لطالما كان فصل الصيف موسما لجني الأموال بممارسة بعض المهن والنشاطات الموسمية الخفيفة ضمانا لهم دخلا إضافيا، يساعدهم على تحمل أعباء وتكاليف بعض الاحتياجات.. وها هو ذا موسم الأعراس يفتح المجال أمام العديد النساء الماكثات بالبيت للعمل بمهنة لطالما ارتبطت بهن جعلت من الكثيرات يخرجن إلى النور ويعشن حياة هادئة ومستقرة ماديا وهي صناعة حلويات الأعراس التي كانت في وقت سابق محصورة علي أصحاب المخابز حيث يتم تحضيرها إلي جانب الخبز.مع تزايد نسبة الأعراس وحلول فصل الصيف، بدأت الأسر المنتجة تستأنف نشاطها حيث تعمل على إعداد الحلويات بمختلف أصنافها بعد هطول الطلبات من قبل أصحاب الأعراس فهذه تختار تشكيلة من الحلويات التقليدية غير المكلفة كالفنيد، الغريبة، التشاراك العريان.. وتلك تختار ما هو عصري لتتباهى به أمام المدعوين كالبقلاوة، وقرن الغزال، والمشكلة، وفواكه اللوز بمختلف أنواعها لتتزين الموائد يوم العرس بأفخر الصواني والحلويات التي دخلت في طور المنافسة بين النساء، فأصبح الابتكار والتجديد السمة الأغلب على الحلويات... وكل حسب ميزانيته وقدراته.. أما العاملات في هذا المجال فيجدن من هذه المهنة سبيلا مجديا لمكافحة الأزمة الاقتصادية ونفقات البيت، ولمواجهة نفقات الأولاد التي ما فتئت تزداد يوما بعد يوم. "الشغل شطارة" والأساليب الترويجية عصرية هؤلاء السيدات ولجن عالم الشغل من أوسع أبوابه حيث باتت كل واحدة منهن تروج لصنعة يديها عبر مختلف الوسائل منهن من يضعن اعلانات في الجرائد، ومنهن من يتركن أرقام هواتفهن على الملصقات في الشوارع وآخر إبداعاتهن استخدام وسائل التواصل الاجتماعي "فايسبوك" وتخصيص كروت مطبوعة عيها أرقام هواتفهن وصور الحلويات التي ينجزنها، ويحظى بعضهن بالقبول والانتشار، ويهمش البعض الآخر، وفقا للمهارة التسويقية، والأفكار الإبداعية، والتجارب الشخصية، التي تشيد وتوصي بمنتجة دون أخرى.. 20 للحبة.. وشعاري في الحياة "البركة فالقليل" بعد انتشار سمعة حلوياتها المبهرة التي جعلت الكثيرات يحجزنها منذ أشهر، زارت الاتحاد منزل نبيلة ثلاثينية من بئر مراد رايس التي ما إن فتحت لنا ابنتها علياء الباب حتى قابلتنا نبيلة بيدها المملوءة بالعجين والتي بعدما رحبت بنا قالت: أنا أمتهن صناعة حلويات الأعراس منذ ثماني سنوات والابتكار في صنوفها وأشكالها جعلني مميزة عند زبائني خاصة وأن ثمن حلويات جد معتبر حيث أنني أطلب 20 دج للحبة، فشعاري في الحياة "البركة فالقليل" أما عن الدوافع التي جعلتها تختار هذا الطريق بالذات، فقد اختصرتها في العامل الاقتصادي، كما أنها عايشت صديقات لها والتغيرات التي طرأت عليهن بعد احتراف هذه المهنة وجعلها مصدر رزق لهن فظروف حياتهن تغيرت من الأسوأ إلى حسن، وأصبحن يكسبن الكثير من المال من وراء هذه الحرفة المربحة... كلما كانت الحلويات مصنوعة بدقة كلما كانت سمعتي طيبة أما ذهبية فأكدت أن المهنة تدر عليها ربح لم تكن لتجنيه لو أكملت مسيرتها التعليمية، حيث أنها دخرت من المال الذي كانت تجنيه من صنعها لحلويات الأفراح لتشتري منزلا بعدما كانت تنفق كل راتب زوجها على الإيجار ويبقى أطفالها جياع وعراة.. وتؤكد