إن مسالة التفكير في زواج أم مات زوجها أو انفصلت عنه،هي بعيدة عن الأذهان و قد تكون مستهجنة من غالبية أفراد المجتمع،عكس زواج الأب الذي لا يعارض زواجه احد بل يسعى معظم من حوله لإقناعه بالفكرة. و محور حديث جماعة نسوة بحافلة نقل عمومي لبئر خادم،احتدم النقاش بينهن فأثار الموضوع ضجة،بين مؤيد و معارض نقلت الاتحاد الأصداء و تناولت الظاهرة الاجتماعية الدخيلة على المجتمع الجزائري. ليندة.. يصعب علي أن أراها تعيش مع رجل أخر السيدة" ليندة.م" موظفة بالإدارة،ترفض تماما مجرد التفكير في إمكانية زواج أمها بعد أن توفي والدها،و تعلل ذلك قائلة:رفضي ليس من قبيل الأنانية، و إنما بدافع حبي الشديد لها،فهي أحب مخلوق في حياتي،يصعب علي أن أراها تعيش مع رجل أخر بعد وفاة أبي،الذي كان يكن لها كل الحب و الوفاء،و من جهة أخرى ربما خوفي من معاملة ذلك الزوج الجديد لها،فانا اعمل كل ما بوسعي من رعاية لها و ألي كل طلباتها و لا اجعلها تحتاج لغيرنا حتى لو كان زوجا. تشاطرها الرأي أيضا السيدة "فاطمة الزهراء" فتقول في الموضوع بمجرد التفكير في زواج أمها لا تتقبل الفكرة،فمر على وفاة أبيها عشر سنوات،فعندما تمازحها آمها بخصوص موضوع زواجها تنصرف غاضبة و تتركها،و تضيف ليس كرها لها و إنما لشدة الخوف عليها. راضية..خشية من كلام الناس،رفضت أمي الزواج فيما عارضت الشابة "راضية" 22 سنة ،الآراء السابقة فهي لا تجد غضاضة في زواج الأم بعد أن تؤدي دورها في الحياة تجاه أبنائها،لا سيما إذا كانت تعيش بمفردها و لا تجد من يهتم بأمورها،و تذكر أن والدها قد انفصل عن والدتها و اقترن بامرأة أخرى و يعيش حياته بكل سعادة و هناء،أما هي فقد كرست حياتها لتربيتنا ،فكيف تعيش بعد زواجنا و بعد أن يذهب كل في سبيل حياته،فهي حتما ستبقى في المنزل وحيدة و لا تحيا حياة طبيعية ،ما دفعني أن اعرض عليها فكرة الزواج مرات عدة،و لكنها أبت خشية من كلام الناس) و وصفت المعارضين لزواج الأم بالأنانيين و حب النفس. أم خالد.. لا أجد مانعا في زواج أم توفي زوجها كذلك "أم خالد" من درارية،ترى أن المجتمع ينظر إلى هذه الفئة بقسوة بحجة العادات و التقاليد،فهي تروي أن أبوها توفي و ترك أمها في العقد الثالث من العمر،فقد عكفت على تربيتنا و الحمد لله، و بعد أن تزوجنا جميعا أصبحت أمي وحيدة على الرغم من أنها لا تزال تتمتع بالصحة و العافية،فقد عرضنا الزواج على أمي أكثر من مرة،لكنها رفضت خشية من المجتمع و حفاظا على سمعة العائلة،ضحت بسعادتها من اجلنا فانا لا أجد مانعا في زواج أم توفي عنها زوجها أو انفصل عنها،لها الحق في ذلك و الشرع لم يحرمه. المرأة كلما كبرت كانت في حاجة إلى من يرعاها و يهتم بها و حسب تجربة "سمية.ز" من القبة، التي دخلت لائحة الأرامل مبكرا،تقول أنها أتتها فرص للزواج مباشرة بعد وفاة زوجها و لكنها رفضتها بحجة تربية ابنها "أسامة"،و ألان تشعر بالندم و الندم لا ينفع كما تقول بعدما عاشت الوحدة و الاكتئاب ،فهي ترى أن المرأة كلما كبرت كانت في حاجة إلى من يرعاها و يهتم بها،و أنها إن وجدت من يخفف عن وحدتها شعرت بالأمان و الطمأنينة. الدكتور طويل ل "الاتحاد":الظاهرة وليدة البيئة الاجتماعية يرجع الدكتور "محمد الطويل" مختص بعلم الاجتماع ، أسباب هذه الظاهرة إلى عدة جوانب فهي تعتبر فطرة في الإنسان ،إذ لا يتقبل الأولاد بشكل فطري لشخص أخر يرتبط بأمهم خاصة البنات اللاتي يرون أن هذا الزوج سيحرمهم من حنان أمهم و اهتمامها بهم،و كذلك تخوفهن من التحرش الجنسي من قبله فيسيطر الخوف و القلق عليهن،إضافة إلى نظرة المجتمع إلى هذه الظاهرة على أنها سلبية و يعتبرونه سلوك انحرافي ،لكنه في الحقيقة عادي و بالتالي تتوارث الفكرة لدى الأطفال ،كما يعتبر البعض زواج الأم تدنيس لسمعة العائلة و اهانة لكرامتها،و يضيف أن نقص الوازع الديني سبب رئسي في انتشار الظاهرة،فالشرع يسمح للام بالزواج مثلها مثل الأب الذي يقنعونه بالزواج في حالة رفضه . منيب ل الاتحاد :رفض الأبناء زواج الأم يدفعها إلى الزنا لاشك أن الزوج هو العائل والسند، والمرأة حينما تفقد هذا السند يحدث لها عدم اتزان لفترة، ثم تصبح إحدى اثنتين، إما أن تتماسك أو تنهار، والمرأة المسلمة العربية عامة لديها قوة وإرادة، وتتحمل الصدمات، وتستطيع أن تقوم بدور الأم والأب، خاصة إذا كانت عاملة. ومن الناحية النفسية و حسب المستشار الأسري السيد منيب تتعرض الزوجة لفراغ عاطفي، وكذلك الأبناء نتيجة لغياب الزوج، وهنا تأتى حاجة المرأة إلى الزواج لتسد هذا الفراغ، وأحيانًا تواجه المرأة حين ترغب في الزواج مشكلات نتيجة ضغوط المجتمع، والخوف على الأبناء، فتعيش في صراع بين حاجتها وخوفها على الأبناء،مما يدفعها للقيام بعلاقات سرية بما فيها الزنا، وقد يتغلب حب الأبناء والخوف عليهم على رغبتها في الزواج أو تتطور الصراعات داخلها إلى قلق وإحباط، واكتئاب، وينعكس ذلك كله على أبنائها، والمحيطين باعتبارهم السبب الذي يحول دون سعادتها، وعلى ذلك ينبغي على المجتمع أن يساعد المرأة على الزواج إذا رغبت في ذلك، ولا يعد ذلك نكرانًا للشريك الراحل، أو جحودًا منها، والأبناء، والأقارب أولى الناس بذلك. نظرة الشرع لزواج الأرامل إن الإسلام يراعى الفطرة البشرية، ومن ثم أحل زواج الأرملة، وجعل لها فترة عدة، وهى أربعة أشهر وعشرة أيام، أو وضع الحمل لو كانت حاملاً، وقد تزوج الرسول (صلى الله عليه وسلم) من أرامل ومنهن أم سلمة، التي عرض عليها الخطبة فقالت ليس من أهلي أحد حاضر، فقال لها ليس من أهلك حاضر، ولا غائب ينكر هذا الزواج، فقالت لابنها قم فزوج رسول الله، فالقرآن أباح خطبة المعتدة أثناء العدة، ولكن بالتلميح والتعريض وليس التصريح، والزواج حصن للمرأة والرجل معًا، وإن كانت هناك تقاليد تنظر للأرملة التي تتزوج نظرة سيئة، فهي نظرة خاطئة، ولكن ينبغي أن تراعي الأم مصلحة أبنائها في اختيار الزوج، وأن يراعى الأبناء أيضًا والدتهم، ويحسنوا إليها إذا رغبت في الزواج في أي سن ولا يتهموها، وأدعو المجتمع لمراعاة الأرامل، والرجل الذي يرعى الأيتام في بيته سيكون رفيق النبي (صلى الله عليه وسلم) في الجنة. أن الأرملة بحاجة إلى وقت ليس بالقصير لتتكيف مع حياتها الجديدة؛ إذ تشعر في بداية الوفاة بأنها ضعيفة وعاجزة عن اتخاذ أي قرار، ولا تستطيع تحمل أية مسئولية، وبمرور الوقت تتكيف مع الوضع الجديد، خاصة إذا ساعدها المحيطون على تنمية ثقتها بنفسها وبقدراتها.