أخبر أحد الكباش الذين لم يسعفهم الحظ لأن يكونوا أضحية للعيد هذا العام قال: عندما كنت خروفا صغيرا رأيت مالكنا يحبو أبي دوننا بعناية خاصة في المأكل والمشرب فسألت أمي النعجة عن سبب هذه العناية في هذا الوقت بالذات فأخبرتني بانه سيأخذه للسوق ليبيعه أضحية للعيد، ثم سألتها عن معنى الأضحية فقالت بأن المسلمين يشترون الكباش في عيد الأضحى ليذبحوها تقربا إلى الله خالقهم ومعبودهم فقاطعتها قائلا: إذن سنبقى بدون أب؟ فقالت: أبوك الذي سيذبح هذا العيد كان ابنا لي وسألني نفس سؤالك فأخبرته بأنه لا مشكلة في ذلك وأنك ستفهم بعد أن تكبر قليلا وهذا الذي حدث وصار أبا لك وهذا الذي سيحدث معك أيضا فلا تقلق بشأن أبيك.. وواصل الكبش حكايته قال: وبعد عدة أشهر أصبحت أبا لتوأم، خروفا يشبهني وخروفة تشبه أمها التي هي أمي أيضا، ولما اقترب موعد العيد فعل معي صاحبنا ما فعله مع أبي العام الماضي فكان يخصني بعلف مميز وطعام خاص فيه الكثير من المسمنات والمقويات كما يفعل أصحاب الميقاماز قبل حلول فصل الصيف، فعرفت بأني مقدم على الذبح لا محالة فانغلقت نفسي ولم تعد لدي شهية للأكل فأخذ جسمي يهزل وبدأت عظامي تبرزوقل وزني، فأحضر لي مالكنا طبيبا بيطريا ففحصني فحصا دقيقا لكنه لم يشخص لي أي مرض واكتفى بوضع حقنة لي على أمل منه أن تفتح شهيتي للأكل ثم أخذ حقوق العلاج وانصرف، أما صاحبي فقد ضرب أخماسا في أسداس وظل ينظر إلي شزرا وهو يقول: آه يا وليد... كلفتني 008 دينار أخذها الطبيب دون فائدة، لكن لا بأس الكباش هذا العام قليل وسوف أبيعك بثمن جيد، وبعد أيام قليلة أخرجني صاحبي من الزريبة في وقت مبكر وأخذني إلى سوق المدينة فوجدته مليئا بالكباش من مختلف الأعمار والأوزان والأشكال والناس يدورون حولنا ويتبادلون عبارات لم أكن أفهمها لكني متأكد أنها تتعلق بنا لأنهم كانوا يجسون ظهورنا ويكشفون عن أسناننا ويفحصون أذيالنا بين أصابعهم ويتأكدون من وجود أجهزة فحولتنا وأحيانا يضعون أيديهم تحت مؤخراتنا ويرفعونا عن الأرض فمنا من يرفع بسهولة وهذا كانوا يتحاشون شراءه ويقولون بأنه نحيف أما الذي يصعب رفعه فذاك الذي يريده الجميع، وبينما أنا كذلك إذا برجل عظيم الجثة له شنبات طويلة ويرتدي معطفا شتائيا ''بوردوسو'' ويحمل في يده عصى محدبة وهو مقبل نحوي لا تطرف له عين ولما اقترب مني جس ظهري بيده جسة تختلف منها الأضلاع وتبرك أقوى الكباش من شدتها، ثم أمسك فمي وفتحه ونظر إلى أسناني وطأطأ رأسه راضيا، وقال لصاحبي لازال سنه صغيرا لكنه هزيل جدا مع أنه يبدو من سلالة جيدة، ثم سأل صاحبي ألا يعاني من أي مرض فأجابه صاحبي بالنفي وحكى له قصتي مبديا تعجبه مما آل إليه أمري، وبعد أخذ ورد بينهما فهمت أن السيد لا يريد شرائي للذبح ولكن لشيء آخر تهم فيه نوعية السلالة ولم أعرف ما هو وبعدما اتفقا على الثمن أخذ صاحبي النقود وانصرف أما من اشتراني فقد أخذني إلى بيته وأدخلني إلى زريبة مليئة بالثكالى اللائي فقدن أزواجهن وأبناءهن الذين أخذوا كقرابين وأضاحي للعيد فكنت الفحل الوحيد بينهن وصرت من يومها ملكا أتنعم بالتعدد والطعام الشهي والراحة الدائمة (وللقصة بقية) ...