كانت سنة 2020 سنة مثقلة بالمتاعب والعثرات بالنسبة للاقتصاد الوطني، الذي خرج منهكا من سنة 2019 التي ميزها الركود والرجوع إلى الوراء نتيجة الاحداث المتسارعة بداية بالحراك الشعبي وصولا إلى الفراغ السياسي الذي خيم على البلاد، ليصطدم مرة أخرى مع بداية 2020 يتداعيات تفشي فيروس كورونا المستجد الذي أنهك أقوى اقتصادات العالم. تراجع نمو الاقتصاد الوطني بنسبة 3.9 بالمائة في الربع الأول من 2020
سجّل الاقتصاد الوطني في الربع الأول من سنة 2020 نموًا سلبيًا بنسبة 3.9 بالمائة، بسبب الأزمة الصحية الناجمة عن انتشار فيروس كورونا، حسب أرقام الديوان الوطني للإحصاء. ويأتي هذا التراجع بعد نمو بنسبة 1.3 في المئة في نفس الفترة من عام 2019، بسبب إجراءات العزل العام جراء تفشي فيروس كورونا والأداء السيئ لقطاع النفط والغاز الحيوي. وانكمش قطاع الطاقة بنسبة 13.4 في المئة في الأشهر الثلاثة الأولى من عام 2020، أي ما يقرب من ضعف الانكماش الذي بلغ 7.1 في المئة قبل عام، وفقا للديوان الوطني للإحصائيات. ويسهم النفط والغاز بستين بالمئة من ميزانية الدولة و93 في المئة من إجمالي عائدات التصدير إذ لا يزال القطاع غير المعتمد على الطاقة متراجعا على الرغم من محاولات الحكومة إجراء إصلاحات. وانخفضت عائدات الطاقة بنسبة 26 في المئة في الأشهر الثلاثة الأولى من العام بسبب تراجع الإنتاج والصادرات وكذلك انخفاض أسعار النفط العالمية جراء تفشي فيروس كورونا الذي أثر على الطلب العالمي. وزاد ذلك من الضغط المالي، مما دفع الحكومة إلى خفض الإنفاق العام وإرجاء مشروعات استثمارية خططت لتنفيذها هذا العام في قطاعات رئيسية منها الطاقة.
الرئيس تبون يأمر باتخاذ إجراءات استعجالية لإنقاذ الوضع بعد انهيار أسعار النفط ترأس رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون بتاريخ 10 مارس 2020 بمقر رئاسة الجمهورية اجتماع عمل خصص لتقييم الوضع الاقتصادي للبلد غداة الانهيار الحاد لأسعار برميل النفط في الأسواق الدولية، بفعل تباطؤ الاقتصاد العالمي كنتيجة لانتشار وباء فيروس كورونا، والقرار أحادي الجانب الذي اتخذته بعض الدول الاعضاء في منظمة البلدان المصدرة للنفط (اوبيب) والقاضي ببيع انتاجها من النفط الخام بتخفيضات حادة جدا. وفي هذا الصدد، اعطى رئيس الجمهورية تعليماته لأعضاء الحكومة الحاضرين في الاجتماع من اجل اتخاد جميع الاجراءات اللازمة للحد من اثار هذا الظرف المضر بالاقتصاد الوطني وكذلك حتى لا يتأثر المواطن باي حال من الاحوال، سواء في مدخوله او في حياته اليومية. في ذات السياق وجه رئيس الدولة تعليمات لوزير المالية بان يقدم في أقرب وقت ممكن أول قانون مالية تكميلي بغية رفع بعض الاختلالات التي تضمنها قانون المالية لسنة 2020، ليتم ادراج اجراءات من شانها معالجة الاثار المالية الناجمة عن الازمة الحالية، وتحصيل الايرادات الجبائية والجمركية غير المحصلة كما تم تكليفه بتسريع مسار انشاء بنوك اسلامية خاصة واخرى.
