هكذا يدرجون الشباب الخطوبة ضمن دفتر قراراتهم الشخصية كانت فترة الخطوبة تتسم في الماضي بالشفافية و البساطة حيث أن المقاييس لشريك أو شريكة العمر تكاد تكون محصورة في النسب و الأخلاق و كذلك الستر كان طاغيا عكس اليوم أصبح الشباب اهتمامهم يقتصر فقط على المسائل الشكلية من تسريحة الشعر و الوجه و غيرها من الكماليات دون الغوص في الضروريات.تعد الأيام الأولى من الخطوبة مرحلة حساسة جدا في عالم الحياة الزوجية و لأن وسائل التثقيف حول هذه المرحلة في مجتمعنا قليلة جدا فيلجأ الشاب أو الشابة إلى الكتب و المواقع الإلكترونية فيجدون حتما مفارقات بين تلك المواقع و بين واقعنا الاجتماعي الذي نعيشه حيث أن العرف الاجتماعي يلعب دور هاما في مرحلة الخطوبة ، ففي الماضي كانت أسرة الشاب هي من تقوم باختيار شريكة حياة ولدها أو تفرض على أبنائها زوجة المستقبل، كما أن الشاب في الماضي لم يكن أن يلتقي الفتاة أو يراها قبل الزواج أما اليوم فالوضع تغير إذ أصبح الشاب غالبا ما يكون له القرار في اختيار شريكة حياته و حتى الشابات أيضا،توقفت يومية "الاتحاد" عند هذا الموضوع و قامت بدردشة مع بعض المواطنين من بعض مناطق العاصمة. الخطوبة بين الأمس و اليوم تغيرت تقاليد عرف الخطوبة بين الأمس و اليوم حسب "كل شيء تغير مع هذا الجيل تع دوك و يقولوا هذي هي الموضة..الخطوبة تع بكري فيها بنة خاصة و العروس فيها السر ماشي كيما اليوم.." ،هكذا بدأت حديثها الخالة "فاطمة الزهراء" و هي في العقد السابع من العمر من إحدى ضواحي العاصمة مع يومية "الاتحاد" ،و تضيف أنه في الماضي كان والد الخاطب يتوسط رجال المنطقة الكبار منهم و يذهبون للخطبة بعد الاستفسار عن نسب الفتاة و ذويها بحكم الشابات قديما كن لا يكثرن الخروج من المنزل إلا لحاجة ضرورية،فالفتاة كانت مصونة و محفوظة بكبريائها و كرامتها و إذا جاءها خاطب يطلبها من والدها أو أخوها الأكبر أو العم و بعدها يتحدثون مع والدتها التي تقوم بدورها بإخبار الفتاة التي كانت غالبا ما يكون ردها السكوت و الذي يقال عنه "السكوت علامة الرضا" و هي تضع الثقة العمياء في حسن اختيار والديها و بدون اعتراض،و الشاب كان لا يتقدم إليها بل لا يجرأ حتى على الكلام معها بدون أخذ الموافقة المبدئية من أهلها لينتشر الخبر بين الناس و تتعالى الزغاريد فرحا و ابتهاجا،و من ثم يأتي موعد عقد القران و الزواج دون مشاكل و لا يحظرني فتاة أعرفها قد أجبرت على القبول بالخاطب عنوة المهم أن كرامتها و شموخها و عزتها كانت مصانة و ليست كالولد الذي يتحمل طعن و جرح ألسنة الناس. "الأس أم أس " و اللقاءات من وراء الأهل أدخل شباب اليوم كل شيء عالم الموضة حتى عرف الخطوبة لم يسلم منها،فلا يكاد يخطب شاب شريكة حياته إلا و قضى معها مدة زمنية قبل موعد الخطوبة يكون أولها التعارف خارج البيت ثم الاتصالات الهاتفية و بعدها الرسائل القصيرة و كلام معسول و بعدها لقاءات كل ذلك من وراء علم الأهل طبعا ،و في هذا الصدد تقول السيدة "كريمة" من العاصمة أنه انقلبت الآية و أصبحت الفتاة في الآونة الأخيرة هي التي تصر و تترجى الشاب على التقدم الرسمي لخطبتها و هو يجد لها كل يوم عذر لتأجيل ذلك الموعد ،فلا تمر مرحلة ترسيم الخطوبة إلا و هما مخططان لحياتهما المستقبلية حتى أثناء مرحلة الشيخوخة و بالتالي يكون ذهاب أهل الشاب إلى بيت الفتاة ما هو إلا تحصيل حاصل كما قالت السيدة "هاجر" من العاصمة "إيروحوا الوالدين على عيون الناس برك" و تضيف أنه لا يستطيع أهل الشاب معارضة قراره اتجاه تلك الفتاة التي تكون قد ملأت عيناه جمالا فلا يهمها أصلها و لا فصلها و لا أهل الشابة حتى و إن كانت أخلاق ذلك الزوج لا تعجبهم. سم بطعم عسل قد يعجب الكثيرين من الشباب و الشابات بتلك الحضارة الغربية المزيفة التي هي كالسم بطعم العسل فلم تترك للمرأة كرامة فهذه الأخيرة هي من تركض وراء أشباه الرجال و تتحمل كل الأعباء و المشاكل الملقاة على عاتقها مع أهلها و لكنها في الأخير تجد ذلك الزوج الذي ضحت من أجله لا يقدرها خاصة إذا كان أهلها رافضين له في البداية فيمارس عليها نوع من التسلط و لا يترك كلمتها تعلوا على كلمته مثلما حدث مع أهلها حتى و إن كانت على صواب و هو على خطأ فتحترق بجحيم تكون قد أعدته بنفسها،هي نفس التجربة القاسية التي مرت بها السيدة "حياة" تقول أنها في مرحلة شبابها اليافع كانوا يأتوها الكثير من الخطاب لجمالها و علمها و أخلاقها التي كان يشهد عليها الجميع،فكانت كلما أخبرها والدها بواحد منهم إلا و تجد له عذر أو سبب تافه لرفضه لأنها كانت مع علاقة مع زوجها الحالي الذي كان لا يأجل في كل مرة موعد الخطوبة ما أدى إلى نشوب مشاكل بينها و بين والديها حيث وصلت في بعض الأحيان أنها لا تتكلم معهما لمدة طويلة بسببه و عندما تقدم لطلب يدها و بحكم أنه لم يكمل دراسته و لا منصب عمل راقي رفضه والده و لكنها تحدتهما و أصرت و بإلحاح على قبوله كونها هي من ستتزوج معه و تكمل بقية حياتها و فعلا كان لها ما أرادت و لكنها بعد الزواج اكتشفت أن الحب و الأحلام التي بنوها معا قبل الخطوبة لا تكفي وحدها لتحقيق السعادة بل يجب أن يكون الزوج ذو أخلاق و نسب و منصب عمل راقي و تضيف أنها أدركت مدى غلطتها بعد فوات الأوان،فعندما كانت تلجأ إلى والديها عند وقوع مشاكل بينها و بين زوجها يرفضون التدخل و يحملونها المسؤولية لأنها هي من قبلت به رغم رفضهم له مسبقا،إفترقنا مع "حياة" و هي تقول "أوصي كل فتاة أن تستشير أحسن استشارة أهلها في الزوج المستقبلي أثناء فترة الخطوبة لأنهما لا يريدان لها إلا الخير و الخير".