في إسرائيل 2017 باتت العنصرية سافرة جدا ورسمية ومن دون محاولات لتغليفها أو إخفائها بعكس ما كانت عادة في الماضي. ويستدل من محادثات اجرتها صحيفة «هآرتس» مع حراس يعملون مع شركة حراسة في المحطة المركزية للحافلات في تل ابيب، أنهم تلقوا أوامر بمطالبة كل شخص يحمل ملامح عربية بإظهار بطاقة هويته، واحتجاز كل من لا يحمل وثائق حتى وصول الشرطة حتى إذا لم يثر أي اشتباه. وينتهج هذا الإجراء ضد العرب بشكل يخرق الصلاحيات التي يمنحها القانون لشركة الحراسة. وقال أحد الحراس للصحيفة «لقد تحولنا الى صيادين للماكثين غير القانونيين»، فيما وصل الى «هآرتس» بلاغ خطي كتبه أحد المسؤولين عن حراسة المحطة المركزية، من قبل شركة «ابيدار للحراسة والخدمات»، وفيه يرفض انتقاد أحد الحراس لهذه التوجيهات ويأمره باحتجاز «كل ابن أقليات لا يحمل وثائق» حتى وصول الشرطة. وحين طلب منه الحارس فحص قانونية هذا الإجراء، رد عليه: «هذه هي الأوامر، أنا لا أحتاج الى أي استشارة قانونية». وقال أحد الحراس بقي محجوب الهوية إنه «يجري فقط فحص الناس الذين يظهرون كأبناء أقليات. المعاملة معهم مهينة ومذلة. يوجد هنا تنكيل، شماتة، رياضة. هذه رياضة صيد الماكثين غير القانونيين. الجهاز كله تجند لذلك والحراس يتنافسون فيما بينهم حول عدد الماكثين غير القانونيين والعرب الذين ألقوا القبض عليهم، كما لو أنهم كانوا حيوانات». واحتج الحارس على هذه التوجيهات أمام المسؤولين عنه في شركة «ابيدار» فتلقى بعد فترة وجيزة بلاغا بإبعاده عن العمل، بادعاء أنه غير ملائم للوظيفة بسبب مشاكل صحية. وقالت حارسة أخرى تركت العمل بسبب هذه الأوامر: «الأمر كان محرجا جدا بالنسبة لي. هذا كان يعني إيقافهم جانبا، ومطالبتهم بإبراز بطاقات الهوية، وإذا لم تكن معهم بطاقات، يجب استدعاء الشرطة. كانوا يقفون هناك لمدة نصف ساعة أحيانا، وأحيانا لمدة 40 دقيقة حتى تصل الشرطة». موضحة ان العمل لم يتوقف عن التفتيش على أبواب المحطة المركزية، «بل كنت أصعد الى الباصات، واتنقل بين المسافرين، وكل من يبدو لي أنه ابن أقليات كنت اقول له إن عليه إبراز التصريح، وإذا أخرج التصريح وتبين لي بأنه منتهي الصلاحية، فإنني أنزله من الباص واستدعي الشرطة. كان الأمر يعني التنقل مثل الأحمق، مثل الروبوت، والنظر في الوجوه فقط. الحارس الذي يعثر عن ماكث بدون تصريح يعتبر حارسا جيدا». وتحدث حارس آخر عن الفارق بين فحص اليهود والعرب، وقال: «الناس العاديون، ليس الماكثين غير القانونيين، نقوم بفحصهم بشكل عادي. أما الماكث غير القانوني فيجب ان أطلب منه التصريح لمعرفة من أين جاء. اما اليهود فيمكننا احتجازهم فقط إذا عثرنا معهم على سكاكين او أمور كهذه. لا نفحص وثائقهم ولا أي شيء آخر». وحسب الحارس فإنه يتم في يومي الأحد والخميس احتجاز بين 15 و20 فلسطينيا من دون تصاريح، وفي بقية الأيام يتم احتجاز حوالى خمسة فلسطينيين. وقال الحارس إنه لا يُطلب من الحرس كتابة تقارير حول الفلسطينيين الذين يتم احتجازهم. وأضاف: «إذا كان هذا شخص تعتقله الشرطة فإن لديها يومياتها التي تسجل فيها بأنها اعتقلته، أما الآخرون فلا يتم توثيق أي شيء عنهم». يشار إلى ان قانون «صلاحيات حماية أمن الجمهور» يحدد أنه يحق للحراس احتجاز شخص حتى حضور الشرطة، فقط إذا ساد الاشتباه المعقول بأنه يحمل سلاحا غير قانوني او ينوي استخدام سلاح بشكل غير قانوني. كما يسمح للحارس باحتجاز شخص إذا قام بعمل عنيف، او أنه يسود الخطر من إمكانية قيامه بعمل عنيف. وفي أعقاب تلقيه شكوى من أحد الحراس، توجه مركز «عدالة» القانوني الى المستشار القانوني للحكومة، والمحطة المركزية وشركة الحراسة، وطالب بمنع التفتيش على أساس عرقي واحتجاز الفلسطينيين الذين لا يحملون وثائق. وكتب المحامي فادي خوري في رسالته ان «هذه السياسة مرفوضة في جوهرها، لأنها تعتمد على الانتماء العرقي او القومي كدافع لزيادة الاشتباه»، مؤكدا على ان هذه السياسة والممارسات الناتجة عنها، تقوم على وجهة نظر عنصرية ويجب وقف استخدامها فورا». وأوضح انه على اي حال فإن حراس الأمن ليست لديهم سلطة لاحتجاز شخص فقط بسبب افتقاره الى الوثائق. وفي رده على توجه «هآرتس» قال ضابط الأمن في المحطة المركزية انه يجب التوجه الى «ابيدار». أما اوفير بوكوبزا، مدير الأمن في المحطة المركزية من قبل «ابيدار»، فقال إن «منظومة الحراسة في المحطة المركزية في تل أبيب تتلقى تعليمات من الشرطة الاسرائيلية باستجواب كل شخص عندما يشتبه في انه يحمل سلاحا غير شرعي او على وشك استخدام السلاح بشكل غير قانوني بغض النظر عن الدين والجنس والعرق».وحسب أقواله فإن «الفحص يعتمد على علامات السلوك والمظاهر المشبوهة. ويدعي أن مركز الأمن يقوم بتوثيق كل تقرير عن احتجاز شخص يحمل على جسده او بحوزته أداة يمكن استخدامها كسلاح، أو بدلا من ذلك، شخص لا يحمل بطاقة هوية، ويتبين بعد استجوابه انه غير مقيم في البلاد ولا يحمل تصاريح مناسبة، وطبعا يتم تبليغ الشرطة الإسرائيلية». ومضى في محاولة التعمية على حقيقة السلوك العنصري « وعلاوة على ذلك، فإننا لا نُفصل الترتيبات الأمنية في هذا المكان أو غيره لأسباب أمنية واضحة». في المقابل قالت الشرطة إن «صلاحيات حراس الأمن في محطة الحافلات المركزية (بما في ذلك صلاحيات الاحتجاز) مستمدة من قانون الصلاحيات من أجل حماية أمن الجمهور. يذكر انه في 2014 تم تعديل القانون وتوسيع الصلاحيات التي ترافق عمل حراس الأمن بموجب قانون ترخيص الأعمال. ومن بين الصلاحيات التي تم منحها لحراس الأمن، هناك أيضا صلاحية احتجاز شخص في حال القيام بفعل عنيف أو وجود نية لارتكاب أعمال عنف من جانبه.