المصادقة بالأغلبية على قانون المالية التكميلي 2020 صادق المجلس الشعبي الوطني بتاريخ 31 ماي 2020 بالأغلبية على مشروع قانون المالية التكميلي لسنة 2020 خلال جلسة علنية ترأسها سليمان شنين رئيس المجلس وحضرها عدد من أعضاء الحكومة. وصوت نواب تحالف حركة مجتمع السلم ونواب التحالف من أجل النهضة والعدالة والتنمية وعدد من النواب الأحرار ضد مشروع القانون فيما صوتت باقي التشكيلات السياسية المشاركة في جلسة التصويت ب "نعم". وتضمن نص المشروع خفض نفقات الميزانية إلى 7372.7 مليار دج مقابل 7823.1 مليار دج في قانون المالية الأولي ل 2020 بينما يتوقع انخفاض الإيرادات إلى 5395.8 مليار مقابل 6289.7 مليار دج في قانون المالية الأولي. ونظرا للتراجع الكبير في أسعار النفط الذي سجل خلال الأشهر الأخيرة، تم تخفيض السعر المرجعي لبرميل النفط في إطار مشروع القانون، الذي اقره مجلس الوزراء قبل حوالي أسبوعين من 50 دولار إلى 30 دولار فيما تم تخفيض سعر السوق من 60 دولار إلى 35 دولار. ومن بين 30 تعديلا طرح للتصويت، صادق النواب على 11 تعديلا أهمها تعديل المادة 19 من مشروع القانون والذي تقترح فيها الحكومة زيادة في الرسوم المفروضة على الاستعمال الأول في السير بالنسبة للسيارات السياحية ذات المحرك-بنزين وذات المحرك-ديزال، الجديدة المستوردة أو المقتناة محليا، حيث تمت المصادقة على مراجعة مستويات السيارات حسب سعة الاسطوانة ومراجعة مبالغ الرسم المطبقة عليها. كما تم تعديل المادة 34 التي تقترح فيها الحكومة إلغاء الخفض على الرسم على القيمة المضافة الخاص بالأنشطة السياحية إلى 9 بالمائة بدلا من 19 بالمائة، حيث صادق المجلس على تمديد العمل بهذا الخفض إلى غاية 23 ديسمبر 2021.
أنهت، الجزائروإيطاليا بداية شهر جويلية2020، سنتين من الخلافات والمفاوضات حول قضية تتعلق بمدة عقد تصدير الغاز الطبيعي عبر "حل وسط" يضمن مصلحة الطرفين. ووقع المدير العام لشركة سوناطراك النفطية الجزائرية توفيق حكار والمدير العام لشركة إيني الإيطالية كلاوديو ديسكالزي اتفاقاً لتجديد عقد تصدير الغاز الجزائري إلى السوق الإيطالية حتى عام 2049.
حزمة من الإجراءات لحماية القدرة الشرائية وإنقاذ الشركات المهددة بالإفلاس
ورغم التداعيات السلبية لجائحة كورونا وتراجع أسعار النفط التي كبدت الجزائر خسائر بنحو 10 مليارات دولار، فإن الحكومة اتخذت حزمة من الإجراءات التي وصفها الخبراء ب "الجريئة"، هدفت لحماية القدرة الشرائية للمواطنين، ولإنقاذ الشركات من الإفلاس. إذ تقرر إلغاء الضريبة على المداخيل التي تقل أو تساوي 30 ألف دينار ابتداء من مطلع جوان، ورفع الأجر الوطني الأدنى المضمون بزيادة ألفي دينار جزائري (15.64 دولار أمريكي) ليصبح 20 ألف دينار جزائري (220 دولارا أمريكيا) ابتداء من مطلع جوان، وكذا إلغاء نظام التصريح المراقب على المهن الحرة. كما رفعت معاشات المتقاعدين بنسبة 7 بالمائة، ومنحت تعويضات مالية لعدد من أصحاب المهن الحرة، بالإضافة إلى تجميد دفع ضرائب الشركات بهدف تخفيف آثار إجراءات العزل العام المرتبطة بفيروس كورونا على الشركات العامة والخاصة. لأول مرة في الجزائر…إطلاق نشاط الصيرفة الإسلامية رسميا
تم بتاريخ 04 اوت 2020 إطلاق نشاط الصيرفة الإسلامية رسميا على مستوى البنك الوطني الجزائري من خلال تسويق منتجات مطابقة للشريعة تحت إشراف الوزير الأول عبد العزيز جراد ووزير المالية أيمن بن عبد الرحمان. وقال السيد جراد بهذه المناسبة أن نشاط الصيرفة الإسلامية سيتم تعميمها على مستوى القطر الوطني حيث ستستفيد كل ولاية من ولايات الوطن من هذا النوع من المنتجات البنكية مضيفا أن الجزائر قد عرفت تأخرا في هذا المجال. وبعد أن أكد أن العمل بالصيرفة الإسلامية يدخل ضمن توجيهات الحكومة لتطوير المنظومة المالية وتنويع منتجاتها وخدماتها، لفت إلى أن الصيرفة الإسلامية سيتم العمل بها وتعميمها بشكل تدريجي بالاعتماد على طرق علمية ودقيقة في إطار مبادئ الشريعة وذلك لكسب ثقة المواطن، وأضاف أنه يمكن الاستفادة كذلك من تجارب البلدان الإسلامية التي سبقتنا في هذا المجال. قرارات هامة تخص الصادرات والاستثمار
