعارض مع معرض الشارقة. وأريد الإشارة إلى أن نقص دور النشر في هذه الطبعة لا يرجع لمعرض الشارقة وإنما للتصرفات غير اللائقة والصادرة عن بعض دور النشر، التي تسببت العام السابق في الكثير من المشاكل، ونحن كدار الفارابي ندين تلك التصرفات، فالعام الماضي مثلا شحن الناشرون اللبنانيون 48 حاوية لمعرض الجزائر، وهذا خطأ كبير لأنها محاولة لإغراق سوق الكتاب الجزائري.