لطالما تغنت الولاياتالمتحدةالأمريكية بأنها راعية لحقوق الإنسان وحاملة لواء الديمقراطية في العالم، إلّا أنَّ هذه المبادئ والأسس الأمريكية التي وضعها الآباء المؤسسون، أصبحت على المحك، ومدعاة للسخرية عام 2014، إثر الفضائح التي ارتكبت على يدي جهازي الأمن القومي والاستخبارات، وبعد أن طفت على السطح عدة قضايا كالممارسات العنصرية للشرطة الأمريكية، والفضائح الأمنية وتسريبات إدوارد سنودن، الموظف السابق في الأمن القومي الأمريكي، وتقارير تتعلق بعمليات تعذيب وقعت على يد عناصر من وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية (CIA). كانت سبباً في زعزعة هيبة أمريكيا في العالم وثقة مواطنيها بها في نفس الوقت. حادثة مقتل الشاب مايكل براون احتلت قضية الشاب الأمريكي الأسود، مايكل براون، الذي قتل على يد شرطي أبيض في ولاية ميزوري الرأي العام الأمريكي، وكشفت جملة من الممارسات العنصرية للشرطة الأمريكية تجاه السود، وفتحت معها أبواب تاريخ طويل من التمييز العنصري في البلاد. وقعت حادثة براون في 9 أوت الماضي حين قام ضابط الشرطة دارن ويلسون وهو أبيض البشرة بإطلاق ست رصاصات أردت الشاب براون قتيلاً. وفي نوفمبر، اندلعت موجة من الاحتجاجات في الولاياتالمتحدة على خلفية تبرئة هيئة للمحلفين بولاية ميزوري الشرطي المتهم، ما أدى إلى وقوع احتجاجات في عدة ولايات، تخللتها صدامات مع الشرطة، التي أفرطت في استخدام العنف ضد المتظاهرين، ووجهت العديد من منظمات حقوق الإنسان في العالم انتقادات لاذعة للولايات المتحدة، وقامت وزارة العدل بإجراء تحقيقات شاملة في ممارسات جهاز الشرطة، واضطر الرئيس الأمريكي باراك أوباما إلى اتخاذ مجموعة من الإجراءات بهدف تخفيف حدة التوتر، وتقليل ما أسماه ب عسكرة الشرطة الأمريكية . وشملت الإجراءات: تشكيل قوة خاصة لمتابعة تصرفات الشرطة تكون إحدى مهامها تقديم تقرير نهاية فيفري من العام القادم يلخص طرقاً لتقليل الجريمة وبناء الثقة بين المجتمعات المحلية والشرطة التي تخدمها. عمليات تعذيب للاستخبارات الأمريكية كشف تقرير صادر عن لجنة الاستخبارات في الكونغرس، في 9 ديسمبر الجاري، قيام عناصر وكالة الاستخبارات بعمليات تعذيب أثناء تحقيقاتهم حول مكافحة الإرهاب بعد أحداث 11 سبتمبر. وذكر التقرير أنَّ وكالة الاستخبارات أمدت البيت الأبيض والكونجرس ووزارة العدل ووسائل الإعلام والجمهور الأمريكي بمعلومات خاطئة، لتبرر عمليات التعذيب التي تقوم بها ضد معتقليها، من خلال فبركة معلومات تفيد القبض على إرهابيين، وإحباط عمليات إرهابية ضد أمريكا، ثبت عدم صحتها عند مراجعة تقارير وكالة الاستخبارات نفسها، وأنَّ جزءا من تلك المعلومات الخاطئة قدم للرئيس الأمريكي، في محاولة لتبرير برنامج استجواب المعتقلين عن طريق التعذيب. عرض التقرير تفاصيل احتجاز ما يقرب من 119 شخصاً خارج الولاياتالمتحدة، واستخدام أساليب استجواب قسرية، أوضح التقرير أنها بشعة ووحشية، كان من الواجب تجنبها. والتفاصيل التي يقدمها التقرير وإن