قال الأستاذ مصطفى فاروق قسنطيني رئيس اللجنة الاستشارية لترقية وحماية حقوق الانسان، في لقاء خص به ''الحوار'': ''إن وضع حقوق الانسان في الجزائر يعرف تحسنا ملحوظا، وإن الجزائر تقع في المرتبة الثانية بعد جنوب افريقيا محتلة للمرتبة الأولى عربيا''. وكشف قسنطيني أن تسليم رئيس الجمهورية التقرير السنوي المتعلق بوضع حقوق الإنسان لهذه السنة سيكون مع نهاية الشهر الجاري، مسجلا فيه نقائص على مستوى المستشفيات ربطها بالعتاد القديم ونقص الوسائل والأدوية والإمكانات المالية. التقرير السنوي لحقوق الإنسان يحمل كثيرا من الإيجابيات مقارنة بسابقيه طرابلس تتحمل مسؤولية إعاقة تطبيق اتفاقية تبادل السجناء سيكون التركيز في التقرير المقبل على المؤسسات التربوية نحن في حاجة إلى خطاب سياسي جديد تجاه الشباب للحد من الجريمة هناك أطراف ترفض الإفصاح عن عدد المحامين المحالين على مجالس التأديب وأكد رئيس اللجنة الاستشارية لترقية وحماية حقوق الانسان أن قطاع العدالة عرف تحسنا ملموسا، مبرزا أن حل مشكل الحبس الاحتياطي بيد القضاة، إذ يجب، مثلما قال في ذات اللقاء ''أن يعملوا قصارى جهدهم على التخفيض من الحبس الاحتياطي ويعجلوا النظر في القضايا''.في حين دعا المجلس التأديبي للمحامين إلى لعب دوره ومعاقبة المحامين الذين ثبت ارتكابهم للأخطاء بصرامة. وبشأن زبائن الخليفة قال قسنطيني: ''ريثما يتنهي المصفي من مهمته، حينها سنرى إذا كانوا سيستفيدون من حق استعادة كل أموالهم أو جزء منها فقط، لكن ما نتمناه أن تقدم الدولة على مساعدة ضحايا البنك''. وبخصوص السجناء الجزائريين القابعين بالسجون الليبية أبرز أن سبب تعطل الاتفاقية المبرمة بين الجزائر وليبيا، يعود للطرف الليبي الذي حسبه لم ينفذه. وقال ''أعتقد أن ثمة أمور بيروقراطية تحول دون تطبيق الاتفاقية المبرمة بين الجزائر وليبيا''. الحوار: يحتفل العالم هذا الأربعاء باليوم العالمي لحقوق الإنسان، وبهذه المناسبة كيف تقيّمون وضع حقوق الإنسان في الجزائر؟ الأستاذ فاروق قسنطيني: الحقيقة أن وضع حقوق الانسان في الجزائر يعرف تحسنا ملحوظا وملتفا للانتباه، وبلادنا في هذا الميدان وفي ظل توفر إرادة سياسية قوية، أراها قطعت أشواطا كبيرة وناجحة سمحت لها أن تتوجه نحو البناء الفعلي لدولة القانون، لكن الشيء الذي يبقى حجرة عثرة أن استكمال بناء دولة القانون هو افتقادنا لثقافة حقوق الانسان، فنحن كلجنة لترقية وحماية حقوق الانسان مدعوون، وسنسعى بكل الإمكانات لبذل قصارى جهودنا وترسيخ هذه الثقافة في مجتمعنا. إذا قارنا وضع حقوق الإنسان في الجزائر بالدول العربية، في أي مرتبة ستصنفون الجزائر؟ إذا ما قارنا وضع حقوق الإنسان في الجزائر مع الدول العربية، فإن بلادنا متقدمة عليهم بكثير، بل لا مجال للمقارنة، فوضعية حقوق الإنسان في الدول العربية لا تزال جد متأخرة. وعلى المستوى الإفريقي، في أي مرتبة تضعون الجزائر؟ وإذا ما قمنا بمقارنة على المستوى الإفريقي، فيمكننا وضع الجزائر في المرتبة الثانية بعد جنوب إفريقيا. متى ستسلم اللجنة تقريرها السنوي لرئيس الجمهورية؟ سنسلم التقرير السنوي المتعلق بوضع حقوق الانسان لسنة 2008 ، لرئيس الجمهورية مع نهاية الشهر الجاري. ما هو الجديد الذي يحمله التقرير؟ التقرير يتحدث عن الحقوق الاجتماعية وعن العدالة وعن المصالحة، وكذا عن وضع السجون والمستشفيات، وإن كان يشبه كثيرا تقرير سنة 2007 فإنه يحمل الكثير من الإيجابيات. أين تكمن فواصل المفارقة بينه وبين التقارير السنوية السابقة ؟ وجه الاختلاف ارتبط بتقارير إضافية حول وضع السجون والمستشفيات، فقد قمنا بزيارة على مستوى السجون وكذا المستشفيات وسجلنا السلبيات مثلما سجلنا الإيجابيات. ماهي النقائص التي سجلتموها على مستوى المستشفيات؟ بالنسبة للنقائص المسجلة على مستوى المستشفيات فقد ارتبطت بالعتاد القديم ونقص الوسائل والأدوية والإمكانات المالية، أما العامل البشري من أطباء وممرضين فقد قيدنا ملاحظات ايجابية ولمسنا إرادة قوية في أداء المهام على أكمل الأوجه. ولكن كثيرا ما اشتكى المواطن من بعض الأساليب في المؤسسات الاستشفائية؟ المشكل في الممرضين على مستوى مستشفياتنا ارتبط بالتكوين، فقلة التكوين تظهر السلبيات وأنا في هذا المقام أرى أن تعجل الدولة في فتح مدرسة لتكوين الممرضين لأجل الرفع من مستواهم. عاينتم هذه السنة وضع السجون والمستشفيات، ماذا سيتعاينون في السنة المقبلة؟ سيحمل التقرير السنوي لسنة 2009 صورة عن وضع المؤسسات التربوية، حيث سيتنقل أعضاء لجنة حقوق الإنسان على مستواها ويتفقدون عن قرب وضعها الحقيقي، ويسجلون بكل أمانة الإيجابيات والسلبيات. نتحدث عن العدالة والسجون، ونبدأ بتقييمكم لوضع قطاع العدالة في الجزائر؟ تشهد العدالة تحسنا ملحوظا، مع الإشارة إلى أن الإصلاح الذي باشرته السلطات العمومية طفا على السطح وأصبح حقيقة ملموسة. ولكن هناك من يتحدث عن بقاء مشكل الحبس الاحتياطي قائما، ما هي قراءتكم للأرقام المسجلة في هذا الشأن؟ مشكل الحبس الاحتياطي سببه ارتفاع عدد الموقوفين، وعدم وجود سجون كافية قادرة على احتواء هذا الكم من الموقوفين، فمثلا في سجن البليدة الذي يعود تاريخ فتحه إلى سنة 1857 بطاقة استيعاب لا تتعدى 250 سجينا فقط، بينما نجده يستقبل ما يفوق 1000 سجين. ماهو الحل في نظر هيأتكم؟ الدولة تسعى لحل مشكل الاكتظاظ على مستوى السجون، فعما قريب سيتم فتح 13 سجنا على مستوى كامل التراب الوطني، لكن مع هذا نرى أن الحل بيد القضاة، إذ يجب أن يعملوا قصارى جهدهم للتخفيض من السجن الاحتياطي، فثمة عدد كبير من الموقوفين لم تثبت إدانتهم، يجب التعجيل في محاكمتهم. كم عدد المودعين في الحبس الاحتياطي؟ هناك آلاف المساجين رهن الحبس الاحتياطي، وقد ذكرت الوزارة أن عددهم يصل إلى 55 ألف سجين موقوف دون محاكمة، أي في السجن الاحتياطي. وأكرر أنه ما من داع لأن يذهب القضاة إلى البريكولاج وتأجيل الفصل في القضايا، يجب أن يذهبوا نحو العمل الجاد لأجل التقليل من القضايا من خلال التعجيل في الفصل فيها، ومن ثم القضاء على الحبس الاحتياطي وعلى ظاهرة الاكتظاظ في السجون. ألا يمكن إرجاع ارتفاع المحبوسين احتياطيا لارتفاع عدد الجرائم؟ ؟ممكن جدا، وأود أن أقول إن القانون صارم مع قضايا القتل والسلاح الأبيض والمخدرات، لكن اعتقد أن ارتفاع الجرائم في الآونة الأخيرة يستدعي خطابا سياسيا جديدا للشباب، كما يتطلب إجراءات تحفيزية كتوفير الشغل باعتباره أحد الأسباب التي تدفع بالشاب نحو الانحراف وارتكاب جنح وجنايات كالسرقة والقتل. في هذا السياق هل حمل تقريركم مقترحات للحد من ظاهرة الجرائم وتحقيق السلم الاجتماعي؟ ؟نعم، عرضنا بعض المقترحات المتعلقة بترقية الحقوق الاجتماعية كاستحداث مناصب العمل وتوفير السكن، ولكن الأكيد أن تطبيقها على أرض الواقع يتطلب وقتا طويلا وإمكانات مالية، ومع هذا نحن نستبشر خيرا بعد الجهود المبذولة من طرف السلطات العمومية ونتمنى أن تتضاعف أكثر. في ذات السياق، بصفتكم محاميا، كيف ترون دور المجلس التأديبي في مجال اتخاذ التدابير العقابية ضد المحامين الذي تثبت عليهم التهم أو ارتكاب أخطاء مهنية؟ ؟أعتقد أن المجلس التأديبي للمحامين يجب أن يلعب دوره، والمحامي الذي ارتكب خطأ يجب أن يعاقب بصرامة ويطبق عليه القانون، لأن مهنة المحاماة مهنة نبيلة ويجب أن تكون محاكتمهم عبرة. وأكرر أنا من المحامين المطالبين بضرورة أن يتخذ المجلس التأديبي إجراءات عقابية صارمة ضد المحامين الذين يخونون مهنتهم. وهل لديكم أرقام عن عدد المحامين الذين أحليوا على مجلس التأديب؟ لا، لا نملك أية أرقام عن عدد المحامين الذين أحليوا على مجلس التأديب لأن المنظمات الجهوية لا تريد أن تعلن عنها. رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة دعا مؤخرا إلى ضرورة استكمال وتفعيل مسعى ميثاق السلم والمصالحة وتذليل كل العقبات التي تحول دون تطبيق بعض بنوده، ما هو تقييمكم للمسعى، وفي رأيكم ما هي العقبات المقصودة؟ المصالحة الوطنية نجحت، لكن المشاكل البيروقراطية التي يصادفها المعنيون كانت أحد الأسباب التي عطلتها في بعض جوانبها، وأرى أن مشكل البيروقراطية الذي تحول إلى ظاهرة حقيقية في الجزائر يتطلب تغيير الذهنيات، والذهاب نحو عقلية تعي تماما كيف أن المواطن ملزم باحترام الإداري، وكيف أن هذا الإداري نفسه ملزم باحترام هذا المواطن الذي يتقرب منه. وأكرر أن مسعى ميثاق السلم والمصالحة الوطنية قد شق طريقه بتفوق سيما بعد أن أعطى رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة مؤخرا التعليمات الصارمة لأجل استكماله وتجاوز كل العقبات الإدراية. نعود للحديث عن مطلب زبائن الخليفة بضرورة استرجاع أموالهم التي ضخوها في البنك المنهار؟ قضية الخليفة، كارثة مالية حقيقية بالنظر لحجم الخسائر التي تكبدها الزبائن، والمشكل القائم الذي حال دون تمكن هؤلاء الزبائن من استرجاع أموالهم، ارتبط أولا بمهمة المصفي المكلف بتصفية هذه المؤسسة المالية، فهو لم يكمل بعد عمله، لكن ريثما ينتهي من مهمته حينها سنرى إذا كان الزبائن سيستفيدون من حق استرجاع كل أموالهم التي كانوا قد ضخوها في بنك الخليفة المنهار أو جزء منها فقط. وما نتمناه هنا أن تقدم الدولة على مساعدة ضحايا البنك، وتتحمل جزءا من المسؤولية على اعتبار ما سمح لعبد المؤمن خليفة ارتكاب هذه الجرائم هو غياب دور الدولة في الرقابة، وعليه مدنيا فإن الدولة تتحمل جزءا من المسؤولية في القضية. وثاني سبب عطل استفادة الزبائن من حق استرجاع أموالهم هو عدم فصل المحكمة العليا في الطعون المرفوعة على مستواها المتعلقة بقرارات الأخيرة، التي اتخذت في محاكمة القرن بالبليدة والمتعلقة بكل الأطراف، لذا لا تزال الأمور على حالها، ونحن بدورنا لا زلنا ننتظر قرار المحكمة العليا. متى يتم الفصل في الطعون؟ عما قريب ستفصل في الطعون. لا تزال قضية السجناء الجزائريين بليبيا قائمة، ماهو السبب في رأيكم الذي عطل الإفراج عنهم أو ترحيلهم إلى الجزائر لتمضية ما تبقى من العقوبة ؟ الاتفاقية موجودة ولكن الطرف الليبي لم ينفذها وأعتقد أن ثمة أمور بيروقراطية تحول دون تطبيق الاتفاقية المبرمة بين الجزائر وليبيا. ثمة سجناء موقوفون في السجون الليبية وفي كل مرة مثلما تؤكد عائلاتهم يتم تأجيل محاكمتهم ولا يفصل في قضاياهم، هل هذا جائز قانونا؟ ما يحدث لهؤلاء الموقوفين مجرد مناورات، وقانونا غير مقبول.