تكاد القعدات العائلية حول الحلوى تندثر من يوميات الأسر الجزائرية، حيث غابت ”لمة” نسوة العائلة وهن يحضّرن بشكل جماعي حلوى العرس، في جو بهيج وحميحي، بشكل يخفف الكثير من العبء عن أصحاب العرس، وتتوارث من خلالها تقاليد صناعة الحلوى نساء ماكثات في البيت يعوضن القعدات العائلية ويقدمن أطيب الحلويات الأمر الذي صار دارجا في الآونة الأخيرة، هو اقتناء هذه الحلويات جاهزة من المخابز أو من المحلات الخاصة، أو طلبها من نساء ماكثات في البيت اشتهرن بهذه الصنعة. لا تخلو ولائم وحفلات الجزائريين اليوم من الحلويات الجاهزة، سواء التقليدية أو العصرية، حيث يصادف المرء نوعا جديدا كل صيف، يكون في غالب الأحيان تقليديا أضفيت عليه لمسة عصرية، من حيث الشكل والمكونات. صارت صاحبة العرس تخصص ميزانية معتبرة من أجل اقتناء الحلوى الجاهزة، كما تخصص مبلغا آخر لشراء علب الحلوى، التي تختلف هي الأخرى من حيث النوع والشكل، وبالتالي التكلفة التي تمتد من10 إلى 500 دينار، وسعر الحلوى التي تطلبها يختلف حسب نوع المكسرات المستخدمة فيها من لوز وجوز وفستق.. إذ يتراوح سعر الحبة الواحدة بين 35 و 70 دينارا، وتجد المرأة نفسها مجبرة على اقتناء ما لا يقل عن أربعة أنواع في العلبة الواحدة. تقول صبرين، فتاة مقبلة على الزواج، ”رغم غلاء الأسعار والتكاليف الباهظة لحلوى الأعراس، فإن العائلات لا تتخلى عنها ولا تتخلى عن مظاهر البذخ فيها، كل ذلك من أجل التباهي والتفاخر”، وهو انطباع تشاطرها فيه صديقتها خديجة التي تقول:”.. بالنسبة لي، لن أكلف نفسي ولن أصرف على حلوى عرسي الكثير، وسأوفر المال كي أذهب في رحلة بعد زفافي”. والملفت للإنتباه أن أمر اقتناء حلوى الأعراس الجاهزة لم يعد حكرا على النساء العاملات اللواتي يشتكين دوما من ضيق الوقت، بل تعداه إلى النساء الماكثات في البيت، بحجة أن طلب الحلوى الجاهزة سيوفر عليهن مشقة صناعتها في المنزل، بالإضافة الى أنها حلويات مضمونة من حيث الشكل والذوق.. وهو الشيء الذي أنعش هذه التجارة وزاد من تفنن ”الحلواجيين” في إتقان وتنويع الحلوى حسب ميزانية الزبون. وفي هذا السياق، تقول السيدة نعيمة أنها تفضل شراء الحلوى جاهزة في كل المناسبات التي تقيمها في منزلها، مضيفة: ”أعرف سيدة تتقن صنع الحلوى، وفي كل مرة أقصدها تصنع لي الأنواع التي أطلبها حسب الشكل والنوع وحتى الحجم الذي أريده، ودائما أكون راضية عن عملها، حتى إني أقصدها في أيام العيد لتصنع لي بعض الأنواع”.قصدنا امرأة متخصصة في صنع الحلوى التقليدية، وسألناها عن هذه الحرفة، فقالت إنها تعمل في هذا المجال منذ سنوات، وكانت تصنع الحلوى في هولندا أين كان يقصدها المغتربون لتذوق الحلوى التقليدية، خاصة العرايش والدزيريات، التي لاقت شهرة كبيرة، وهي الآن في الجزائر لا تزال تمارس هذه المهنة في منزلها حسب الطلب، وتلقى طلبات عديدة خلال موسم الأعراس، وكذا حفلات الختان. وتضيف السيدة نبيلة أن أغلب الزبائن هم من معارفها.. لكن كل من يتذوق حلوتها سرعان ما يسأل عنها ويقصدها وقت الحاجة. وتقول السيدة نبيلة إن طلبات الزبائن لا تنتهي مع انتهاء فصل الصيف، بل تستمر حتى في شهر رمضان، أين يطلب منها صناعة الحلويات المعسلة على غرار البقلاوة ومقروط العسل وخبيزة القطايف، وما إن ينتهي شهر رمضان حتى تبدأ إعداد حلوى العيد حسب الطلب.