كانت الأسماء والدول قد شطب منها بالأسود، إلا إنها تعطي صورة عن وكالة لم تتوان عن استخدام آية وسيلة. وفي 119 حالة فحصتها اللجنة لاحظت أن أحد المعتقلين ويدعى أبو زبيدة نال الحصة الكبرى من التعذيب وأساليب الوكالة، فقد قضى 12 يوما في صناديق الحجز، منها 29 ساعة في صندوق عرضه 21 إنشاً وعمقه 2.5 قدماً. وقال المحققون معه إنها الطريقة الوحيدة التي سيخرج منها بالكفن. ويقول التقرير إن بعض رجال (سي آي أيه) كانوا على حافة البكاء والشهيق للطريقة التي عُومل بها أبو زبيدة ، ويشير التقرير أن خمسة من المعتقلين تعرضوا لإطعام من فتحة الشرج. وفي حالة أخرى قضى أحد المعتقلين متجمدا من البرد بعد إجباره على الجلوس على البلاط البارد عاريا. وقام المحققون بتقييد يدي معتقل لعمود، واسمه رضا النجار وظل مقيدا لمدة 22 ساعة. كما يكشف التقرير عن الأموال التي أنفقت على تصميم برنامج التعذيب الذي قام به محللان نفسيان لم يكن لأي منهما تجربة مع القاعدة أو أي خبرة في مجال التحقيقات. ويظهر التقرير أيضا حالة من التعتيم التي مارسها ال (سي آي أيه)، حيث لم يكن الرئيس جورج بوش يدري ما يجري حوله، وتم تضليله وقام بإصدار تصريحات غير دقيقة. ولم يحصل الرئيس على أي تقرير من مدير الوكالة جورج تينيت أو أي من مساعديه على معلومات حول برنامج التعذيب المحسن، ولم يتم إبلاغه به إلا بعد تجربته على 38 معتقلا وذلك في 6 أفريل 2006. تسريبات إدوارد سنودن فضيحة لأمريكا أمام حلفائها تكشف الوثائق التي سربها موظف الاستخبارات الأمريكية السابق إدوارد سنودن والتي نشرتها صحيفة غارديان البريطانية، أن الولاياتالمتحدة قامت بالتجسس والتنصت على مكالمات مسؤولين كبار لحلفائها في الاتحاد الأوروبي كألمانيا وفرنسا وإيطاليا واليونان بالإضافة إلى البرازيل والمكسيك. كما كشف سنودن في وثائقه المسربة عن برنامج لوكالة الأمن القومي الأمريكية متعلق بمراقبة المكالمات الهاتفية ورسائل البريد الإلكتروني للمواطنين الأمريكيين، وهذه التسريبات كانت وضعت سمعة الإدارة الأمريكية ومصداقيتها على المحك داخليا وخارجياً. الهشاشة الأمنية للبيت الأبيض أذهلت عدة حوادث اختراق أمني للبيت الأبيض الذي من المفترض أن يكون المكان الأكثر أمناً في العالم، واختراق الحماية الشخصية للرئيس الأمريكي باراك أوباما، عندما تمكن رجل غريب يحمل سلاحاً بمرافقة أوباما في المصعد الكهربائي خلال زياته للمراكز الأمريكية لمكافحة الأمراض في ولاية أتلانتا، وقيام أحد المجندين السابقين بالقفز من فوق السياج الحديدي واجتياز الحديقة راكضاً نحو الباب الرئيسي، ودخل البيت الأبيض كأنه زائر. وحاولت شرطية منعه أفلت منها ودلف إلى البهو ومنه إلى الصالة الشرقية وكاد أن يدخل الصالة المجاورة، قبل أن يهرع الحرس ويلقي القبض عليه، وكان بحوزته سكيناً. في تلك اللحظة كان الرئيس أوباما قد غادر المكان مع عائلته قبل دقائق إلى كامب دافيد لقضاء عطلة نهاية الأسبوع. فضيحة أمنية موصوفة، لم يسبق أن عرف البيت الأبيض مثلا لها.