هذه السيدة أن مفتاح النجاح في هذا النوع من المهن يعتمد أساسا علي الدقة في المواعيد، وإتقان العمل بشكل جيد لأن الأمر يتعلق بسمعة العائلة "المعرسة". وكلما كانت الحلويات مصنوعة بشكل جيد كلما كانت الأصداء طيبة والناس راضين، وبالتالي سأكسب المزيد من الزبائن.. وعن تسعيرتها فتقول أنها تقدر 40 دج للحبة. لتفادي "التحرحيرة" أما فيما يخص الزبائن فقد قالت نضيرة أنها تفضل الحلويات الجاهزة لأن من له عرس لا وقت لديه وصنع الحلويات يتطلب يد العون كما أنه يخلق "التحرحيرة" في المنزل لذلك أفضل الجاهزة ليتسنى لي الوقت للاهتمام بأمور أخرى. اعتزلنا المخابز وتجاهلناها.. فأسعارها باتت لذوي الجيوب المنتفخة قالت ربيحة أنها اعتزلت حلويات المخابز لأن أسعار هذه الأنواع كانت في متناول الجميع قبل فترة بسيطة، ولكنه اليوم يشهد ارتفاعا كبيرا في الأسعار بشكل مبالغ فيه حيث أن جبة الحلوى ب 100 دج للواحدة فما بالكم إذا أردنا شراء ثلاثة أصناف ومن كل صنف 300 حبة؟ المجموع 90000 دج أما عندما أقصد واحدة من هذه النسوة والتي تقدر ثمن الحبة ب 50 دج فأنا أدفع 45000 دج وبالتالي أكون قد دخرت 45000 دج لأنفقها على ما تبقى من مستلزمات..وقالت أخرى نحن بطبيعتنا مجتمع لا تكاد يخلو أي من اجتماعاته ومناسباته الموسمية والاجتماعية والعائلية لذلك فالحلويات مرافقة لها دون شك، وذلك جعل أصحاب المحال المتخصصة يستغلون هذا الجانب أسوأ استغلال في رفع أسعار هذه الأنواع بشكل غير معقول مقابل تجاهل الجهات المعنية كبح جماح هذه الارتفاعات غير المبررة، وبالتالي تجاهلناهم نحن لنتجه لهؤلاء النسوة اللاتي يحضرن حلويات المناسبات بأسعار معقولة.. "احنا نحسبوا كلش".. بعد هذه التصريحات قصدت الاتحاد العديد من المخابز الجزائرية التي تمتهن صناعة حلويات الأعراس للاستفسار عما سلف ذكره حيث أكد مصطفى صاحب محل حلويات أنه يتم تحديد القيمة المادية للمنتج بعد حساب مجمل التكاليف التي تتعلق بالمنتج المراد بيعه، موضحا أنه يؤخذ بعين الاعتبار قيمة الماكينات المساعدة في التصنيع، إلى جانب حساب التكلفة المادية للأيدي العاملة المشرفة على التشغيل، وكذلك قيمة إيجار المحل، إضافة إلى حساب القيمة المادية للمواد الأولية المكونة للمنتج. .. وحتى الموقع الاستراتيجي للمحل يحسب ويقول فرحات خباز أن حلويات الأفراح تحتاج إلى عامل فني دقيق متقن لبعض الأدوات التي تعمل على إعداد نوع معين من أنواع الحلويات، وبالتالي فإن ذلك يؤدي إلى ارتفاع القيمة المادية للمنتج، وذلك لما يتطلبه هذا النوع من الآلات من توفير عامل متخصص بشكل يختلف فنيا وماديا عن أي عامل آخر، مشيرا إلى أن هناك اختلافا في تقدير ذلك من محل لآخر، وكذا الموقع الاستراتيجي للمكان له عامله أيضا..فيما أكد آخر انتشار الأسر المنتجة والصناعة المنزلية أثر على نسب إنتاج المخابز بشكل ملحوظ الذي صنفه في تدهور مقارنة بالأعوام السالفة.ومن حلواجية إلى أخرى ومحل إلى آخر لاحظنا الاختلاف الشاسع في الأسعار انطلاقا من 20 دج للحبة الواحدة عند الحلواجية إلى 100 دج للصاحب المحل خاصة وأنها بذات الجودة والمعيار والمقياس.. ليبقى السؤال مطروحا والرادع غائبا..