ومن أبرز القرارات المتخذة في هذا الشأن، تحويل بين 10 إلى 12 مليار دولار من احتياطات الصرف لفائدة تمويل الاستثمار، وإحداث تغييرات على قانون الاستثمارات لجلب رؤوس الأموال الأجنبية في عدة قطاعات، بعضها تقرر فتحه للمرة الأولى أمام الخواص مثل النقل الجوي والبحري. كما تعول الحكومة الجزائرية على رفع صادرات البلاد خارج المحروقات إلى 5 مليارات دولار وتقليص الاعتماد على عائدات النفط إلى نحو 80 بالمائة. وإعادة النظر في الاتفاقيات الاقتصادية الثنائية خصوصاً مع الاتحاد الأوروبي ومنطقة التجارة العربية الحرة، ومراجعة الميزان التجاري للجزائر مع عدة دول، للحد من خسائر العجز في الميزان التجاري الذي يقارب ال 30 مليار دولار. وباشرت الجزائر أيضا إحصاء احتياطاتها من موارد طاقوية ومعدنية أخرى غير مستغلة بغرض الاستثمار فيها، بينها الذهب والفوسفات والنحاس والحديد وغيرها، للمرة الأولى في تاريخها، وفتح المجال أمام شراكات كبرى للمستثمرين الأجانب في معظم مناجم البلاد. وتقرر كذلك البدء في استغلال منجم الحديد بمنطقة "غار جبيلات" التابعة لولاية تندوف، وبعد من أكبر احتياطات العالم من الحديد، وكذا منجم الزنك والرصاص بمنطقة "واد أميزور" ببجاية، ومشروع آخر للفوسفات بولاية تبسة، مع الترخيص أيضا للمستثمرين المحليين باستغلال مناجم الذهب بمنطقة "جانت". وأعلن عن وقف عمليات استيراد الوقود والمواد المكررة خلال الربع الأول من 2021 لتعزيز الانتاج المحلي وخفض فاتورة الواردات، بشكل قد يوفر نحو 3 مليارات دولار. وقرر الرئيس تبون إعداد مراجعة شاملة ومعمقة لعملاق النفط "سوناطراك" وحصر ممتلكاتها وخفض عدد مكاتبها وموظفيها بالخارج وتقليص مناصب المسؤولية مع تخفيض موازنتها ب 50 بالمائة لبلوغ 7 مليارات دولار إضافية في خزينة الدولة. وأمر رئيس الجمهورية حكومته باسترجاع احتياطات الذهب المحلية التي باتت أموالاً مجمدة على مستوى الجمارك منذ أكثر من 4 عقود في الموانئ والمطارات، وإدراجها كاحتياطات وطنية محلية.
المصادقة بالأغلبية على مشروع قانون المالية لسنة 2021
صادق نواب المجلس الشعبي الوطني بتاريخ 17 نوفمبر 2020 بالأغلبية على مشروع قانون المالية لسنة 2021، خلال جلسة علنية ترأسها السيد سليمان شنين رئيس المجلس، وحضرها وزير المالية أيمن بن عبد الرحمان، وعدد من أعضاء الطاقم الحكومي. وهذا وقال السيد بن عبد الرحمان، عقب التصويت على قانون المالية في تصريح له أنه، من الواجب الحفاظ قدر المستطاع على القدرة الشرائية للمواطن، وحماية الطبقة الهشة والتأسيس لديناميكية استثمار ترفع من مستوى الإنتاج، وتعزز مساعي تنويع الاقتصاد. ويتوقع قانون المالية لسنة 2021 نمو الناتج الداخلي الخام الحقيقي بنسبة 4 بالمائة بعد انكماشه بنسبة 6ر4 بالمائة حسب تقديرات إقفال سنة 2020. وبخصوص النمو خارج المحروقات، فإنه يتوقع أن يبلغ نسبة 4ر2 بالمائة في عام 2021 و37ر3 بالمائة في عام 2022 و81ر3 بالمائة في عام 2023.
سجل سعر الصرف الرسمي للدينار مقابل العملات الأجنبية الصعبة تراجعا كبيرا في الأسابيع الأخيرة من سنة 2020، وفق ما هو معلن من طرف بنك الجزائر، موازاة مع بلوغ سعر صرف ورقة 100 أورو أكثر من 21 ألف دينار في السوق الموازية. ووفق بيانات بنك الجزائر خلال الأسابيع الأخيرة، فإن سعر صرف 1 دولار مقابل الدينار قد بلغ 132.22 دينارا للبيع و132.21 للشراء، بينما بلغ سعر صرف العملة الأوروبية الموحدة الأورو (1 أورو) إلى 160.38 للبيع، و160.41 للشراء. وتعتبر هذه المستويات قياسية، لم يسبق لقيمة العملة الوطنية أن بلغتها في تاريخها، وتأتي كتبعات للأزمة الصحية وما رافقها من انهيار في أسعار النفط، ومعها تقلص إيرادات البلاد من العملة الصعبة بشكل غير مسبوق أيضا، حيث تتوقع السلطات 23 مليار دولار كمداخيل إجمالية هذه السنة بالعملة الصعبة، بفارق 10 مليارات دولار عن السنة الماضية.