مهرجانات مستنسخة ومستوى كارثي للعروض يتفق المهتمون بالشأن المسرحي، على أن الركح الجزائري يعاني من الفوضى ويسير وفق منحى تنازلي عاما بعد عام، رغم الأغلفة المالية الضخمة التي خصصت له بمناسبة وغير مناسبة. فالمسرح ابتعد عن التكوين والتفت إلى الترقيع والتلميع. ''الخبر'' فتحت أبوابها إلى عدد من المختصين في الشأن المسرحي، فكانت هذه الندوة. قال الأستاذ حبيب بوخليفة، خلال مشاركته في ندوة ''الخبر'' حول واقع المسرح الجزائري، أنه استبشر خيرا لما تم الإعلان سنة 2007 عن التحضير لست وخمسون عملا مسرحيا جديدا، إلا أن دار لقمان بقيت على حالها، ولم نشاهد من هذه العروض إلا اليسير، والكثير منها وبشهادة المختصين في هذا المجال لا تتوفر على أدنى المقاييس الفنية للعمل المسرحي، من حيث النص أو الديكور أو السينوغرافيا''. وإن كان البعض يرجع التأخر الذي يشهده المسرح الجزائري اليوم إلى الحالة العامة للمجتمع، جراء سنوات العشرية السوداء، التي أدت إلى هجرة الكثير من الأقلام والقدرات الفنية ورحيل العديد من المبدعين وتجميد الإبداع الفني والثقافي، إلا أن الأستاذ إبراهيم بركاتي، أستاذ التكوين المسرحي في موسكو، يرى أن الداء في المسرح متجدر ويعود لأسباب أخرى، منها التخلي عن سياسة التكوين التي اعتمدت سنوات السبعينات والثمانينات وانتهاج سياسة الترقيع والتلميع، حيث أضحى الاعتماد أكثر على الموهبة والمسرح الهاوي دون أسس علمية ومعرفية وأكاديمية''. كما تحدّث الأستاذ بركاتي عن الجانب الإداري وأوضح أن مهمة تسيير المسارح أوكلت لأناس لا علاقة لهم بإدارة العمل الفني، وهو العمل الذي يتطلب مستوى علمي معين واحترام دفتر شروط محدد، يعتمد على برنامج تتحقق فيه مجموعة من الأهداف المدروسة، كما هو معمول به في عدد من الدول. ويوافقه الرأي الأستاذ حبيب بوخليفة الذي يتأسف كون في الجزائر يتم تعيين مدراء المسارح على أساس المعرفة الشخصية أو على أساس الإرث التاريخي للشخص. موضحا أن أغلب الممثلين أو حتى عمال بالمسرح أصبحوا مدراء لمسارح وطنية وجهوية، وأصبح الأمر شبه لوبي أو عائلات حاكمة وأصدقاء وناد مغلق على نفسه، مع تهميش العديد من الأسماء التي تمتلك رصيدا معرفيا وفنيا في هذا المجال. ويرجع المشاركون في ندوة ''الخبر'' انخفاض مستوى الأعمال المسرحية في السنوات الأخيرة إلى ضعف الناشطين في العمل المسرحي، من مخرجين وممثلين وكتّاب النصوص المسرحية بسبب عدم اعتماد الأسس العلمية في تكوين وتدريس الممثلين حتى في المدرسة الوطنية للفنون الدرامية. واستاء الأستاذين بركاتي وبوخليفة، من مستوى طلبة قسم التمثيل والذين لا يملكون حتى المستوى العلمي والثقافي الذي تتطلبه هذه الشهادة، بينما في دول أخرى يعتبر من أصعب الشهادات.