لم تعد تركيا الحليف التقليدي لأمريكا في حربها على الخطر الذي يأتي من الشرق، وقد سقط حائط برلين منذ أكثر من عشرين سنة، معلنا نهاية الحرب الباردة بين القطبين. ذلك ما اتضح في لقاء وزراء الدفاع والخارجية المنعقد بالعاصمة البلجيكية بروكسل، على هامش اجتماع الحلف الأطلسي. فكانت مسألة إشراك تركيا في صلب المناقشات، حسبما نقلته الصحف التركية أمس، مبرزة ''التحفظ'' التركي. وحاول الوزير التركي للدفاع، فقدي غونول، تفادي المصطلح. فيما أكد وزير الدفاع الأمريكي، روبرت غيتس، أن لا وجود ل''ضغط'' على تركيا في المحادثات. فمنذ وضع جهاز الدرع الصاروخي تحت وصاية الناتو لجلب تأييد الدول الأوروبية الواسع، وضعت تركيا تحت ضغط كبير، كون علاقاتها مع طهرانوموسكو تحسنت بشكل محسوس. ويعمل الأمين العام للناتو، فوغ راسموسن، على افتكاك موافقة تركية قبل قمة الحلف التي ستعقد في 19 و20 نوفمبر بلشبونة. يكمن الإشكال بالنسبة لتركيا في إقامة الدرع، في تفادي الخطر الذي تشكله إيران الصديقة وقد انتهت الحرب الباردة. ذلك ما يجعل قرار أردوغان، المتهم بالابتعاد عن الغرب، صعبا للغاية. وكانت تركيا، في إشارة أولى لذلك التحول، رفضت المصادقة على العقوبات الإضافية المفروضة على إيران في مجلس الأمن، واضعة هكذا نهاية للتحالف الضمني لعضو من الناتو. من جهة أخرى، تعمل موسكو على الاندماج في التكتل الغربي. هذا المشروع قد يأخذ شكله الثلاثاء المقبل، في اللقاء الذي سيجمع رؤساء روسياوفرنسا وألمانيا ليومين في شمال فرنسا. إذ يرى الرئيس الفرنسي أن اللقاء سيتناول نقاشا استراتيجيا ''في العمق'' ولو أن فرنسا تعتبر التطور ''هشا''، على ضوء العلاقات السيئة بين دول البلطيق وروسيا. وكانت فرنسا رحبت بحماس فياض بفكرة ''معاهدة جديدة أمنية'' صدرت من موسكو، وتنقل ساركوزي إثرها من فنكوفر الكندية إلى فلادفوستوك الروسية، داعيا إلى إنشاء ''فضاء اقتصادي إنساني وأمني مشترك''، بين روسيا والاتحاد الأوروبي. وأثنى ولفغانغ إشينجر، دبلوماسي ألماني يترأس ندوة ميونخ للأمن، على الفكرة، معتبرا أن روسيا لم تعد عدوا. ويرتقب أن يعلن الرئيس الروسي دميتري مدفيدف مشاركته في قمة لشبونة القادمة لوضع أسس عالم ''متعدد القطبية يبعد هيمنة طرف واحد''، حسب تصريح صدر عن الكرملين. غير أن فرنسا تعتبر أن الأمريكيين لا يمكن استخلافهم ''كما لا يمكن منع الأوروبيين من الحديث عن أمنهم'' حسب الإليزي.