شكلت الأموال المتداولة خارج البنوك الرسمية، أحد المعضلات التي عانت منها الحكومات السابقة، بعد أن بقي شعار احتواء السوق الموازية حبرا على ورق، ما أثر بشكل سلبي على الاقتصاد الوطني، ودفع بالسلطات العمومية إلى البحث عن مصادر تمويل بنكية جديدة لتعزيز موارد الخزينة العمومية لمواجهة تقلبات أسعار النفط. ومثلت الصيرفة الإسلامية إحدى الحلول التي باشرتها الحكومة لاستقطاب أموال أصحاب الشكارة، حيث صوبت جهودها منذ حوالي سنتين نحو فتح نوافذ إسلامية لكبح تسرب الأموال خارج الجهاز البنكي للسوق الموازية. وتشير الإحصائيات إلى تقدم ملحوظ تشهده الجزائر في مجال التعاملات الإسلامية، حيث بلغت قيمة ودائع الصيرفة الإسلامية بالبنوك والمؤسسات المالية العمومية والخاصة 500 مليار دينار جزائري، (3.7 مليارات دولار) منذ إطلاقها في أفريل 2020 إلى نهاية أوت 2022. وكالات متخصصة … وباشرت عدة بنوك في مواكبة التوجهات الحكومية في مسعى الوصول إلى مستوى مقبول ومحفز للمعاملات الإسلامية، حيث افتتح مؤخرا البنك الوطني الجزائري أول وكالة متخصصة في الصيرفة الإسلامية شرق البلاد، وذلك في إطار استراتيجية البنك الوطني الجزائري الرامية إلى تنويع منتجاتها المصرفية وتوسيع شبكة وكالاتها البنكية الجوارية وتقريبها من المواطن وعرض منتجات الصيرفة الإسلامية بخدمات عصرية مطابقة لقواعد هذا النمط من التمويل. وباشر البنك الوطني الجزائري استراتيجية لعصرنة وتنويع منتجاته البنكية ومواكبة متطلبات الرقمنة وترقية التمويل الموجه للاستثمار ومختلف أنماط القروض التي تساهم في ترقية الرفاه الاقتصادي و الاجتماعي. ويأتي تدشين أول وكالة متخصصة في الصرفية الإسلامية بالبنك الوطني الجزائري ليعزز شبكة البنك الوطني الجزائري التي تعتمد هذا النمط من المعاملات البنكية لتكون دعما فعالا لمختلف الفاعلين الاقتصاديين على المستوى المحلي وتساهم في الحركية التنموية المحلية بخدمات صيرفة إسلامية تضع الزبون في مقدمة انشغالاتها، ويعتزم البنك الوطني الجزائري الذي يتوفر على ثماني (8) وكالات متخصصة في الصيرفة الإسلامية و 66 شباكا خاصا بهذا النمط من التمويل، تعزيز شبكته خلال السنة الجارية بفتح أربع (4) وكالات مماثلة إضافية ليرتفع بذلك عدد وكالات الصيرفة الإسلامية بهذا البنك إلى 12 وكالة. دعم المنتوج المحلي وتسعى الحكومة من خلال حث البنوك على فتح شبابيك خاصة بالصيرفة الاسلامية، لتشجيع دعم المنتوج المحلي من خلال تقديم منتجات مطابقة للشريعة الإسلامية، لاسيما المرابحة، وتجهز عدة بنوك نفسها لدخول مجال المنافسة في منح قروض بالصيغة الاسلامية، حيث اتاح القرض الشعبي الجزائري لزبائنه منحهم قروضا لاقتناء السيارات المصنعة محليا بالصيغة الإسلامية بالإضافة إلى القروض التقليدية، ومن شان صيغة التمويل الإسلامي لاقتناء السيارات أن تتيح بديلا أمام المواطنين الذين يرفضون التعامل بالقروض التقليدية، من خلال توسيع دائرة العروض التي سيستفيد منها زبائن البنك. ارتفاع في ودائع الصيرفة الإسلامية واستقطبت النوافذ الاسلامية التي خلقتها الحكومة، عددا من الزبائن نحو الاقبال على مختلف الصيغ التمويلية المتاحة، حيث بلغت قيمة ودائع الصيرفة الإسلامية لدى بنك الجزائر الخارجي 21 مليار دج، إلى غاية نهاية الأسبوع الماضي، و تمكن البنك خلال فترة وجيزة لم تتعد السنة ونصف السنة، بتحصيل 21 مليار دج من الودائع، لدى الأفراد والمؤسسات والمهنيين في إطار الصيرفة الإسلامية، حيث استقطبت منذ إطلاقه الرسمي لهذا النشاط في 30 ديسمبر2021، أكثر من 12 ألف و400 زبون، بفضل منتجاتها المصرفية العشر المطابقة للشريعة الإسلامية، والمصادق عليها من طرف الهيئات المخولة، عبر 60 شبا كصيرفة إسلامية موزع على كامل ولايات البلاد. ويتعلق الأمر بحساب الوديعة الإسلامي حساب التوفير الإسلامي" والحساب الجاري الإسلامي وحساب الاستثمار الإسلامي المطلق و المرابحة العقارية ومرابحة التجهيزات و مرابحة السيارات وإجارة المعدات والعتاد المتحرك و مرابحة السلع وتمويل السلم . ويعتزم بنك الجزائر الخارجي مواصلة توسيع شبكته لتوزيع منتجات الصيرفة الإسلامية ضمن خطته التنموية للعام الجاري، والتي تعتمد على تعميم الشبابيك الخاصة بهذا النمط من التمويل على المستوى الوطني, وتنويع باقة منتجاتها، كما سيتم طرح منتجات بنكية إسلامية جديدة، مبتكرة، لتمويل المؤسسات والأفراد والمهنيين، تضاف إلى المنتجات التي يتم تسويقها حاليا، بما في ذلك تسهيلات موجهة لاقتناء السيارات في انتظار بداية التصنيع محليا. تيغرسي ل "الاتحاد" ينغي ابتكار عمليات جديدة لاستقطاب الموارد المالية وصف الخبير في الشؤون الاقتصادية الهواري تيغرسي، توسيع خدمات الصيرفة الإسلامية في الجزائر خلال السنوات الأخيرة بالإيجابي، مشيرا إلى أنه سيساهم في استقطاب الأموال المتداولة في السوق الموازية، لذلك فإن كل المعاملات مرتبطة بمنظومة أكثر ثقة للمواطن، لافتا إلى وجود تطلعات لحلول أخرى ومرافقة أكثر للاستثمارات، ولذلك ينبغي ايجاد حلول ناجعة أكثر للأموال الموجودة في السوق الموازية التي تقدر حسبه ب 90 مليار دولار، أي إجمال ما يتم تداوله في السوق الموازية بالتقريب، كاشفا في اتصال مع الاتحاد أن ما تم استقطابه من طرف بنوك أطلقت خدمات مالية إسلامية في مدة لم تتجاوز السنة والنصف يقدر ب 21 مليار دينار، وعلى هذا الأساس دعا تيغرسي إلى ضرورة وضع حلول عملية لتعزيز التعاملات المالية بنصوص تشريعية، ترفع من سقف الثقة والأمان لأصحاب الأموال، ومن ثم ابتكار منتجات أخرى جاذبة تعزّز من عملية استقطاب الموارد المالية ومع ضرورة إعادة النظر في الفوائد، وجعلها تتناسب مع ما تطرحه خدمات البنوك الكلاسيكية، حيث أكد في هذا الشأن أن معدلات الربح المطبقة على مستوى خدمات البنوك الإسلامية؛ مرتفعة في بعض الحالات، مقارنة بنظيرتها على مستوى سوق البنوك الكلاسيكية، علما أن معدلات الفائدة بالنسبة لهذه البنوك والتي تعتبر في العديد من الحالات أقل من البنوك الإسلامية.